تدق منظمة الصحة العالمية اليوم ناقوس الخطر بتسجيل ٣٠٠ ألف حالة إصابة جديدة خلال ٢٤ ساعة فقط، بعد أن بدأت الحكومات بتخفيف إجراءات الحجر الصحي والإغلاق الذي عاشته أغلب دول العالم من شهر نيسان الماضي.
وشاركت سوريا دول العالم في الإغلاق وعاشت ظروف الحجرالصحي بكافة المجالات من تعطيل للمدارس وإيقاف الصلوات وإغلاق المساجد والمطاعم وصالات الأفراح، ولكن الملفت للانتباه أنها لم تسجل إصابات تستدعي حالة الإغلاق الكامل فلم تتجاوز الإصابات المعلنة ١٥٠ إصابة طوال تلك الفترة ولم يلاحظ السكان أي ظواهر سلبية بالواقع تستدعي هذا الإغلاق.
وعندما بدأت حكومات العالم ترفع الإغلاق وتخفف القيود بشكل كلي او جزئي، قام النظام السوري بتطبيق قرارات مماثلة دون إتخاذ أي إجراءات وقائية جدية تمنع إنتشار الفيروس على نطاق واسع أو تساهم في السيطرة عليه.
منذ شهر تقريبا أصبحنا نسمع من أقربائنا ومعارفنا بالداخل السوري عن تزايد عدد الإصابات بكورونا بشكل مخيف، مع غياب كامل لجميع التدابير الوقائية و فاتورة علاج باهظة وأغلب الأدوية غير متوفرة، أضف إلى كل ما سلف خروج ثلث المشافي السورية عن الخدمة بسبب الحرب الطاحنة وغياب معظم التجهيزات الطبية عن المشافي المتبقية القائمة على رأس عملها مع ندرة أجهزة التنفس الإصطناعي.
الأرقام المعلنة من النظام السوري لا تتجاوز٠٠ ١٦ إصابة في حين أنني لوحدي أعرف بشكل شخصي أكثر من ٥٠ مصاباً من دائرة معارفي الضيقة فقط، وكل سوري لديه تقريبا حلقة مماثلة من معارفه وأصدقائه مصابين بكورونا، فإذا وسعنا هذه الحلقة وربطنا كل الأخبار المتداولة عن انتشار غير مسبوق للفيروس والقصص التي يتناقلها سكان دمشق وحلب عن دفن أعداد كبيرة من ذويهم دون أي إعلان رسمي بالأسباب الحقيقة لوفاتهم، سيعرف أي إنسان بسيط دون الحاجة لآلة حاسبة ومصدر رسمي للتوثيق أن الأرقام الرسمية الصادرة عن النظام السوري لا تمت للواقع بصلة ولا تعدو كونها حبراً على ورق.
تتعالى الأصوات لتوعية الناس بأساليب الوقاية وأهمية ارتداء الكمامة وخطورة عدم الالتزام بالتباعد الإجتماعي وكل تلك الإجراءات التي يقوم بها سكان العالم بكل بساطة، وبمساعدة وإشراف الحكومات وتوفير كل المستلزمات وتهيئة كل السبل لتكون منطقية وقابلة للتطبيق مع عدم توقف عجلة الحياة والدراسة والعمل.
ولكن عندما أحاول أن أنصح أي سوري أعرفه بالداخل أشعر بيني وبين نفسي بالتناقض وعدم اليقين والجدوى من كل ما ساقوله، لأنه ببساطة الناس في سوريا يقفون بطوابير للحصول على الخبز اليومي، طابور قد يصل طوله أمتار وعدده مئات من الأشخاص المتلاصقين والمتعاركين أحيانا والمتعبين من الوقوف والجلوس والانتظار فكيف لهؤلاء أن يفكروا بارتداء كمامة أو الإلتزام بالتباعد الاجتماعي.
إذا حاولت العائلة بكل الطرق أن تحمي نفسها وجاء أحد أفرادها من الفرن حاملا لهم الخبز والعدوى التي ربما التقطها في ذلك العراك اليومي المستمر، فما جدوى التدابير؟
تداولت وسائل التواصل فيديو لأحد المراكز الطبية المسؤولة عن فحص كورونا في العاصمة دمشق، العدد الهائل من الناس الظاهر في الفيديو إذا كان بينهم مصابين فالفوضى الموجودة بالمكان كافية لنقل العدوى لسكان دمشق جميعهم.
ازدياد أعداد المصابين بكورونا من العاملين بالقطاع الصحي ووفاة عدد كبير منهم يزيد في حجم الكارثة القادمة، ليس على مستوى عدم السيطرة على المرض بحد ذاته بل في زيادة معاناة القطاع الصحي المتهلهل بالأساس، مما يزيد معاناة الناس بمختلف أمراضهم وصعوبة في تقديم الرعاية الطبية التي توصف حاليا بأكثر من سيئة.
يستغرب كثيرون عدم أتخاذ أي إجراءات توقف هذا الأنفجار بالارقام والضحايا بسبب كورونا، ومنهم من يبرر للنظام السوري وجود عقوبات دولية أو الانهيار الاقتصادي ويحمل المسؤولية فيما حصل لقلة وعي الناس أو عدم اكتراثهم بطرق الوقاية.
ولكن بالنظر قليلا إلى الشمال السوري وملاحظة أن إعلان أول اصابة هناك تم بتاريخ قريب من انفجار الوضع في مناطق النظام ولكن حتى اللحظة الوضع في ادلب وريف حلب تحت السيطرة رغم وجود كل عوامل الانفجار من كثافة سكانية وكثرة المخيمات وقلة الموارد، مما يجعلنا نسأل أنفسنا ماذا يحدث تحديدا في دمشق؟
عذراً التعليقات مغلقة