محمود بكور – حرية برس
تحتل سورية مرتبة مرموقة بين الدول المنتجة لزيت الزيتون والذي يعد من أجود أنواع الزيتون في العالم، فيما تمتاز الأراضي السورية بخصوبة تربتها مما يجعلها بيئة خصبة لزراعة الزيتون.
وتشتهر محافظة حمص كباقي المحافظات السورية بزراعة الزيتون لا سيما الريف الشمالي. وقد تأثر انتاج الزيتون بشكل كبير في السنوات الخمس الماضية وتراجع الانتاج نحو 50 بالمائة بسبب الحرب وهجرة الفلاحين لأراضيهم، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها:
معظم المناطق في ريف حمص الشمالي الخارج عن سيطرة الأسد تحيط بها سلسلة قرى تابعة وموالية للأسد ومنها لإيران، وتعد هذه القرى منطلق الهجمات على المدن الثائرة، مما اضطر الفلاحين لهجرها خوفاً من استهدافهم بشكل مباشر كما حصل العام الفائت، حيث أطلقت المليشيات الطائفية المتمركزة في قرية المشرفة عشرات القذائف على مزارعين كانو يحاولون قطاف مواسم الزيتون من حقولهم القريبة من قرية المشرفة، وقد استشهد حينها ثلاثة أشخاص وجرح عدة آخرون، في إشارة إلى أن المليشيات الطائفية تحاول تضيق الحصار على المحاصرين ومنعهم من الاقتراب والدخول الى حقولهم. كما لقي عشرات الأشخاص حتفهم نتيجة استهدافهم المتعمد من قبل المليشات الطائفية أثناء محاولتهم جني محصول الزيتون.
وتحتاج أشجار الزيتون إلى الري بشكل دوري وهذا مايجعل المزارعين غير قادرين على سقاية أشجارهم بسبب شح و غلاء أسعار المحروقات كما تحتاج أشجار الزيتون الى حراثة الارض كل عام أكثر من مرة ايضاً، هذا الأمر يسبب عبئاً على كاهل المزارعين والسبب ذاته غلاء وشح مواد المحروقات.
النقص الحاد في الأسمدة والأدوية مما أدى الى انتشار الأمراض التي ضربت أشجار الزيتون وألحقت بها أضرار جسيمة بسبب انتشار البارود والدخان التي تصدر القنابل الفوسفورية وقذائف المدفعية التى تستهدف حقول الزيتون بشكل متكرر.
في لقاء لحرية برس مع “اسماعيل أبو ابراهيم” أحد المزارعين في مدينة تلبيسة أكد لنا أنه يملك أكثر من ألف شجرة زيتون قبل بدء الثورة كانت تؤمن قوت يومه ولعائلته المكونة من 10 أفراد طيلة العام.
وفي منتصف 2013 بات من المستحيل أن الوصول لأرضه بسبب انتشار القناصات على أسطح منازل قرية الأشرفية الموالية لإيران، وقال انه حاول مرارٍاً الدخول لأرضه ويلقي نظرة وقد تفاجئ في إحدى المرات أن أغلب الأشجار في أرضه غير موجودة أو يابسة ومحروقة، بسبب الأعمال الاجرامية التي تقوم بها المليشيات الطائفية في هذه القرية من سرقة وحرق الأشجار، وقال في حديثه قال: “إننا كنا جيران مع سكان قرية الأشرفية وكنا نتقاسم مياه الري ونزور بعضنا بين الحين والآخر دون أي ذكر للطائفية إلا أنهم غدروا بنا متناسين عشرة الأعوام واختاروا أن يكونوا بقعة سوداء في محيط يلهب الثورة.
ومن أسباب تراجع إنتاج الزيتون تعرض أشجار الزيتون للقص والقطع واستخدامها كمورد أساسي في الحياة اليومي واستخدام أخشابها للطهي كبديل عن الغاز الذي منعته قوات الأسد عن المناطق الخارجة عن سيطرتها فيما تستخدم الأخشاب كمادة أساسية للتدفئة في ريف حمص الشمالي بسبب ارتفاع أسعار المحروقات ومواد التدفئة وفقدانها في معظم الأوقات.
وفي لقاء مع المزارع حسن أبو عمر الذي فقد بستانه البالغة مساحته 50 دونم والمزروع بأشجار الزيتون المنتجة، قال إنه كان ينتج الأطنان من الزيتون والزيت، الا ان قوات الأسد جعلت من بستانه معسكراً لها وأقامت فيه المتاريس واقتلعت أشجار الزيتون والعنب وجعلت من أرضه مرابض للمدفعية التي تقصف المدنيين في ريف حمص الشمالي.
الزيتون من أهم الموارد الغذائية والمالية للسكان في ريف حمص الشمالي وساعد بدور رئيسي في تخفيف وطأة الحصار والمساهمة في تأمين موارد غذائية للسكان المحاصرين.
عذراً التعليقات مغلقة