توحي عملية التحشيد المستمرة على الحدود العراقية السورية من المحور الشمالي للعراق، جهة محافظة نينوى، لمليشيات “الحشد الشعبي”، لليوم الخامس على التوالي، بأن تحرّكها أبعد من مجرد خطوة للسيطرة على ثلاث قرى حدودية تابعة لقضاء البعّاج، غرب الموصل، والتي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش”. فقد بلغ عدد عناصر “الحشد” هناك نحو 30 ألف مسلّح، برفقة وحدات من الحرس الثوري الإيراني ومجاميع خاصة من الباسيج ومستشارين لبنانيين، يتبعون حزب الله، فضلاً عن مليشيا “فاطميون”، حسبما كشف قياديون في “الحشد”.
وتتركّز المليشيات حالياً على مساحة تبلغ 27 كيلومتراً، تبدأ من قرية أم جريص الحدودية، وتمتد بطول 12 كيلومتراً لترتبط مع قرى جبل سنجار، ثم تعود لتلف نحو طريق خويبرة السوري، والذي يعتبر طريق ربط العراق مع سورية من جهة الحسكة. وبحسب مصادر عسكرية عراقية، فإن مليشيات الخراساني والنجباء وبدر والبدلاء والإمام علي والعصائب، هي من تمسك زمام الملف هناك، لا الجيش العراقي. وتُظهر أسماء تلك المليشيات مدى أهمية العملية، إذ جرى انتقاء الفصائل الأقرب والأكثر تبعية لإيران للمشاركة فيها.
بدوره يشير مسؤول حكومي إلى أن “رئيس الوزراء حيدر العبادي أمر بسحب المليشيات من الشريط الحدودي مع سورية وأبلغهم رفضه الانتقال إلى داخل المناطق السورية، إلا أنه من الواضح أن المليشيات لم تعر أمر العبادي أو طلبه أي اهتمام”. ويلفت في حديثٍ لـ”العربي الجديد” إلى أنه “في اجتماع 23 مايو/ أيار الماضي تمّ الاتفاق على أن يبدأ الهجوم بشكل مشترك مع قوات الجيش، وبترتيبٍ مع قوات التحالف الدولي، بسبب مساحة الحدود الكبيرة (620 كيلومتراً) إلا أننا فوجئنا بوصول سليماني والحرس الثوري إلى المنطقة الحدودية”.
وكان العبادي قد ذكر يوم الأحد أنه “لا نريد لقواتنا وأبنائنا أن يشاركوا بالقتال خارج الحدود، ولا نريد زعزعة أمن الدول، فدستورنا لا يسمح بذلك”. وذلك خلال لقائه مجموعة من رجال الدين في بغداد. بدوره، أعلن القيادي الأبرز في المليشيا المدعومة من إيران هادي العامري، يوم الثلاثاء الماضي، أنه “ستتمّ مواصلة التحرك على طول الحدود لحين تأمينها”، ملمّحاً إلى إمكانية عبورهم الحدود إلى سورية وبدء القتال هناك.
أما الزعيم القبلي في محافظة نينوى، فواز سعيد الجرنان، فيعتبر في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “إيران بات بإمكانها نقل ما تريد، عبر طريق تم تأمينه ويبدأ من بلدة قصر شيرين الحدودية مع ديالى، تحديداً مدينة كلار، ثم بعدها إلى بلدات كفري وطوزخورماتو، ثم إلى سلسلة جبال حمرين، وصولاً إلى تلول الباج في محافظة نينوى، ثم الحضر ومنها إلى عين شمس شمال غربي تلعفر، فالبعّاج ثم أم جريص، بطول يصل إلى نحو 400 كيلومتر، حتى الوصول إلى أولى المدن السورية التي تُسيطر عليها بطبيعة الحال وحدات كردية متفاهمة مع إيران ونظام الأسد”.
ووفقاً للشيخ الجرنان فإنه “من المتوقع أن يتحوّل ملف الحدود إلى أزمة جديدة ذات بعد إقليمي قومي وطائفي، خصوصاً مع عمليات تهجير العرب من المناطق الحدودية، بزعمٍ بأنهم حواضن داعش”. ويكشف بأن “360 قرية عربية أخذها الأكراد (البشمركة وحزب العمال الكردستاني)، والآن عشرات القرى المماثلة تُبتلع بشكل تدريجي من المليشيات الموالية لإيران”.
من جهته، يُشير المتحدث باسم مليشيات “الحشد”، أحمد الأسدي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الحشد الشعبي لم يتحرّك إلى داخل سورية، رغماً عن الحكومة العراقية ولا يمكن مخالفة أوامر بغداد، لكن بالتأكيد سيكون الحشد مستعداً للتحرّك داخل سورية في حال جرى أي تنسيق بين دمشق وبغداد بهذا الشأن”.
المسؤول العسكري الكردي لمحور سنجار غرب الموصل قرب الحدود مع سورية، آوات رحيم، يفصح لـ”العربي الجديد” عن أن “المعلومات تؤكّد وجود تنسيق بين حزب العمال والمليشيات على مقربة من جبل سنجار، وهم يتحالفون بطريقة ما، ومن الواضح أن التحالف ليس موجّهاً لتنظيم داعش، والذي بات بعيداً عنهم وضعيفاً، لكنه موجّه للأكراد ولتركيا بالدرجة الأولى”. ويحذّر من أن “أي عملية تجاوز أو تحرك غير مريح سيتم الرد عليه عسكرياً، ولن نسمح بتمرير مخططاتهم”.
كذلك يكشف القيادي في الحزب الديمقراطي، حميد باكوزي، أن “العمال الكردستاني سلّم منطقة خانصور ومناطق حدودية أخرى مع سورية للحشد الشعبي، بهدف تأمين ممر بري، وبالفعل تحقق لهم ذلك. كما أن الطيران الأميركي انسحب من المنطقة منذ أيام”.
- المصدر: العربي الجديد
عذراً التعليقات مغلقة