وصل لبنان إلى مشارف الانهيار الشامل، باعتراف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، في ظل عدم وجود أي أفق لحل الأزمة السياسية، وما يرافقها من تدهور اقتصادي.
وأمام هذا الواقع باتت البلاد مفتوحة على احتمالات جديدة قد تعيد خلط الأوراق، وهو ما ظهر في تلويح بعض الكتل النيابية بالاستقالة من مجلس النواب، بهدف فرض انتخابات نيابية مبكرة.
ويلوح “التيار الوطني الحر” (حزب رئيس البلاد ميشال عون) بالاستقالة من مجلس النواب مع حلفائه بهدف حل المجلس، وبالتالي إبطال تكليف سعد الحريري لتشكيل الحكومة.
أما “تيار المستقبل” (حزب الحريري)، فلا يستبعد سلوك نوابه خيار الاستقالة من مجلس النواب، للدفع نحو إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وفي حال استقال النصف زائد واحد من عدد نواب البرلمان أي 61 (عدد النواب 120) يتم حل البرلمان.
هذا الواقع يضع لبنان أمام عدة سيناريوهات أحلاها مر، وسط تزايد خطر انزلاق البلاد نحو الفوضى في ظل تدهور الوضع المعيشي، وتصاعد الخلاف بين عون والحريري.
والأربعاء، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إن “لبنان على مشارف الانهيار الشامل لعدة أسباب، أبرزها العجز عن تشكيل حكومة جديدة تتصدى للمشكلات”.
** نزاع الصلاحيات بين عون والحريري
الكاتب والمحلل السياسي منير ربيع، قال للأناضول، إن لبنان قد ينزلق نحو الفوضى بسبب الخلافات السياسية والنزاع القائم على الصلاحيات بين عون والحريري.
وأضاف أن “استمرار هذا الصراع قد ينعكس توتراً بالشارع في ظل لجوء الطرفين إلى شد العصب تحضيرا للانتخابات النيابية في العام المقبل”.
لكن التوتر والانقسام السياسي المترافق مع تدهور معيشي، ينذر بانفجار شعبي واجتماعي يعزز من الفوضى في الشارع، بحسب المتحدث.
وأشار ربيع، أن “لدى الحريري حاليا خيارين، إما الاعتذار عن تـأليف الحكومة، ومن ثم استقالة نوابه من البرلمان، وبذلك يتحول إلى صفوف المعارضة استعدادا للانتخابات النيابية المقبلة”.
واستطرد: “أما الخيار الآخر فهو بقاؤه على موقفه وعدم تقديم أي تنازل بشأن تشكيل الحكومة، ما يعني استمرار المواجهة مع رئيس الجمهورية، وهذا ما قد يؤدي الى توتر سني – مسيحي”.
ونتيجة خلافات بين عون والحريري يعجز لبنان عن تشكيل حكومة جديدة تضع حدا للانهيار الاقتصادي والمالي المستمر منذ أكثر من عام ونصف.
وأفاد المحلل السياسي اللبناني، بأن بلاده تقترب أكثر فأكثر من الفوضى ما لم تحصل مبادرة خارجية ترعى حلحلة الأزمات فيه.
وذكر أن “المجتمع الدولي غير مهتم سياسياً بلبنان، إنما يركز اهتمامه على المساعدات الإنسانية والغذائية، لمنع تفاقم الأمور، ويقدم مساعدات للجيش اللبناني والقوى الأمنية للحفاظ على الاستقرار”.
** الجيش.. هل يكون بديلا!
في ظل هذه المخاطر، التي قد تهدد الاستقرار في لبنان، تتجه الأنظار إلى دور الجيش، في احتواء أي تدهور أمني على الأرض.
وقبل أيام، قال جميل السيد، النائب بالبرلمان اللبناني: “من الطبيعي أن تكون لقائد الجيش زيارات للخارج، لكن من غير المألوف أن يستقبله رئيس جمهورية”.
وتساءل السيد، في تصريحات صحفية قائلا: “هل استقبال (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لـ(قائد الجيش جوزيف) عون رسالة بأن البديل موجود إذا فشلوا بتركيب حكومة؟!”.
وفي 24 مايو/أيار المنصرم، أجرى قائد الأركان اللبناني زيارة إلى باريس، استمرت 3 أيام، وذلك للاطلاع على حاجات الجيش اللبناني وبحث سبل دعمه، خلال هذه المرحلة.
إلا أن المحلل السياسي جوني منير، أوضح أنه من غير الوارد تدخل الجيش اللبناني بالشأن السياسي ولا في إدارة البلاد في ظل الانهيار الحاصل.
وأضاف منير للأناضول، أن “الجيش في لبنان ليس جيشا انقلابيا، ولم يفكر يوماً بالاقتراب من السلطة، إنما هو يأتمر من السلطة السياسية، ولا يتمرد عليها”.
وأردف: “هاجس الجيش اللبناني في هذه الفترة هو انعكاس الأزمة الاقتصادية على الوضع الأمني والتخوف من الفوضى الاجتماعية والصدامات الدموية التي يمكن حصولها”.
وتابع: “أما الهاجس الآخر للجيش اللبناني فهو تحصين أفراده من تداعيات الانهيار المعيشي من خلال تقديم المساعدات الغذائية وغيرها لأفراده وأسرهم في ظل تدهور قيمة رواتبهم مع تدهور قيمة الليرة اللبنانية”.
وخلال الفترة الماضية، تلقى الجيش اللبناني، مساعدات مالية وغذائية من دول مختلفة، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد.
** لا تشكيل ولا اعتذار
الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر، استبعد تشكيل حكومة قريبا من قبل الحريري، “نظراً للخلافات القائمة والتي لا يبدو أنها قابلة للحل في الوقت الراهن”.
واعتبر المتحدث في تصريح للأناضول، أن “الحريري ربما لا يريد تأليف حكومة خشية عدم تلقيه الدعم من الدول المعنية لا سيما السعودية”.
واستدرك: “لذلك يُتوقع أن يُبقي نفسه (الحريري) مكلفاً من دون أن يعتذر أو يشكل حكومة لإبقاء عهد عون من دون حكومة”.
وحذر قائلا: “هذا الأمر قد يعني انفجار كل الوضع والتراكمات الاقتصادية والمعيشية بوجه حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب وليس في وجه الحريري”.
عذراً التعليقات مغلقة