كشفت مصر عن تفاصيل لأول مرة، تتعلق باتفاقية “تيران وصنافير” الموقعة بين القاهرة والرياض العام الماضي، تتضمن قبولا إسرائيليا بها، وتعهدات سعودية بالوفاء بالتزامات مصرية متعلقة باتفاقية السلام، وإشارة إلى اتفاق أردني لاحق.
جاء ذلك بحسب ما نشرته الجريدة الرسمية المصرية، أمس الخميس لنص قرار مصادقة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي (مؤرخ بتاريخ 24 يونيو/حزيران الماضي)، على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي وقع عليها البلدان في أبريل/نيسان 2016، والتي تضمت نقل السيادة على جزيرتي “تيران” و”صنافير” بالبحر الأحمر إلى السعودية.
وتدخل الاتفاقية التي أثارت رفضا واسعا في مصر، وفق أحد نصوصها حيز التنفيذ بتبادل الوثائق بين القاهرة والسعودية، الذي لم يعلن بعد عنه من الجانبين، على أن يتم العمل بها بأثر رجعي اعتبارا من 2 يوليو/ تموز 2017، وفق قرار وزاري مصري.
ويستعرض الإطار القرار الرئاسي وأبرز ما جاء فيه بخصوص “تيران وصنافير” في أربع نقاط رئيسية كالتالي:
أولا: القرار الرئاسي : مادة وحيدة.
نشر القرار الرئاسي، أمس الخميس 17 أغسطس/آب 2017، في 31 صفحة في أحد أعداد الجريدة الرسمية للبلاد (معنية بنشر الوثائق والقرارات الرسمية).
وجاء القرار في مادة وحيدة فقط يؤكد الموافقة على الاتفاقية والخطابات المتبادلة بشأنها مع التحفظ بشرط التصديق، منوها لموافقة البرلمان على الاتفاقية في 14 يونيو/ حزيران 2017.
ثانيا: الاتفاقية تنتظر تبادل الوثائق واتفاقا أردنيا لاحقا
تلا نص القرار الرئاسي، إدراج نص آخر تفصيلي عن الاتفاقية باللغة العربية، يتضمن “اتفاقا” على تعيين الحدود البحرية بين مصر والقاهرة، بتوقيع رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، والأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، آنذاك، وولي العهد الحالي.
وأبرز ما جاء في نص الاتفاقية هو الإشارة إلى وجود اتفاق لاحق مع الأردن على نحو التالي :”يبدأ خط الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية من نقطة الالتقاء المشتركة للحدود البحرية المصرية السعودية الأردنية في خليج العقبة والتي سيتم الاتفاق عليها لا حقًا بين الدول الثلاث”.
ولم تحدد الدول الثلاثة تفاصيل أخرى بشأن اتفاق الأردن، ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من عمان بشأن هذه الخطوة.
ويتم التصديق على الاتفاقية” وفقًا للإجراءات القانونية والدستورية في كلا البلدين، وتدخل حيز النفاذ من تاريخ تبادل وثائق التصديق عليها، على أن تخطر الأمم المتحدة بها لتسجيلها”
ووافق مجلس الشورى السعودي على الاتفاقية في أبريل/ نيسان 2016، والحكومة المصرية في ديسمبر/ كانون أول 2016، والبرلمان المصري في يونيو / حزيران 2017.
بينما في مصر هناك صراع قضائي قائم لم يحسم بعد، وتنظره المحكمة الدستورية العليا، أعلى محكمة بالبلاد، بين طرفين، أحدهما يضم محامين معارضين حاصلين على أحكام من القضاء الإداري أعلى محكمة طعون إدارية بمصرية الجزيرتين، في مقابل طعون حكومية تؤكد سعوديتها.
ثالثا: الخطابات السبعة بـ 5 مبادئ و3 تعهدات
شمل القرار الرئاسي 7 خطابات رسمية، تضمنت 5 مبادئ و3 تعهدات بارزة من مصر والسعودية، وموافقة إسرائيلية
** 3 خطابات تأكيد واعتراف
تضم الخطابات الثلاثة التي جاءت على التوالي، في أعوام 1988، و1989، و1990، خطابين من الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية السعودية آنذاك، إلى أحمد عصمت عبد المجيد، نائب رئيس الوزراء، وزير خارجية مصر، وخطاب آخر من الأخير إلى الأول.
والخطابان السعوديان، تضمنا إشارة إلى تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، استندا إلى سماح المملكة في عام 1950 بإدارتهما من جانب القاهرة لتعزيز الموقف المصري ضد إسرائيل وتواجدها الاحتلالي آنذاك، وطلب عودة الجزيرتين بعد أن انتهت أسباب الإعارة، في إشارة لانتهاء الاحتلال الإسرائيلي لمصر.
فيما رد المسؤول المصري في الخطاب الثالث والأخير، يؤكد فيه أن بلاده تقر بسيادة جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، مشيرا إلى وجود التزامات مصرية بشأن اتفاقية السلام، طالبا بقاءهما تحت الإدارة المصرية، بصفة مؤقتة إلى حين استقرار الأوضاع في المنطقة.
ووفق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، عام 1979، تشرف قوات دولية متعددة الجنسيات على الجزيرتين، الواقعتين على مدخل خليج العقبة، الممتد من البحر الأحمر ويفصل بين دول عربية، بينها مصر والسعودية والأردن، حتى حدود إسرائيل الجنوبية الغربية.
ووضعت الجزيرتان، وفق الاتفاقية، ضمن المنطقة “ج” المدنية، التي لا يحق لمصر وجودًا عسكريًا فيها مطلقًا، لكن ذلك لا ينفى أن تمارس سيادتها على الجزيرتين.
** 5 مبادئ
وفي 8 أبريل/ نيسان 2016، جاء الخطاب الرابع من الأمير محمد بن سلمان، لرئيس وزراء مصر، يؤكد التزام السعودية بالقانون الدولي، وفق 5 مبادئ.
المبدأ الأول : التعامل مع مضيق تيران بوصفه مجرى مائيا دوليا مفتوحا، دون أي معوقات أو عقبات، والحفاظ على الترتيبات والممارسات المعمول بها في المضيق، كما تلتزم بحق المرور عبر خليج العقبة أمام كافة الدول.
المبدأ الثاني: لن يتم استخدام جزيرتي تيران وصنافير في دعم أو تخطيط أو تنفيذ أي عمل عسكري.
المبدأ الثالث : قصر الوجود الأمني في الجزيرتين على الأجهزة الأمنية غير العسكرية، بما في ذلك حرس الحدود.
المبدأ الرابع: الاتفاق على ترتيبات بين السعودية ومصر فور توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلد، تتضمن الأحكام المتعلقة بمهمات القوات متعددة الجنسيات والمرافقين في شأن الجزيرتين، بما يكفل تحقيق الهدف من وجودها، ويعمل بتلك الترتيبات من تاريخ نفاذ الاتفاقية.
المبدأ الخامس : التعاون والتنسيق بين مصر والسعودية لإنفاذ الالتزامات المتصلة بهما في مضيق تيران، كلا فيما يخصه.
** 3 تعهدات
بتاريخي 8 مايو/ آيار 2016، و18ديسمبر/ كانون أول 2016، أرسلت مصر خطابين يحملان توقيع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصفته وزيرا للخارجية، يطلعه على3 تعهدات بخلاف رد الأخير في 19 ديسمبر/ كانون أول يؤكد موافقته على الاتفاقية.
التعهدات الثلاثة المصرية وفق الخطابين تشير إلى التزام القاهرة بمعاهدة السلام، وكذلك السعودية بترتيبات نقل السيادة دون مساس بالمعاهدة، وعدم التعديل على اتفاقية “تيران وصنافير” إلا بموافقة إسرائيلية مسبقة.
بينما جاء الخطاب الثالث يحمل موافقة إسرائيلية على الاتفاقية.
رابعا : إحاطة برلمانية وقرار وزاري وتأييد رئاسي
تضمنت ملحقات القرار الرئاسي، إحاطة برلمانية من رئيس البرلمان المصري، على عبد العال، بالموافقة على الاتفاقية.
بخلاف نشر تأييد رئاسي للتصديق على الاتفاقية، بدأه السيسي، بعبارة باسم الشعب وأنهاه قائلا :”نقبلها ونؤيدها ونُصدق عليها”.
وجاء آخر ملحق للقرار الرئاسي، يتضمن قرارا وزاريا، من سامح شكري، يشير إلى أنه سيبدأ العمل بالاتفاقية بتاريخ 12 يوليو/ تموز 2017، أي بأثر رجعي، دون تقديم أسباب لذلك
والسعودية هي أكبر داعم اقتصادي وسياسي للسلطات المصرية منذ أن أطاح الجيش، حين كان السيسي وزيرًا للدفاع، في 3 يوليو/ تموز 2013، بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، والمنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد مرور عام واحد من ولايته الرئاسية.
عذراً التعليقات مغلقة