تحدثت في الجزء الأول من المقالة مستعرضاً الإجرام بحق أهلنا في أرياف إدلب وحماة وصمت الدول المختلفة وأسباب العملية العسكرية، وسأتابع النقاش اليوم في أفكار مختلفة قد تساعد في تجاوز الأزمة الحالية ووضع لبنات عمل يفضي إلى نتيجة من وجهة نظري وقد تكون صائبة وقد تكون غير ذلك.
إن واجبنا يقتضي الوقوف إلى جانب أهلنا في إدلب اليوم، وفي الوقت نفسه التخطيط للمستقبل، فلا معنى لهذه الدماء التي سالت كلها إن لم نتعلم من الدروس المتكررة منذ حصار وتهجير حمص القديمة وحتى اليوم.
فعلى مستوى الحدث الحالي، يجب تشكيل لجان وطنية في كل مكان “قرية، مدينة، عاصمة” تضم شخصيات معروفة وممثلين عن قوى سياسية تلتقي المسؤولين الحكوميين والأحزاب في البلدان كلها، ويكون محور اللقاء طلب التدخل من أجل وقف إطلاق نار فوري وعودة الوضع إلى ما قبل الهجوم الأخير، وتشكيل لجنة تحقيق دولية لتذهب فوراً إلى إدلب وتعاين أماكن القصف وتبين أن القصف استهدف المدنيين والمنشآت الحيوية ولم يستهدف أياً من القوى العسكرية التي تصفها روسيا والنظام بالإرهابية، ومحاسبة جميع من أجرم بحق المدنيين والتعويض عليهم، وإعلان موقف صريح وواضح بأن مسار آستانا قد فشل وتسبب في الكوارث، والانسحاب من هذا المسار وتجميد العمل به، والعودة إلى مسار جنيف واحد وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخصوصاً القرار 2254، واعتباره المرجعية الدولية المعتمدة بصفته أساساً للحل السياسي.
أعتقد أنه بات من الضروري تشكيل لجنة ثورية لتجريم من سيبقى في مسار آستانا شاهد زور، الذي لم يضمن سوى استمرار قتل وتهجير الشعب السوري في مناطق خفض التوتر وسيطرة النظام عليها باستخدام القوة العسكرية المفرطة التي شرحت معنى الشعار الذي رفعته دول العالم المختلفة، لا حل عسكري في سوريا، حيث ثبت أن هذا الشعار يعني ألا يسمح لقوى الثورة المؤمنة بالتغيير والديمقراطية بالانتصار عسكرياً، بل يجب أن يكون الحل العسكري بمواجهة هذه القوى مباشرة عبر النظام وحلفائه من روس وإيرانيين وغيرهم، أو من خلال الأدوات التي اخترقت الثورة وشوهتها مثل داعش والنصرة وأشباههما من فصائل الدولار وغيرها ممن يتاجر بدين الله ويستخدم اسم الإسلام واجهة وشعاراً ليخفي تحته أهداف فصائلية بحتة.
من الأمور التي يجب أن تقوم بها قوى الثورة السورية المؤمنة بالتغيير من نظام مستبد قاتل إلى نظام ديمقراطي تعددي، المبادرة فوراً لإيجاد طريقة للتعاون مع بعضها عن طريق البناء على المشتركات فيما بينها وتغليب العمل الجماعي والمصلحة الوطنية على أي مصلحة حزبية أو مكاسب شخصية وعلى الأنا المتضخمة، والاعتماد على الذات مستخدمين كل الطرق الثورية المختلفة من أجل تحقيق هدف الثورة بإسقاط نظام الاستبداد القاتل والانتقال إلى نظام مدني ديمقراطي تعددي.
في النهاية أعود للتأكيد على أن “من جرب المجرب عقله مخرب “، ويجب الابتعاد عن أشكال التطرف الديني والمذهبي والقومي كافة، واستخدام خطاب وطني جامع يصل إلى مسامع الداخل، فالتغيير سيبدأ من الداخل، من حاضنة النظام نفسها، وليس من الدول المختلفة التي ثبت للجميع أنه لا يهمها سوى مصالحها حتى لو تعارضت مع مصالح الشعب السوري، وحتى لو أدت إلى شلالات من دماء المدنيين الأبرياء، والتأكيد على ضرورة محاربة قوى الإرهاب الديني مثل حزب الله وجبهة النصرة، والقومي مثل “ي ب ك”.
عذراً التعليقات مغلقة