الكثيرُ منّا ينشغل في التفكير بماذا سيحدث غداً، وخاصةً في ليلة رأس سنةٍ جديدةٍ، حيث يتشتَّت البعض بتوقعات المنجمين، مقلّباً في القنوات من قناةٍ لأخرى، باحثاً عن خبرٍ سارٍ أو كارثة مُقبلة ليتهيأ لها.
أعزائي قارئي هذه الكلمات، أودّ نصح نفسي وأنفسكم بألّا ننشغل في تلك الترهات، ولا حتّى إشغال فكرنا بماذا سيحصل غداً أو بعد شهر أو بعد عام، ولكن علينا الاستعداد وإعداد العدّة لأيّ شيءٍ مُقبلٍ إلينا، وخاصةً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونَ إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
وإليكم مثال عن إجابة النبي محمّد صلى الله عليه وسلم لأعرابي سأله عن موعد يوم القيامة، فقال له: “ماذا أعددتَ لها”. [وفق ما روى أنس بن مالك، حديث متفق عليه].
نعم .. قبل أن نسأل عن عام 2021 وما يحويه من أحداث، علينا أن نسأل أنفسنا، ماذا أعددنا للعام الجديد؟، هل سنبقى نصارع أراجيح الماضي، ونُتعب أنفسنا في حسرة الخيبات، ونتملَّص من المسؤوليات الملقاة على عاتقنا عبر التحجّج بأشخاص أو بأماكن أو بأعمال ربَّما لم تنجح هذا العام، وندخل بدوامة “لو”!، فنيأس ونتراجع وتُحدّثنا أنفسنا بالوهن، والشيطان يقوِّي هذه الوساوس ليضحك علينا من حيث لا ندري.
لكلٍّ منا دائرة سلبيَّات تحيط به من كلِّ جانب، وعلينا أن نتخلّص من الأشياء السلبيَّة والأشخاص السلبيين، وعلينا أيضاً التخلّص من الأفكار السلبيَّة التي تدور في عقلنا، فطاقتنا الداخلية تحتاج لغذاءٍ، وهذا الغذاء يضعف امتصاصه مع كثرة السلبيَّات، لذلك فلنحزم حقيبةً ونضع فيها كلّ ما هو سلبي في حياتنا، ثم نضعها في مكان بعيد بحيث لا نراها أمامنا.
الآن .. وبعد الانتهاء من هذه الحقيبة، للنظر إلى أنفسنا في المرآة ونحدِّق جيِّداً بأعيننا، نتكلَّم معها ونسمعها وتسمعنا، ثم نقرِّر ماذا لدينا من أمنيات لم نحققها في العام الماضي، فلنعمل على تحقيقها في العام الجديد، تأكد/ي أنَّك الوحيد القادر على تحقيقها، إذا كنت إنساناً تتمتع بصفات الإنسانيَّة، فأنت قويٌّ وقادرٌ على اجتياز كلّ الصعاب .. المهم هو أن تُبادر وتنهض، ولا تتقاعس ممهلاً نفسك إلى غدٍ أو بعد أسبوع، ويمضي الوقت من عمرك المسؤول فيه عن كلّ دقيقة تمرّ فيها.
لا تُحصي آلام العام 2020، ولا تحزن على ما مضى، ولا تقُلْ كان مليئاً بالمرض والموت والمآسي (…)، فتُتعب نفسك وتُرهق من حولك، بل قُلْ قدر الله وما شاء فعل، هيّا امضِ في عامك الجديد، وأنت أكثر قوّة، وأنت أكثر وعياً، متعلِّماً من تجارب العام الماضي وما قبله بحلوها ومرّها، إيّاك والوقوع في ذات الحفرة مرّتين.
أخيراً، لنقتبس من الحكمة الصينية المشهورة، “من الأفضل أن تضيء شمعةً خيرٌ من أن تلعن الظلام”، ونطبق هذه الحكمة في حياتنا، فإن وجدنا محتاجاً نساعده بأيّ وسيلة متاحة، وإن واجهتنا مشكلة فلنشارك في حلّها بدلاً من تعقيدها ولعن مُسبّبها.
وأختم كلماتي ببيتي شعرٍ لكاتبهما إبراهيم جمال: “يموتُ في يومهِ بالهـمِّ في غدهِ .. منْ عاشَ في غدهِ واليومُ في يدهِ، فلا تبيعنَ شيئاً لستَ تملكهُ .. و لا تعيشنَ يوماً قبلَ مولدهِ”.
عذراً التعليقات مغلقة