هل ستؤدي أزمات المعيشة في مناطق النظام إلى ثورة جديدة؟

فريق التحرير22 مارس 2019آخر تحديث :

زكي الدروبي – حرية برس:

هدأت موجة الانتقادات لفشل النظام في تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة في مناطق سيطرته بعد أن أتت كلمة السر -كما كان يتحدث الإخوة اللبنانيون عند مرورهم بأزمات- من الأجهزة المعنية، (اخرس ولاك) فخرس الجميع.

لم يبدِ نظام الأسد أي رغبة بالإصلاح، حتى فيما يتعلق بالأزمات المعيشية ولو كان يريد الحلول -بحسب الأستاذ يحيى مكتبي- “لكان استجاب للطلبات البسيطة والمعقولة التي قدمها أهلنا في درعا ببداية الثورة” مضيفاً “لو فعل ذلك لسحب فتيل الانفجار”، وحين شاهدت الناس أنه لن يقدم شيء قررت المضي قدماً لاقتلاع السرطان بالتجريف.

ويضيف مكتبي -الأمين العام السابق للائتلاف وعضو الهيئة العليا للتفاوض- “اليوم لا يوجد موارد والعجلة الاقتصادية في الحضيض، معامل بأكملها نهبت ودمرت وهي التي كانت الماكينة التي تحرك عجلة الاقتصاد” واصفاً أزمات المعيشة في مناطق النظام بأنها “أزمة حقيقية وليست مفتعلة” وهي نتيجة طبيعية لسياساته الإجرامية، “ومهما حاول العالم أن يصور أن النظام انتصر فهو كاذب”.

بدوره يوافق الدكتور تركي درويش ما ذهب إليه مكتبي على أن الأزمة حقيقية وليست مفتعلة.

ويوضح درويش وهو عضو المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري أن الأزمة “نتيجة طبيعية للفساد وكبت الحريات” وهي التي “أدت إلى الثورة السورية” ويرى أن “استغلال النظام لاستعمال السلاح ضده وخاصة بعد أن أفرج من سجونه عن الإسلاميين الراديكاليين الإرهابيين الذين يشكلون خطورة كبرى محاولة لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للثورة السورية”.

لم تخرج الانتقادات التي طفت على السطح من الطبقات الدنيا في المجتمع، بل خرجت ممن يمكن وصفهم بالطبقة المثقفة الموالية جداً للنظام، وهم من صناع الرأي في المجتمع كالممثلين والفنانين والكتاب والصحفيين، والذين دافعوا عنه طيلة فترات طويلة من عمر الثورة السورية، وبرروا له كل المجازر والانتهاكات التي حصلت. لسان حال المؤيدين يقول إن كانت الأزمات المعيشية وانهيار سعر صرف الليرة والتضخم وارتفاع الأسعار سببها الإرهاب، فها هو قد اندحر كما يعلن النظام نفسه، فلماذا لا زالت الأزمات المعيشية مستمرة؟

يرى العميد أحمد الرحال أن هناك تداخلات دولية تضفي على المشكلة الأساسية تعقيداً، فهناك “مادة تضاف في صناعة الغاز تشترى من روسيا، والأخيرة ترفض بيعها كما أنها – أي روسيا – ترفض إعطاء النظام القمح لأجل الخبز إلا بعد دفع ثمنه نقداً، وكذلك ايران التي تمد النظام بالنقط تتلكأ وتتأخر بتسليمه المواد البترولية لهذا تنتج أزمة المحروقات”، ويضيف الرحال “إذن نحن أمام صراع روسي إيراني على القرار في سوريا، فروسيا تقول لولا تواجدنا العسكري وتدخلنا لسقط النظام، لذا يجب أن نكون نحن أصحاب القرار، وكذلك إيران تقول أنها تدخلت في سوريا منذ عدة سنوات تدافع عن النظام وقدمت تضحيات ومن حقها أن تكون صاحبة القرار”.

يتحدث الدكتور درويش في نفس المنحى قائلاً إن النظام لم يحل الأزمة في سوريا في خياره مواجهة الشعب الأعزل الحديد والنار، بل ازدادت عمقاً خصوصاً بعد أن احتلت أراضٍ سورية من قبل مليشيات مختلفة مثل قسد والنصرة وأخرى، وبوجود قوات دولية على الأراضي السورية كالروس والإيرانيين والأمريكان والفرنسيين والأتراك، إلى جانب احتلال القسم الآخر من سوريا من قبل المليشيات الطائفية، عراقية ولبنانية وإيرانية، مما أدى إلى تفشي الفساد بشكل هائل في صفوف النظام ومؤيديه، وهذا التفشي انعكس بشكل كبير على المواطنين وحسب المعرفة الديالكتيكية فإن التراكمات التي تحرم المواطنين من حقوقهم وكم الأنفاس واستعمال القبضة الأمنية وفقدان المواد الضرورية للمواطنين ستؤدي بالنتيجة إلى الانفجار في مناطق سيطرة النظام وخاصة بعد إعلانه دحر الإرهاب.

العقلية الأمنية التي يعتمدها النظام لا تنتج حلولاً للأزمة، فهو لا يستطيع تقديم أي تنازل أو حلول -حسب الأستاذ مكتبي- فطبيعته مبنية على البطش والإجرام ولن يتغير، قد عادت سوريا بسبب إجرام الأسد للقرون الوسطى، وحجم الإنهاك والدمار اللي حصل شيء كبير، والتقارير الدولية تقول أن ما يقرب من 65-70 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، ومهما حاول النظام أن يقول أنه يسيطر فهو أمر كاذب، فبشار الأسد نفسه كان محاطاً بحرس إيراني واليوم الحرس من روسيا، وكبار مجرميه أيضاً كالمجرم سهيل الحسن نفس الأمر، يحاطون بحرس من روسيا.

“مكتبي” يوافق “درويش” بهذه الجزئية فيصف نظام الأسد اليوم بأنه “عبارة عن برواز لصورة ترسم بأيدي آخرين، روسي إيراني أمريكي تركي …. الخ”.

بدوره يتفق العميد رحال مع البقية على أن التراكمات ستؤدي إلى أزمات ستكبر وتكبر مع الأيام وستتفجر والنظام غير قادر على مواجهتها حالياً فهو يعاني من عمليات نخر في الداخل، لهذا يحاول إبراز أن هناك فاسدين، والرئيس لا علاقة له فيهم مع أن السبب الرئيسي هو إصرار بشار الأسد على التمسك بالسلطة وقتل الشعب السوري.

ويرى مكتبي أن التراكمات لوحدها لن تنتج ثورة جديدة طالما استمرينا في نفس طريقة العمل التي بدأناها في 2011 ، فمن ينظر من جهة النظام على المستوى الشعبي إلى جهتنا، لا يشاهد بديلاً مقنعاً، بل يشاهد الاتهامات والاتهامات المتبادلة في جهة الثورة، فلان حرامي وفلان …، وجزء كبير من هذا قام به جيش الأسد الإلكتروني بالتأكيد، وساهموا بتشويه الشخصيات التي لها علاقة بالثورة والمعارضة، وفيه شيء من الصحة، لكن حماس البعض غير المحسوب وممن لا يمتلك الخبرة أدى لخلط الأمور وتشويه صورة الثورة، لننظر للأمر من هذه الجهة، أيضاً فالمواطن لن يتنظر من المعارضة خطابات عن الديمقراطية والحريات، وهي نفس الخطابات التي كان يسمعها من نظام الأسد عن الحرية وبالواقع هناك أجهزة مخابرات تعد وتحصي الأنفاس، وعن الوحدة وهم من عمل على تمزيق الكيانات العربية، والاشتراكية التي تحولت إلى ملايين في جيب رامي مخلوف. حين تسمع الناس الخطابات فقط بالموازاة مع الشائعات عن السرقات والانتهاكات الحاصلة في صفوف الثورة فستذكر شعارات النظام.

يبدو أن الأزمات المعيشية حقيقية في مناطق سيطرة النظام، وقد وصلت إلى مستويات كبيرة، ولم تقدم العصابة العميلة للاحتلال في دمشق أن تقدم أي تنازل، حتى على مستوى تغيير وزير، فما بالكم بتنازلات أكبر، فهل يمكن أن نعمل على تحسين أدائنا عبر وحدة قوانا الوطنية الديمقراطية وتقديم صورة مختلفة عما ألفه الشعب السوري خلال السنوات الماضية من عمر الثورة، أم سنستمر في ذات النهج؟.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل