قلب سوريا النابض.. هل تعود حمص كما كانت؟

فريق التحرير 22 يوليو 2025آخر تحديث :
ساحة الساعة في حمص

فتاة سحلول – حرية برس

حين تُذكر حمص، يقفز إلى الذهن اسم مدينة كانت يومًا ما القلب التجاري والروحي لسوريا، مدينة تقاطع الطرق والثقافات، حيث كانت الجوامع تعانق الكنائس، والأسواق الشعبية تضج بالحياة، والمقاهي القديمة تروي حكايات العابرين، لكن هل تعود حمص كما كانت قبل أن تعصف بها الحرب وتُبدل ملامحها إلى الأبد؟

من مدينة الثورة والشهداء ومدينة الدمار

في عام 2011، كانت حمص من أوائل المدن التي انتفضت، فدفعت الثمن باهظًا، أحياء مثل بابا عمرو، باب سباع، جورة الشياح، الخالدية، والقصور تحولت إلى ساحات معارك طاحنة عشرات الآلاف من العائلات نزحت، عشرات المساجد دُمرت، والأسواق أُغلقت لأعوام.اليوم، يعود بعض من أهلها، لكن المدينة لا تزال تحمل ندوبها فهل يكفي الترميم لإعادة الروح إلى المكان؟

إعادة إعمار بطيئة.. ومليئة بالأسئلة

تُعلن السلطات عن مشاريع لإعادة الإعمار، لكن الواقع في الميدان يقول غير ذلك فالأحياء المدمرة ما زالت على حالها، والبنية التحتية منهكة الأهالي الذين هُجروا لا يملكون ثمن العودة، ولا يرون أملًا في الخدمات الأساسية.

تقول أم عبدو، إحدى العائدات من مخيمات الشمال السوري مؤخرًا لحرية برس :”رجعت على بيتي بالخالدية، بس ما في كهربا، ولا مي، ولا مدرسة لأولادي”،

وتضيف: “مو ناقصنا بس حيطان، ناقصنا حياة”.

مدينة مهمَّشة.. خارج أولويات الدولة

رغم كل ما عانته حمص، لا تبدو ضمن أولويات السلطة المركزية أو الجهات الدولية لا مشاريع جدية لإعادة إعمارها، ولا خطط واضحة للنهوض بخدماتها الأساسية المشروعات التي تُعلَن غالبًا ما تبقى على الورق، أو تُنفذ بطريقة ارتجالية لا تلبي احتياجات السكان.يقول أحمد الحواري ، أحد السكان في حي البياضة، عائد من مخيم الزعتري ،لحرية برس:”من وقت رجعنا من النزوح، ما شفنا مسؤول واحد مرق من هون”.

ويضيف: “كلشي عم ينبنى بالعاصمة أو الساحل، وحمص منسية ومهمشة كأنها ليست موجودة”.

الاستياء الشعبي في تزايد، خاصة مع الشعور بأن المدينة تُستخدم فقط كرمز، دون تقديم أي دعم حقيقي للمواطنين هذا الغضب الصامت مرشّح للانفجار، إذا استمرت سياسة الإهمال والتجاهل.

اقتصاد مأزوم وغلاء فاحش

أسواق حمص لم تستعد عافيتها، الزراعة تراجعت بفعل الجفاف وندرة المحروقات، والصناعة في المدينة الصناعية بحسياء لم تصل بعد لمستوياتها السابقة، الأهالي يعانون من ارتفاع الأسعارالمنازل ،المواد الغذائية والمحروقات، بينما الرواتب بالكاد تكفي لبضعة أيام.

يتساءل أبو حسين، سائق أجرة من حي الخالدية :”كيس الخبز بـ ٤آلاف، كيف بدك نعيش؟،إجار بيتي مليون ليرة وراتبي لا يكفيني للأكل!!”.

تراث يذبل.. وروح المدينة تحتضر

من الجامع النوري إلى كنيسة أم الزنار، ومن سوق الخضرة إلى نهر العاصي… هذه الأماكن كانت تنبض بالحياة اليوم، يزورها الغرباء أو الباحثون عن صور الحرب، بينما سكانها القدمى إما تهجروا او بالمنفى.

التنوع الذي ميّز حمص يبدو باهتًا الآن، والعلاقات الاجتماعية ما زالت تعاني من آثار الانقسام والتهجير القسري.

هل تعود كما كانت؟

ربما لا فالحرب تغيّر المدن كما تغيّر البشر لكن من رحم الألم، تولد فرص جديدة، تحتاج حمص إلى أكثر من إعمار حجري، تحتاج إلى مصالحة حقيقية، إلى دولة قانون، إلى مشاريع تخلق فرص عمل، وإلى إعلام يعيد رواية قصتها الحقيقية بصدق دون خوف.

ربما لا تعود حمص كما كانت، لكن يمكن أن تُبنى من جديد.. لا لتكون نسخة من الماضي، بل مدينة تستحق مستقبلًا يليق بتاريخها وتضحية أبناءها.

اترك رد

عاجل