علاء فطراوي-إدلب-حرية برس:
يخرج أحمد والد فاطمة في صباح كل يوم إلى مدينة “سرمدا” القريبة، حيث يعمل بشكل غير ثابت عامل يومية في محلات الجملة، ليسد رمق عائلته.
تودعه فاطمة صباح كل يوم، وهي تحمل أخاها الأصغر سناً منها فوق ظهرها، وتحيطه بيديها الصغيرتين خشية وقوعه، بينما يبدو الصغير متعلقاً بعنقها كأنها الملجأ الوحيد الذي بقي له في هذا العالم.
الحياة في المخيم لم تكن سهلةً على أيٍّ منهم، فالطين يحيط بالخيام التي احتموا بها وجعلوا منها بيوتاً لهم بعد نزوحهم المتكرر، إذ عانت فاطمة وأخوها وذووها من حلقات متكررة في مسلسل التهجير، بعد أن أجبرتهم آلة الموت على ترك منازلهم وأراضيهم، فمن ريف حماة الشرقي، إلى ريف إدلب الشمالي، وما بين الريفين قرى وبلدات استقروا فيها بشكل مؤقت ليستمر نزوحهم المؤلم إلى بلدات أخرى، لتتجدد معاناتهم في كل فصل شتاء بسبب تردي الأحوال الجوية وانعدام وسائل التدفئة ونقص الغذاء.
تبدو نظرات فاطمة التي كبرت قبل أوانها مذهولة، من هول المشهد البائس الذي تعايشه يومياً، وتتمنى لو يكون كل ذلك كابوساً ستستيقظ منه قريباً.
تحاول الترفيه عن نفسها في الأيام القليلة التي تبزغ فيها الشمس، فتخرج حاملة أخيها فوق ظهرها، لكنها تئن بثقل خطاها، ذلك أن حذاءها أصبح أكثر سمكاً من أن تقوى قدماها الصغيرتان على حمله والاستمرار في المشي.
كان من المفترض أن تعيش فاطمة طفولة سعيدة، وألا تختبر قسوة الحياة وشظف العيش في عامها الثامن، كان يجب أن تجلس في منزلها مع عائلتها الصغير في انتظار عودة أبيها من العمل، وبينما تطهو والدتها الطعام لأبنائها الصغار، تمضي وقتها في مشاهدة التلفاز مثل أقرانها، وتشارك أصدقاءها في حل الواجبات المدرسية، وتنعم مع أخيها بدفء منزلهم العائلي الذي أصبح أطلالاً بفعل القصف المستمر.
غير أن الحرب التي استعرت ربما قبل أن تبصر عيناها الجميلتان النور، لم تكتفِ بتدمير منزلهم فحسب، بل دمرت أحلامهم البسيطة، وحولت حياتهم إلى واقع مؤلم، يشبه حياة كثيرين من مهجري هذه البلاد ممن يسكنون الخيام.
Sorry Comments are closed