منذ انطلاق الثورة السورية ظهرت مشكلة التمثيل السياسي لتلك الثورة. وبدا مفارقًا طرح مشكلة التمثيل السياسي لثورة قامت بسبب انعدام إمكانية العمل السياسي وعدم القدرة على إيجاد تمثيل سياسي. لكن رأى كثيرون وجوب وجود هيئة ما تمثِّل الثورة لدى العالم والمجتمع الدولي.
المفارقة المؤلمة والكارثية أنه بدلًا من ظهور هيئات ومؤسسات تمثل السوريين الثائرين لدى العالم والدول الأجنبية، أصبحت تلك الهيئات والمؤسسات تمثل العالم والدول الأجنبية وتوجهاتها وسياساتها لدى الشعب السوري الثائر. وأصبح طبيعيًّا الحديث عن أعضاء تلك الهيئات والمؤسسات بوصفهم ممثلين لتلك الدولة او تلك: فهذا ممثل قطر ومدعوم منها، وذاك مدعوم من السعودية ويتحدث باسمها، وآخر من تركيا وأخرى من فرنسا وتلك من روسيا … إلخ.
لا شك ان تلك الهيئات والمؤسسات ضمت أيضًا أشخاصًا جيدين و ذوي نوايا طيبة إلخ، لكن وجود هؤلاء الأشخاص بدا أنه أسهم في إعطاء مشروعية وحياة واستمرارية لهيئات ومؤسسات كان وما زال ضررها أكبر من نفعها.
وإضافة إلى الاعتماد على الدعم من الخارج وتمثيل هذا الخارج، لم يتردد (معظم) أعضاء تلك الهيئات في تبني خطاب شعبوي يستثير الانفعالات البدائية والهيجانات للحصول على ما يبدو انه تأييد شعبي رخيص وعابر. لكن هذا الحرص الشكلي على التفاعل مع الشعب الثائر وتبني شعاراته يتبخر غالبًَا حين يخضع أعضاء تلك الهيئات لاوامر الخارج الذي يمثلونه فيتبنون قرارات وسياسات تتنافى لا مع شعبويتهم وسعيهم إلى الشعبية فحسب، بل ومع الأسس الأخلاقية والسياسية لكونهم معارضين للنظام الأسدي، ومتحدثين باسم الثائرين عليه.
بحق وبدونه، تحدث كثيرون عن وجوب الإقرار بهزيمة/ موت الثورة السورية وبضرورة دفنها. أعتقد ان لا معنى أو إمكانية لذلك وجثة الإئتلاف تتحول إلى جيفة نتنة تتغذى عليها كل القيم المضادة لقيم الثورة. وبذلك تتحول تلك الجثة إلى زومبي يثير الفزع والاضطراب ويفتقر إلى أي وعي بذاته.
من الواضح ازدياد تشبه الإئتلاف بالنظام الأسدي وتقاربه معه في الروح. ولهذا وجب الحديث عن ضرورة التخلص من الأسدية بكل تجلياتها.
عذراً التعليقات مغلقة