وجد ديفيد كازليت نفسه بشكل متزايد بالأخبار القادمة من سوريا – حيث اعتاد مشاهدة نشرة الساعة العاشرة مساء – بفزع متزايد أعرب عنه قائلا: ” كان الرعب متجسداً في مشاهدة تفجير المشافي وقتل الأطفال، وإدراجها ضمن فقرات الأخبار، لقد انتابني شعور بالعجز الكامل”.
لعل أغلب الناس قد ترادوهم مشاعر مشابهة بالعجز جرّاء مشاهدة هكذا لقطات كارثية لمناطق ترزح تحت ظل الحرب، لكن ردة فعل كازليت كانت غير مألوفة، فقد قرر تأليف ترتيلة جنائزية تعود عليه بالمال ليتم تقديمه للجمعيات الخيرية في سوريا.
يصف كازليت هذه المقطوعة بأنها مرثاة شخصية موجهة للأبرياء المحاصرين في الرعب.
بعد عام من انطلاقها تحت عنوان “قداس من أجل حلب” كان انتشارها كالنار في الهشيم، وتم عرضها للمرة الأولى في مسرح “سادلرز ويلز” في لندن، وتجاوزت عائداتها ال 80000 يورو، وتم تكريسها بمعظمها لتدريب المعلمين في سوريا.
كما تم ترشيحها لنيل جائزة “أمينستي الدولية لحرية التعبير” في إدنبرة.
تسلط هذه المقطوعة الضوء على الموروث الثقافي الحلبي، ويظهرُ أثر العربية، المسيحية، البربرية، واليهودية، جلياً فيها، كما تضم كلمات من قداس مسيحي بموسيقى كورالية، بالإضافة لأبيات من الشعر القديم.
قام بأدائها كل من “جوليانا يزبك” و “عبدالسلام خير” ، وتخللها أصوات لسكان من حلب تصف القتال الذي شهدته المدينة، وهربهم مما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية يشهدها عصرنا.
تم جلب “جايسون ماينا” المتخرج حديثاً من مدرسة “رامبيرت” للباليه، بالإضافة لفريق مؤلف من 12 راقصاً و راقصة لأداء رقصة تعبيرية معاصرة من شأنها أن تستحضر المعاناة السورية والفوضى التي عاثتها الحرب، وتم تخصيص ريع بطاقات الحفلة لإغاثة سوريا.
أعرب كازليت _ الذي لم يزر سوريا سابقاً _ عن قلقه حيال العدد الكبير من السوريين الذين حضروا العرض في لندن قائلاً: “لقد كنت غاضباً للغاية من انزياح الحق عن الناس الذين تعرضوا لكم هائل من الألم.، كنت قلقاً حيال أن يسألوا من أكون، أنا الذي لم أذهب إلى سوريا من قبل، وكيف لي أن أسرق ماضيهم القريب وأصنع منه شيئاً؟.. لكنهم كانوا إيجابيين بشكل لايصدق، مما منحنا القدرة على أن نعطيهم صوتاً يشعرهم بأن جزءاً من قصتهم قد سُمع”.
- ترجمة: حرية برس – رانيا محمود
عذراً التعليقات مغلقة