تقرير يكشف كيفية تحايل نظام الأسد على تفكيك ترسانته الكيماوية

فريق التحرير20 أكتوبر 2020آخر تحديث :
أحد عناصر الدفاع المدني يستنشق الاوكسجين بعد اصابته بغاز السارين إثر استهداف طائرات الأسد مدينة خان شيخون بالغازات السامة والتي أسفرت عن مجزرة راح ضحيتها العشرات وأصيب المئات من المدنيين يوم 4/4/2017 – عدسة: علاء الدين فطراوي – حرية برس©

ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن تقريراً جديداً كشف كيفية تحايل نظام الأسد على اتفاق تفكيك ترسانتها الكيماوية، عن طريق إخفاء الأسلحة تارة والقضاء على الموظفين “المشبوهين” والاستيراد السري لعقاقير الأعصاب تارة أخرى.

وفي تقرير مشترك بين الزميلين بنيامين بارت وستيفاني موباس ترجمه “الجزيرة نت“، أشارت الصحيفة الفرنسية إلى بدء تمزق حجاب الغموض الذي كان يخفي برنامج الأسلحة الكيمياوية لنظام الأسد، والذي سمح له بالإفلات من التزاماته تجاه المجتمع الدولي.

وأوضح كاتبا التقرير أن منظمتين غير حكوميتين، في طليعة الكفاح ضد الإفلات من العقاب في القضية السورية، وهما “مبادرة عدالة المجتمع المفتوح” و”الأرشيف السوري”، قدمتا الاثنين، تقريراً إلى هيئات تحقيق وطنية ودولية، يظهر بعمق ودقة كيفية عمل هذا البرنامج الذي تسبب في مقتل مئات المدنيين منذ عام 2011.

وتكشف هذه الوثيقة المكونة من 90 صفحة، والتي حصلت كل من لوموند وواشنطن بوست وفايننشال تايمز وزود دويتشه تسايتونغ، على نسخة حصرية منها، كيف تلاعبت السلطات في دمشق بمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي كان يُعتقد أنها قامت بتفكيك الترسانة الكيماوية السورية.

ويستند التقرير إلى تحليل المصادر المفتوحة، واستخدام البيانات المستمدة من سجلات الأمم المتحدة، وشهادات حوالي 50 مسؤولاً سورياً ممن انشقوا خلال السنوات الأخيرة عن النظام في دمشق، بعد أن كانوا يعملون في مركز الدراسات والبحوث العلمية، وهو الوكالة الحكومية المسؤولة عن تطوير الأسلحة السورية التقليدية وغير التقليدية.

وقد أوضحت هذه المصادر بنية هذا المجمع الصناعي العسكري التي لم تكن معروفة من قبل، والحيل التي لجأت إليها السلطات السورية لتضليل محققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وقد اعتمدت هذه الحيل على نقل جزء من مخزون الأسلحة والمواد الفتاكة إلى قواعد الحرس الجمهوري، وعلى المطاردة والسجن والتخلص في بعض الحالات من الموظفين المشتبه فيهم، وعلى إنشاء قناة سرية لاستيراد المنتجات التي تدخل في تكوين غاز الأعصاب مثل السارين.

غاز الأعصاب
وذكرت الصحيفة بأن غاز الأعصاب هو الذي استُخدم عام 2013 في الغوطة، وأدى الى مقتل 1200 من سكانها اختناقاً، مما أثار غضب المجتمع الدولي، وتجاوز “الخط الأحمر” الذي رسمه الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما.

وتقول الصحيفة: “اليوم يساعد هذا التقرير الجديد -الذي يغوص بشكل عميق في ألغاز مصنع الموت السوري- في فهم السبب”، الذي أبقى الشك بأن النظام لم يتلف كامل أسلحته النووية.وتقول تستيف كوستاس من “مبادرة عدالة المجتمع المفتوح” أن أبحاثهم “تظهر أن سوريا لديها برنامج قوي للأسلحة الكيماوية، وعلى الدول الأعضاء بمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية محاسبتها على انتهاكاتها المستمرة لاتفاقية الأسلحة الكيماوية”.

وبعد 3 سنوات من العمل، تم إرسال التقرير إلى 5 مؤسسات مختلفة هي: فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية ، الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، وهي هيكل منبثق من الأمم المتحدة يجمع الأدلة على الجرائم المرتكبة في سوريا، وزارة العدل الأميركية، مكتب التحقيقات الفيدرالي، المدعي العام الاتحادي الألماني الذي تلقى مؤخراً شكوى ضد النظام السوري على صلة بالهجمات في الغوطة وخان شيخون.

مخازن الحرس الجمهوري
وأشارت الصحيفة إلى أن أهم معلومة في التقرير كانت إعادة نشر خبر للموقع الإخباري السوري “زمان الوصل” عام 2017، يفيد بأن احتياطيات الأسلحة الكيماوية في المعهد 1000 في جمرايا، نقلت قبل 5 أيام من وصول محققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، إلى مخازن قاعدة اللواء 105 للحرس الجمهوري الواقعة على بعد كيلومترات قليلة.

وبحسب التقرير، فإن البرنامج الكيماوي -الذي نفذه مركز البحوث والدراسات العلمية في سوريا- بدأ منتصف الثمانينيات تحت إشراف جهاز استخبارات القوات الجوية، وهو عبارة عن متاهة من الفروع والمعاهد والوحدات التي تظهر الحرص على التقسيم لمنع التسرب والاختراق من قبل أجهزة التجسس الأجنبية.

وقالت لوموند إن تجربة عملية تصنيع الأسلحة الكيماوية بدأت بالتعاون مع معهد 3000 ومعهد 4000، وقد ساهم فيه خبراء من إيران وكوريا الشمالية اللتين تربطهما علاقات تحالف مع دمشق.

ومع أن مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بدأت عام 2013، وتلتها الضربات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية على بنية النظام السوري التحتية في أعقاب الهجوم على خان شيخون عام 2017، فإن النظام كان قادرا على المقاومة، خاصة أن الفرع 450 من معهد 3000 -الذي يمثل المركز العصبي للبرنامج الكيماوي السوري، والذي تم حلّه رسمياً عام 2013- ما زال يعمل، ربما تحت إسم مختلف.

وكشفت شهادات المنشقين عن مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري عن كيانات جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل ورشتين لإنتاج البراميل المتفجرة المليئة بالكلور، إحداهما تقع في جمرايا، والأخرى بالقرب من مصياف، كما تم اكتشاف موقع لإنتاج القنابل الثنائية بالقرب من حلب، بعد أن تم إغلاقه عام 1998.

وبحسب عدد من العاملين السابقين في المركز، فإن القصف الإسرائيلي، في أبريل/نيسان 2018 على المعهد 4000 الموجود بهذه المنطقة، لم يؤثر إلا على المباني الإدارية، كما فشل هجوم جوي آخر على المشروع 99، وهو مصنع لبناء صواريخ سكود، مخبأ في جبال تقسيس بين حمص وحماة.

تورط أوروبي
وأحدث ما تم الكشف عنه في التقرير هو ما يتعلق بآليات تزويد المركز بالمواد الكيماوية، حيث اكتشف المحققون، بفضل قاعدة بيانات كومتريد (سجل تجاري ضخم تحتفظ به شعبة الإحصاءات بالأمم المتحدة) أنه بين عامي 2014 و2018، تم تصدير 69 فئة من المنتجات التي يحتمل أن تخضع للعقوبات إلى سوريا من 39 دولة، بينها 15 دولة أوروبية.

وتضم بشكل أساسي أيزوبروبانول، وهي سلائف لغاز السارين، ويسمح بتسويقه فقط إذا كان بنسبة تركيزه أقل من 95 في المئة، وحددت مبادرة العدالة للمجمع المفتوح، والأرشيف السوري، شركات مقرها بلجيكا وألمانيا وهولندا وسويسرا تواجه عقوبات قانونية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل