حين تعتاد رقاب بعض البشر على النير تصبح كلمة حرية من علامات الساعة، وهذا ما يجعلهم يسخرون كل فرائسهم للدفاع عن عبوديتهم، وهذا حال ثلة من شعب سوريا قررت بين ليلة وضحاها أن تكون وقودا للنار التي تحرق طالبي الحرية.
المميز في هؤلاء المتطرفين بحب العبودية هو أنهم يدورون في حلقة مفرغة أشبه بالدابة التي تدور حول المطحنة، فكل منهم وعلى اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم وثقافاتهم إلا أنهم يتجهون نحو هدف واحد وهو الدفاع عن سيدهم بالوسيلة التي يجيدونها.
من وجهة نظر كثير من الناس فإن ذلك الجندي الذي رمى نفسه أمام الموت ليقتل ربما أهله أو ليموت فإنه أشد ولاءا من جميع المتشدقين والمطبلين خلف الشاشات أو من وراء البحار، فإنه يقدم أغلى ما يملك في سبيل المحافظة على كيان سيده وحماية مزرعته، أما أولئك فلا يجيدون إلا الكلام والتنظير.
لكن ما يغيب عن الواجهة أن كمية الولاء لسيد الوطن والرغبة المطلقة في البقاء في اسطبلاته عند أصحاب الثقافة الأسدية تفوق بكثير ولاء ذلك الجندي، وهذا يوضح انهزام الجنود من المعارك أو انقلابهم على قائدهم عند أول امتحان، لكن حتى الآن لم نشاهد أي من أبطال الشاشات قد تهاون في لعق حذاء قائده لا بل في كل مرة يطل فيها يبتكر أسلوبا جديدا في تفريغ ولائه والعبث بما تبقى من عقول لدى الفئة المغلوبة على أمرها، ولا نستغرب من رؤية ردود أفعالهم اللاشعورية عندما تتفنن في تمجيد القائد وجيشه فهي بذور عفنة نجح مثقفوه في زراعتها برؤوسهم.
لا نبالغ إذ نقول إن ما ينفقه نظام الأسد وحاشيته من أموال على التضليل التاريخي يوازي ما ينفقه على المعارك، إذ إن شرعية قضيته ومعاركه ليس لها سوى باب واحد للخروج خارج الحدود وهو الإعلام، لذلك فإن الكذب والتضليل وتزوير الحقائق أصبحت مادة رئيسية تدرس لإعلامييه وفنانيه، وليس ببعيد المطبل الأكبر في مجلس الشعب والمخرج نجدت أنزور صاحب الفانتازيا أن يكون له دور في إظهار شعوره بالولاء والوفاء لأحذية و دماء جنود الوطن عبر كمية من الصور والمشاهد التي يزرعها في عقول المشاهدين لتكون إرثا حضاريا وتراثا يوثق شرعية أفعالهم وأحقيتهم في قتل كل هذا العدد من الشعب السوري.
أنزور وسيده يدركان تماما أن عمله سينطبع في العقول لفترة طويلة لذلك لا يدخرون جهدا في صب الكثير من الانطباعات المشوهة والكاذبة داخل البيوت، ربما يكون الفرق بيننا وبينهم من هذه الناحية أننا نحاول أن نظهر ونوثق جرائمهم في ذات اليوم الذي تقع فيه ونكتفي ببعض الصور والبيانات التي تدين المجازر، في حين أن ما يقوم به النظام وأعوانه شيء ممنهج ويرتجي أثره بعد حين من الزمن، والمذهب الذي يتبعه أنزور ومن في شاكلته من الفنانين بدأ يسود في كافة النواحي سواءا الإعلامية أو التعليمية أو الثقافية وحتى الأعراف والتقاليد وهذا ينبئ ببناء جيل لا يحتاج إلى السوط لقيادته بل سيكون جاهزا ويحمل موروثات أنزورية كافية لتجعله عبدا طول حياته.
عذراً التعليقات مغلقة