مقترح: الهيئة العليا للسلم الأهلي

عماد برهوم10 مايو 2025Last Update :
عماد برهوم
عماد برهوم حقوقي وسياسي سوري

في خضم الانتقال من الحرب إلى الدولة، لا تُبنى الثقة المجتمعية بالمراسيم وحدها، ولا تُشفى ذاكرة السوريين بقوة النصوص الدستورية فقط. إن مرحلة التعافي الوطني تتطلب أدوات خاصة، رمزية وأخلاقية، تُرَمِّم ولا تُمَثِّل، وتجمع ولا تُقايض. ومن هنا أقترح تشكيل الهيئة العليا للسلم الأهلي، بوصفها إطارًا مؤقتًا يعالج هشاشة اللحظة دون أن يُكرّس الانقسام.

 الهيئة المقترحة ليست مؤسسة تنفيذية، ولا تمثيلية، ولا سياسية. بل منصة وطنية تُنشأ بقرار سيادي، وتعمل تحت إشراف رئيس الجمهورية بصفته رمز وحدة الدولة. تضم شخصيات دينية وروحية مرجعية تمثل التنوع السوري، دون أن يكون لأي منها صفة قانونية فوق مؤسسات الدولة أو خارج إطارها.

تتمثل مهمة الهيئة في إطلاق مواقف موحّدة في لحظات التوتر، دعم جهود المصالحة المحلية، والمساهمة في تعزيز خطاب مدني جامع يرفض الانتقام ويسند مسار العدالة الانتقالية. الهيئة لا تشرّع، لا تُفاوض، ولا تُعيد تعريف الدولة، بل توفّر طمأنة أخلاقية تُرافق بناء الثقة، ثم تنسحب بهدوء مع انتهاء المرحلة الانتقالية.

هذا المقترح لا يهدد مبدأ المواطنة، بل يُكمّله. لا يعيد الطوائف إلى الواجهة، بل يُخرجها من منطق الخصومة إلى منطق الشراكة ضمن دولة القانون. وهو ليس محاولة للتوازن الطائفي، بل خطوة لإعادة هندسة العلاقة بين الدولة والمجتمع، بعيدًا عن التطييف والتخوين.

 إن الهيئة العليا للسلم الأهلي ليست بديلًا عن الدستور، ولا قفزًا على المؤسسات. إنها أداة انتقالية ناعمة، ضرورية لعبور الزمن السوري من ذاكرة الانقسام، إلى أفق الدولة الجامعة.

 جسر صغير… قد يكون وجوده، هو ما يُفصل بين سلام هشّ وسلطة مُرتبكة، وبين وطنٍ يُشفى… ووطنٍ يُعاد جرحه باسم وحدته.

اترك رد

عاجل