لم يعد مرضى السرطان الذين يضطرون إلى دخول تركيا من أجل العلاج، أن ينتظروا كثيراً للعبور ثم متابعة علاجهم وحدهم دون مرافق، إذ تقترب هذه المعاناة في الشمال السوري من انحسارها، بعد دخول جهاز العلاج الإشعاعي لأول مرّة إلى المناطق المحرّرة.
الجهاز الذي دخل، السبت، عبر معبر الحمام إلى مستشفى مدينة عفرين (العسكري) شمال حلب، سيساهم في تخفيف العبء الصحي والاقتصادي عن مرضى السرطان الذين طالما ناشد ناشطون وأطباء وصحفيون، الحكومة التركية والمعنيين للتخفيف عنهم، وإنشاء مركز علاج خاص بهم في الداخل السوري.
وفي تصريح لـ”أورينت نت”، قال ياسر طراف، أحد المسؤولين في منظمة “الأمين للمساندة الإنسانية”: إنَّ الجهاز استجابة لحملة “أنقذوا مرضى السرطان”، وتم تأمينه بالشراكة بين المنظمة والحكومة التركية، وتُقدّر كلفته بـ 3 ملايين و200 ألف يورو.
وأشار “طراف” إلى أنَّ الجهاز دخل السبت إلى مستشفى عفرين الذي تدعم مصاريفه التشغيلية منظمة “الأمين”، على أن يتم تفعيله بعد 45 يوماً في بناء منفصل عن المستشفى قيد الإعداد.
وعن الكادر الطبّي الذي سيعمل على العلاج في الجهاز الجديد من نوعه في المنطقة، أوضح “طراف” أنَّه لا يوجد كادر محلي، إذ سيتم تشغيل الجهاز من قبل أخصائيين أجانب من الشركة السويدية المصنّعة له بالفترة الأولى، ريثما يتم تدريب كوادر سورية، ليعملوا لاحقاً على تشغيل الجهاز.
الحدّ من أزمة دخول المرضى إلى تركيا
يقوم الجهاز بتسليط حزم من الأشعة على أماكن تواجد الأورام سواء الحميدة أو الخبيثة المراد إزالتها وعلاجها، الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيف كبير في المعاناة التي تثقل كاهل المصابين.
وعن إمكانية الجهاز في الحدّ من أزمة دخول المرضى إلى تركيا، يرى “طراف” أنَّ الجهاز سيُساهم بحلّ جزء كبير من حاجة المرضى الذين يحتاجون للعلاج الإشعاعي في تركيا، مضيفاً: وفي الفترات الأولى “أعتقد أن يكون الدور لا يتجاوز الأسبوع لكلّ مريض، بينما كان المرضى سابقاً ينتظرون أشهراً لدخولهم تركيا”.
وعن أهم الاحتياجات الأخرى لمرضى السرطان، يؤكد “طراف” أنَّ الحاجة الأهم والأكبر تبقى توفير جرعات العلاج الكيماوي، فالحاجة كبيرة جداً وتحتاج لجهود دولة لتغطية الاحتياج، لافتاً إلى أنَّ الهدف هو الاستغناء عن الحاجة للدخول إلى تركيا، وذلك بتكاتف جهود المؤسسات السورية، والحكومات الداعمة للقضية السورية.
4 تحدّيّات لدخول الجهاز الإشعاعي
بدوره أكد مدير منظمة الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، لـ”أورينت” أنَّ جهودهم مازالت مستمرة، لإنقاذ مرضى السرطان بالتعاون مع المنظمات الطبية مثل “سامز” و”أوسم” منذ وقوع كارثة الزلزال، مشيراً إلى أنَّ الجهاز الإشعاعي كان أحد المشاكل الأساسية، والتي تتمثل بأربعة تحدّيات هي:
- تأمين شراء الجهاز.
- الموافقة على دخوله لأنَّه لا يمكن تأمينه إلا من قبل دولة.
- تدريب كادر يعمل عليه.
- توفير مكان مناسب له.
وذكر “الصالح” أنَّ العمل قائم على الحلّ الإسعافي وهو تأمين الجرعات الكيماوية والتي سعرها يتفاوت ما بين الصيدلية ومركز تصنيعها، بالتزامن مع الحلّ الاستراتيجي في العمل على مراكز العلاج مضيفاً: “أصبحنا بمراحل متقدمة لإنجاز هذا الحلّ في نهاية العام 2024”.
5 توصيات لاستخدام الجهاز الإشعاعي
وعن أهمية جهاز العلاج الإشعاعي، قال د. بشير السماعيل مدير المكتب الطبّي في معبر باب الهوى شمال إدلب لـ”أورينت”: إنَّ أكثر من نصف المصابين بالسرطان يخضعون للعلاج الإشعاعي كجزء من علاجهم، كما يُمكن استخدام العلاج الإشعاعي في علاج بعض الحالات المرضية غير السرطانية، ومن هذه الحالات الأورام الحميدة.
وأكد “السماعيل” أنَّ إتاحة العلاج الاشعاعي في المناطق المحررة سيُخفف عن المصابين عناء السفر والكثير من التعب والمصاريف للمرضى وذويهم، مشيراً إلى أنَّ الحملة الإعلامية لإنقاذ مرضى السرطان ساعدت بتسليط الضوء على معاناة المرضى، وساهمت بالسماح لهم بالدخول للعلاج، وكانت إحصائية الداخلين إلى تركيا في آب/أغسطس الماضي 580 حالة بينهم 383 مريض سرطان، وماتزال نتائجها مثمرة في الوصول إلى إنشاء مركز لعلاج السرطان في الشمال السوري.
يشار إلى أنَّ العلاج الإشعاعي مع المصابين بالسرطان يُستخدم في أوقات مختلفة ولأسباب مختلفة خلال فترة العلاج، ويوصي الفريق القائم على رعاية مريض السرطان بالعلاج الإشعاعي بخمس توصيات:
- استخدام العلاج الإشعاعي وحده لعلاج السرطان، ويُسمَّى ذلك العلاج الأساسي.
- قبل الجراحة لتقليص حجم الورم، ويُسمَّى ذلك العلاج التمهيدي المساعد.
- بعد الجراحة لمنع نمو أيّ خلايا سرطانية متبقية، ويُسمَّى ذلك العلاج المساعد.
- يستخدم إلى جانب علاجات أخرى، مثل العلاج الكيميائي، لتدمير الخلايا السرطانية.
- يستخدم لتخفيف الأعراض التي يسبّبها السرطان في المرحلة المتقدِّمة.
يذكر أنَّ حملة “أنقذوا مرضى السرطان” بدأت في نيسان/أبريل الماضي بسبب توقف الحكومة التركية عن السماح للمرضى بالدخول إلى تركيا عقب الزلزال المدمّر في شباط/فبراير الماضي، وكانت نتيجة الحملة حينها هي استئناف دخول الحالات منتصف الشهر الخامس الماضي، إلا أنَّها مقتصرة على تحويل الحالات المرضية التي كان لها علاج سابق فقط وعددهم 450 مريضاً، بوقت تم تشخيص أكثر من 600 حالة جديدة، من بينهم 150 طفلاً و200 امرأة.
وتجدّدت الحملة بشكل أوسع في منتصف تموز/يوليو الماضي، شارك فيها العديد من المشاهير والسياسيين، تخلّلها اعتصام للمرضى والناشطين في معبر باب الهوى، ونشر فيديوهات لحلاقة شعر الرأس تضامناً مع المرضى ما أسفر عن سماح تركيا للمرضى الجدد بالدخول لتلقي العلاج. بعدها بنحو شهر تجدّدت الحملة بهدف جمع تبرعات للمرضى ومراكز علاجهم في تركيا الباب الوحيد لعلاج المرضى، كون الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تتكفلان بعلاج مرضى السرطان فقط في مناطق سيطرة ميليشيا أسد.
عذراً التعليقات مغلقة