بشكل روتيني ومنذ زمن استئجارنا المنزل نسمع شجار زوجين في المبنى المقابل لنا، يصل إلى تكسير الزوجة الزجاج ورميه من البلكون، وضرب زوجها لها، وحتى تكسيرها زجاج باب المبنى أكثر من مرَّة، وتمشي وتصرخ في الشارع وتحدث ضجيجاً واسع الأرجاء.
في كلِّ مرَّة يشتكي الجيران الأتراك لتأتي الشرطة وينفض الشجار من دونَ حلٍّ كون المشكلة عائلية تخصُّ الزوجين اللذين لديهما طفلة صغيرة، ومعظم شجارهما يكون على شرفة المنزل حيث يمكننا رؤيتهم.
الزوجة تجلس على أرجوحة في شرفة منزلها وتصرخ وتردح، والزوج إمَّا يضربها أو يلتزم الصمت .. وهكذا في كلّ مرَّة.
ذات ليلة بدأت الجارة صراخها عند الساعة الثالثة فجراً واستمر صوتها إلى ما بعد الساعة الخامسة، ومن الجمل التي فهمتها (تشوجك بيتي) أيّ بمعنى أن أمر إنجاب الأطفال انتهى بالنسبة إليها، وكما شرحت لنا جارتنا أنَّ علاقة الزوجين غير جيَّدة، فالذي يفهمه الجميع أنَّهما غيرَ متفقين، ثم عاودت الصراخ عند غروب اليوم التالي، لتعود فتهدأ، ولا نعلم متى تعاود تكرار ذلك.
لا أحد يعرف لماذا لا ينفصل الزوجان، إلا أنَّ صراخهما يملأ الحي، والأتراك بطبيعتهم يتضايقون من الأصوات المرتفعة، ولا أحد يفهم لماذا لا يتم إجبارهما على تغيير سكنهما لا سيَّما أنَّه سبق أن طردت عائلات سورية من منازلها بناءً على شكوى الجيران الأترك بسبب الانزعاج من الأصوات المرتفعة.
أستغرب من هذا الفعل، فبينما يصرخ الأتراك ملء أشداقهم ولا يحدث أكثر من تدخل الشرطة لتهدئة الزوجين، يتم تقديم شكاوي على العائلة السورية لمجرد أن أحد أولادها يلعب ويُحدث ضجيجاً (على سبيل المثال). فهل هي عنصرية أم أنَّ الاستقواء يكون دوماً على الضعيف الذي لا سند له.
أعتقد أنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا .. ماذا لو كان الزوجان سوريين؟ لن يتعب المرء في البحث عن إجابته، فالنتيجة أنَّ الجيران الأتراك لن يسكتوا ولا دقيقة واحدة، وسيضغطون حتى يتم طردهم من المنزل، أو حتى ترحيلهم إلى سوريا.
أكثر ما يُزعج المرء هو صوت الشخص المرتفع، أو أصوات مزعجة (موسيقا صاخبة، تكسير أشياء، وغيرها..) من الجيران لا سيَّما بعد الغروب، لذلك كي تُحافظ على سكنك في المنزل عليك ألا تُحدث صوتاً، فكثير من العائلات أُبلِغوا بإخلاء المنزل بسبب شكوى جيرانهم من الأصوات، والحقُّ معهم، فالصوت المزعج لا يحتمله أحد.
عذراً التعليقات مغلقة