مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السادس
في اليوم الثالث بعد الأحداث كانت الخدمة قد عادت إلى طبيعتها في السرية، في ذلك اليوم كان من المفترض أن أقوم بدورية ليلية على الحرس، بدأت الدورية في الساعة الثانية عشرة ليلاً؛ تفقدت المحارس الخمسة الأولى وكنت قد وصلت إلى أبعد نقطة عن مبنى السجن، فجأة أسمع صوت أحد المجندين يناديني من بعيد؛ عندما اقترب قال لي أن العقيد يطلبني .. هنا بدأت أتساءل؛ مالذي يريده مني؟ وما هو الأمر الهام الذي جعله لا ينتظر حتى الصباح؟ تركت الدورية وتوجهت إلى مبنى الادارة، فصادفت عند الباب الرقيب ماهر، كان هو الآخر قد تم استدعاؤه، توجهنا إلى مكتب العقيد، عندما دخلنا وجدناه خلف مكتبه ووجهه شاحب يلبس “بيجاما” وكان عنده المساعد مصطفى ثم قال”انتو جماعة فهمانين ومتعلمين شفتوا شو صار معنا ما بدنا هالشي يتكرر مشان هيك ما بدنا كفر ولا ضرب ولا سب” لم تكن إجابتنا إلا “حاضر سيدي” ثم قال للمساعد مصطفى “دبر حدا بدالهن بالسرية” ثم قال لنا “روحوا ع الداخلية” هنا أدركت بأن الأمر الذي كنت أخشاه قد وقع.
توجهنا إلى باب الداخلية الذي نراه لأول مرة، فتح لنا أحد المجندين ودخلنا، كانت هناك غرفة على اليمين وغرفة على اليسار وممر ينتهي بساحة كبيرة في منتصفها قضبان حديدية تحيط بدرج دائري لأعلى البناء وهو يعرف بالمسدس، كانت هناك طاولة على اليسار بالقرب من الحائط وأحد الرقباء يجلس خلفها، جلسنا معه وبدأت أتفحص هذه القلعة التي طوال خدمتي في السرية كنت أحلم أن أراها من الداخل، كان المنظر يجلب الرهبة والتوتر، كمية الحديد والأسمنت وكأنها تطبق على الصدر. الساحة كانت في الطابق الأول ويقابلها أبواب ذات قضبان حديدية كبيرة، كانت سبعة أبواب؛ اثنان على اليمين من جهة الجنوب بينهما درج للأسفل واثنان مقابلنا من جهة الشرق أيضاً بينهما درج للأسفل ودرج للأعلى وتوجد غرفة مغلقة على اليسار، كان هناك باب واحد على اليسار من جهة الشمال، وبابان كبيران واحد في الزاوية الجنوبية الشرقية والآخر في الزاوية الشمالية الشرقية ويبدو أنهما يطلان للخارج.
كان الهدوء يخيم على المكان ولكن الخوف من المجهول كان أكبر، هنا كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة ليلاً؛ طلب منا الرقيب المناوب أن نذهب للنوم ونرتاح استعداداً للخدمة غداً، خرجنا من الساحة وصعدنا إلى مهجع صف الضباط، عندما دخلنا لاحظنا الفرق بين هذا المهجع ومهجع السرية فالفرق كبير من حيث قلة العدد فيه والترتيب والمستلزمات المتوافرة والأسرة والاسفنج والأغطية المدنية، كانت جميع الأسرة مشغولة ولا يوجد مكان ننام فيه، هنا رجعنا إلى الرقيب المناوب وأخبرناه بذلك فطلب من أحد المجندين أن يأخذ الرقيب ماهر إلى مهجع المجندين أما أنا فقال لي تعال معي لنجد لك مكانا.
… يتبع
لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول
لقراءة الجزء الثاني: صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني
عذراً التعليقات مغلقة