يبدو أن التوجه الروسي في سوريا والذي بات واضح المعالم وذلك من خلال فحوى القمة الافتراضية والتي عقدت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس العصابه الحاكمة في دمشق يوم الاثنين 9/11/2020 والتي تركزت لا بل تعمدت الافصاح والتركيز على موضوع إعادة المهجرين واللاجئين السوريين (الذين فروا من سوريا من جحيم روسيا والأسد) ثم وعلى عجل ملفت للنظر يتم ترجمة الأمر بما سمي مؤتمرا بخصوص المهجرين عقد يوم الأربعاء بتاريخ 11/11/2020 في دمشق، فماذا يعني ويشكل هذا المسلك والتوجه في المسار الروسي في هذا الوقت بالذات؟
1- يبدو انه جس نبض وأسلوب متعجل بقرع باب الإدارة الأمريكية المقبلة وهو نداء ملهوف ودعوة خرقاء للتغيير الفوري للسياسة وللسلوك الأمريكي في سورية.
وبالطبع فإن الاستدارة الأمريكية في سورية أمر مستبعد تماما وحتى لو حدث ذلك فهو بعيد جدا وبنفس طويل لن يقوى الروس وحلفاؤهم على مجاراته.
2- إظهار روسيا نفسها على أنها صاحبة مشاريع سياسية وحلول انسانية خاصة بإعطاء الأمر هالة مضللة وذلك من خلال مؤتمر للمهجرين بقلب العاصمة دمشق.
علما أنه ثبت للجميع بما لا يدع مجالا للشك بأن روسيا لا تملك في سورية سوى طائرات وصواريخ للقتل والتشريد والتهجير ولدعم ميليشيات إيران وعصابات الأسد لتنفيذ خطة التغيير الديموغرافي و الطائفي وطرد السكان وتدمير المنازل وتعفيشها أو لتحويل المناطق إلى مزارع لنفوذ الشبيحة أو إلى مناطق فاشلة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا و إنتاج مزيد من مخيمات اللجوء التي تزيد عبء المنظمات الأممية ويمكن القول بكل ثقة بأن روسيا فشلت عسكريا بإنهاء الثورة كما تم تفويضها كما و فشلت سياسيا في إدارة الأوضاع والتحكم بها داخل سورية كما هو مرغوب به ثم فشلت بإنجاز تعهداتها وتفاهماتها الدولية بإبعاد إيران أو تحجيمها وبالتالي فإن روسيا ليست أهلا للتشارك معها لا في الحلول السياسية ولا في الحلول الانسانية.
فكيف لمن قتل ودمر وهجر أن يكون شريكاً بأي عملية إنسانية؟
3- أن روسيا تحاول فرض أمر واقع من خلال مؤتمرها الإنساني المزعوم تحاول من خلاله نسف أي عملية سياسية مستقبلية ممكن أن تقوض من نفوذ عصابات الأسد ومن ثم الالتفاف على قانون قيصر والتخفيف من آثاره وذلك باستعادة المهجرين والمهاجرين مع أموالهم. بعد أن تبين أن هذه الأموال هي المخرج والخيار الوحيد للخروج من مأزق اقتصادي مستحكم على العصابة الحاكمة في دمشق.
ولكن ماهي الحوافز التي ستغري المهجرين بالعودة؟
هل الطوابير العجيبة على كل المواد الأساسية وأولها الخبز ثم الوقود وغيرها من مستلزمات الحياة الاساسية؟
أم دفع الرشاوى الباهظة لإنجاز أي معاملة إدارية؟
هل البيئة الآمنة الجوفاء التي وفرتها روسيا وعصابات الأسد في مناطق سيطرتها قد شكلت إغراء للسوريين المهجرين لعودتهم؟
هل هو تنفيذ القانون رقم 10 لعام 2018 والذي استولت من خلاله حكومة عصابات الأسد على مئات البلدان والمدن والقرى
بحجة التنظيم العمراني؟ هل هذا القانون الذي سلب السوريين املاكهم وارزاقهم يشكل إغراء للسوريين بالعوده لديارهم التي أصبحت أثراً بعد عين؟
هل الدمار الذي خلفته صواريخ الطيران الروسي بمئات القرى والبلدات والمدن في سورية سيكون حافزا لعودة اللاجئين؟
هل فرض عصابات الأسد مبالغ مالية على السوريين الذين تم إجبارهم على العوده لسورية من لبنان؟
أم جعل سورية مرتعاً للروس والإيرانيين؟ هل ذلك أمر مشجع لعودة اللاجئين؟
هل بقاء الأسد في السلطة وهو الذي قتل وشرد ملايين السوريين ودمر معظم البنية التحتية في سوريه بصواريخه العنقودية وبراميله المتفجره وأسلحته الكيماوية؟
هل كل ذلك سيكون أمراً محفزاً لعودة السوريين لبلدهم؟
هل من اعتقل وقتل مئات الآلاف من السوريين في مسالخه البشريه ودفنهم في مقابر جماعيه تحتوي عشرات الألوف من الجثث، هل لهذا المجرم السفاح مصداقية في دعوته وهل يؤتمن جانبه؟
4- إن الاشتراك مع عصابة الأسد والتماهي مع عقليتها وتصوير أن كل ماحدث في سورية كان له سببان لا ثالث لهما وهما الإرهاب من قبل المجموعات الاسلامية والحصار من قبل امريكا وأن هؤلاء المهجرين هربوا من سورية بسبب الإرهاب، ثم جاء الحصار وقانون قيصر وتداعياته…
فإني أرى وكما هو الواقع، أن هذا الكلام محض كذب وهو قد يصلح فقط لملء فراغ المحطات الإعلامية الساذجة والسخيفة التي لا تحترم العقل ويصلح لمخاطبة الموالين وعقولهم الجوفاء، ولكنه أبدا لا يصلح لمخاطبة دول تعلم كل شيء عن حقيقة هذا الإرهاب وعن منشئه ومن أنشأه وعن أهدافه وأسبابه وعن حجمه ودرجة خطورته فتكون روسيا هنا كمن كذب الكذبة ثم تصدقها.
واما قانون قيصر فهو أمر لم يمض عليه أكثر من بضعة أشهر فماذا فعلت روسيا وعصابات الاسد خلال كل السنوات السابقة وإن كل المهجرين هربوا قبل صدوره فلماذا يتم تحميله وزر ما يحدث؟
5- لو نظرنا في المؤتمر ذاته لوجدنا فيه رعونة وعدم جدية وعدم نضوج للفكرة والإجراءات التي تتطلبها حيث لم يتم دعوة تركيا وهي أكبر مضيف للمهجرين.
وكذلك الاتحاد الأوربي مما يعني أن روسيا لا تأمل من تركيا وأوربا أي تعاون في هذا الصدد بل أن روسيا ربما تراهن على بعض الدول العربية المضيفة للتعاون والتواطؤ والانبطاح وذلك للضغط على النازحين السوريين للعودة (لبنان مثلا).
وهنا نذكر روسيا بأن مسألة المهجرين مسألة دولية وأممية وأي إجراء منفرد من قبل أي دولة سيكون مفضوحا ومدانا.
6- يشكل التوجه الروسي للتعاطي مع كتلة المهجرين وهي نسبة كبيرة من الشعب السوري تمهيدا وتحضيرا مسبقا لمعركة الإنتخابات التي تتبناها روسيا ونقصد بها إنتخابات الرئاسة في سورية والتي رشح رئيس العصابة نفسه لها.
وهذا أمر خطير يجب أن يؤخذ على محمل الجد حيث تنوي روسيا استعادة نسبة كبيرة من المهجرين إلى الداخل لكي تتولى أمر التعامل معهم أجهزة الأمن على نحو يضمن تصويتهم أما النسبة التي تبقى في الخارج فتخطط روسيا لاستيعابها والتصالح معها وربما التعاطي معها أمنيا من خلال إشاعات الترغيب والترهيب على نحو يضمن تصويتهم أيضا وربما تخطط روسيا وتعول كما أسلفنا على التعاون من قبل بعض الدول المضيفة (العربية حصرا) للضغط على المهجرين بأشكال مختلفة لتحقيق هدفها وهو الفوز بالانتخابات الرئاسية في سورية.
ولكن يجب أن لا يغيب عن بال روسيا ولا غيرها أن ورقة المهجرين هي ورقة دولية ولتركيا الكلمه الفصل بها و لن يتم التخلي عنها لصالح المشروع الروسي.
ومن خلال ماتقدم فإننا لا نرى في التوجه والطرح الروسي سوى سذاجة وانفصام عن الواقع لا بل إن ما قامت به روسيا وتخطط له وينفذه المجرم بشار فإنه (دياااااثة) فوق السياسة
فلا عودة لسورية قبل إسقاط الأسد.
عذراً التعليقات مغلقة