حراك عسكري ودبلوماسي وتحشيد عسكري وحرب تصريحات دبلوماسية وتهديدات مباشرة، المشهد العام في الخليج العربي والمنطقة الشرق أوسطية هو الأكثر سخونة في العالم هذه الأيام.
دعوة الملك سلمان لمؤتمري قمة عربية وإسلامية تأتي في السياق ذاته، لكن السؤال الأكثر إلحاحاً هل فعلاً هناك حرب قادمة مع كثرة المؤشرات السابقة على حدوثها؟
في حقيقة الأمر إن المنطقة غير مهيأة لحرب غير مدروسة العواقب ولا التخطيط فجميع الأطراف ليست جاهزة لخوض مغامرة عسكرية تشعل المنطقة إذا ما استثنينا حماقة ما سترتكب خاصة من الجانب الإيراني، كما أن إطلاق الأمريكان لأي حرب في المنطقة يحتاج لتبريد ملفاتها خاصة اليمن وسوريا وبالتالي قد تكون زيارة بومبيو للافروف في هذا الاتجاه.
الحرب ضرورة أمريكية وإيرانية على حد سواء؛ ومع ذلك فإن كلا الطرفين لايرغبان باشتعالها على نحو مباشر لأسباب تخص كل طرف على حدى.
هي ضرورة لإيران للخروج من عنق الزجاجة الذي وُضِعتْ فيه من حالة اللاسلم واللاحرب والتي أنهكتها العقوبات الاقتصادية والحصار السياسي والاقتصادي عليها وبالتالي يمكن لحرب محدودة النتائج أن تخرج نظامها السياسي من هذه الورطة أمام شعبه ومؤيديه وتفتح له أبواب بعض الدول التي تضررت من العقوبات على إيران.
لكن في الوقت ذاته إذا اشتعل فتيل الحرب فليس هناك من يمكنه توقع مساراتها ومآلاتها ومدى ذهابها بعيداً في ظل وجود محيط معادٍ لإيران، لذلك فهي الخاسر مهما كانت نتائجها إلا في حال كانت حرب ناقصة لم تؤد نتائجها فهي ستكون رابحة سياسياً وخاسرة على باقي الأصعدة وبالتالي ستكون هذه جولة لا حربا.
الأمريكان ورغم الحشود العسكرية فإنهم حتى اللحظة لم يتخذوا قرار الحرب، كل ماجاءوا به هو العصا التي يهشون بها لا التي يقتلون بها والجزرة أكبر من العصا، ما يهم الأمريكان هو خضوع إيران التي بدأت تتمرد وتمد أيديها هنا وهناك لتعبث في مناطق يلتزم الأمريكان منذ عقود بالدفاع عنها، مصالح النفط والغاز والعلاقات السياسية وخوف الأمريكان من التغلغل الروسي خاصة الاقتصادي سيجعل لزاماً عليهم تقديم تطمينات لحلفائهم الدائمين في الخليج وباكستان وحتى في أوروبا.
ما يمنع الأمريكان من خوض حرب شاملة هو الخوف من طول أمدها، الخسائر التي قد تلحق بالأمريكان ومصالحهم في بلدان أخرى تمتلك إيران أذرعاً فيها، حركة النزوح الهائلة التي ستنتج عن هذه الحرب، اضطراب أسواق النفط، عدم القدرة على تحديد نتائج واضحة حتى لو تغير النظام الإيراني، الدرس العراقي لا يزال ماثلاً أمام الأمريكان وهم بغنى عن داعش شيعية في المنطقة على الأقل في الوقت الحالي.
ما تقوم به دول الخليج باستثناء المحور القطري العماني اليمني المرتبط بالحوثي هو تهيئة الأجواء لعمل أمريكي يحفظ الهدوء ويضمن عدم عودة التوتر للمنطقة وتقديم تطمينات للأمريكيين بذلك من خلال حشد دعم عربي وإسلامي سيشهد صراعاً واضحاً بين تيارات مختلفة حيث سينقسم العرب إلى مؤيد ومعارض وسينعكس على القمة الإسلامية.
دول أساسية قد تكفي موافقتها لطمأنة الأمريكان أما باقي الأصوات فستكون خافتة، الموقف الرئيس يحتاج لوجود مصر والسعودية وباكستان في جبهة واحدة وهي دول لها مكانة إقليمية ودولية وتشكل نطاق الحصار على إيران.
بالمجمل ما يمكن رؤيته حتى اللحظة هو مساومات ما قبل اللحظة الحاسمة والتي قد تنطفئ في حال قبلت إيران بالانكفاء لداخلها وتوقيع اتفاق نووي جديد على قياس إدارة ترامب والانسحاب من الملفات العربية جميعها.
بغير هذا الاتفاق ربما سنرى ضربات أمريكية مركزة وحيوية تقوض أركان النظام الإيراني وتترك الباب لمعارضيه الذين إن أحسنوا استثماره سيتكفلون بالباقي وإلا سيشهد النظام التفافاً جديداً حوله من قبل مؤيديه.
عذراً التعليقات مغلقة