فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
بسبب ضيق الحال وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المادية تجاه الآخرين في المجتمع، نصبت عشرات من الأسر الفقيرة التي لا حول لها ولا قوة خياماً في ساحة السرايا العامة وسط مدينة غزة، ليجدوا فيها الملاذ والمأوى الوحيد لهم بعد طردهم من منازلهم المؤجرة نظراً لتراكم دفع الإيجار الشهري عليهم.
يربطون حولهم قطع صغيرة من الأقمشة في مكان لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار، أحاطوا أجسادهم بقطع القماش البالية من جميع الجهات، افترشوا الأرض وجلبوا بعض القطع الإسفنجية البالية التي لا تصلح للنوم والجلوس عليها، بالإضافة إلى عددٍ من الأواني الصدئة.
تقول السيدة نبيلة محمد (42 عاماً) في حديث لـ”حرية برس”: “ليس لديّ وأسرتي المكونة من تسعة أفراد منزل نأوي إليه، لدينا طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة وزوجي مريض لا يستطيع القدرة على العمل، وكنت أعيش في سكن مؤجر ما يزيد عن خمس سنوات، لكنني قبل ذلك سكنت في بيت العائلة داخل غرفة صغيرة ضيقة، لكن المساحة لم تعد تكفي لنا معاً بعد أن كبر الجيل الجديد، فاضطررنا إلى الخروج والسكن بالإيجار مع زوجي العاطل عن العمل منذ سنوات، واعتمدت على معونة الشؤون الاجتماعية التي تصرف كل ثلاثة شهور من السلطة الفلسطينية كونه مصدر الدخل الوحيد لنا”.
وتضيف “ناشدت الجهات المعنية والجمعيات الأهلية والخيرية في غزة كافة من دون جدوى، واكتفوا بالوعود الشفهية فقط، ثم هددنا صاحب الإيجار الذي قد نفذ صبره نتيجة تراكم ديون الإيجار في ذمتنا، وأودى بنا ضيق الحال في نهاية الأمر إلى نصب خيمة في ساحة السرايا في وسط، منذ عشرين يوماً دون سائل أو مهتم”.
صحنٌ من الحمّص والفول وبعضٌ أرغفة الخبز الذي جلبه أهل الخير والمارة على الأرصفة بجوار ساحة السرايا وسط مدينة غزة، هي وجبة على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان المبارك لأسرة مكونة من 11 فرداً داخل أحد تلك الخيام المنصوبة بساحة السرايا العامة وسط المدينة.
يقول معيل الأسرة المكونة من 11 فرداً “بشير يوسف أبو عرمانة” (41 عاماً) في حديثه لـ”حرية برس”: “إنني كنت أبيع كابون الإعاشة الذي أتلقاه من وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من أجل دفع الإيجار المستحق علي، على الرغم من حاجتي الملحة والماسة إليه، لكن ضيق الحال والظروف الاقتصادية التي يعاني منها قطاع غزة وقلة فرص العمل، اضطرني إلى نصب خيمة داخل ساحة السرايا، في محاولة يائسة للفت نظر الجهات المعنية والمسؤولة في غزة”.
ويضيف “أبو عرمانة” قائلاً: إن “ضيق الحال المالي والمعيشي أدى إلى وصول عدد من أطفالي إلى مرحلة التسول من المطاعم المنتشرة في شوارع مدينة غزة، للحصول على وجبة من الطعام لإطعام أخوتهم”، موضحاً أنه “يعيش على الإعاشة المصروفة من وزارة الشؤون الاجتماعية كل بضعة شهور، وقد تراكمت ديونه من أصحاب البيوت التي كنت يسكنها وأسرته، حتى أن بعضهم قد سامحه بالإيجار في سبيل إخلاء مسكنه”.
ويردف الأربعيني الذي منعه المرض من الحصول على فرصة عمل بسبب إصابته بكسر في العمود الفقري: إن “بعض أولادي قد أدى بهم الحال إلى ترك تعليمهم، واللجوء إلى التسول في غزة لإعالة الأسرة المكونة من 11 فرداً، نظراً لتأخر شيكات الشؤون الاجتماعية التي تصرف للأسر الفقيرة، بالإضافة إلى شرب بعض أطفالي الذين لا يتجاوز أعمارهم العام والنصف حليب الوكالة الذي لا يصلح لأعمارهم”.
وناشد “أبو عرمانة” الجهات المعنية والجمعيات الخيرية الداعمة للأسر والعائلات الفقيرة في غزة، بالنظر بعين الرحمة والرأفة، لتقديم عون المساعدة والدعم، ذلك أن أن بعض الأطفال مصابون بأمراض الربو وأمراضاً جلدية أخرى نظراً لسوء المكان الذي يسكنونه وقلة النظافة.
تراكم الديون على تلك الأسر والعائلات الفقيرة وضيق الحال المادي والظروف المعيشية الصعبة داخل قطاع غزة، اضطرهم إلى الجلوس والعيش في الشوارع بساحة السرايا وسط المدينة، لتكون الملاذ الوحيد لهم رغم كثرة الوعود بإنقاذهم دون نتيجة.
يشار إلى أن نسبة العائلات الفقيرة التي تعيش تحت خط الفقر في قطاع غزة تبلغ 53%، وهي أضعاف نظيرتها في الضفة الغربية التي تبلغ 13.9%، بينما بلغت نسبة من يعيشون الفقر المدقع 33.8% ، أما في الضفة الغربية فقد وصل 5.8%، بحسب ما أورده مركز الإحصاء الفلسطيني في العام 2018.
عذراً التعليقات مغلقة