دار الإفتاء المصرية تغضب رواد شبكات التواصل بعد إعدام 9 شبان

فريق التحرير23 فبراير 2019آخر تحديث :

جهاد الحداد إسماعيل- حرية برس:

نشرت دار الإفتاء المصرية على صفحتها الرسمية في فيسبوك، كاريكاتيراً لإرهابي، بعد ساعات من إعدام 9 متهمين باغتيال النائب العام السابق “هشام بركات”، وقوبلت الصورة، التي تظهر رجلاً بلحية يرتدي ثوباً أبيض وحول خصره حزام ناسف، باستهجان كثيرين، حيث كتبت دار الإفتاء فوق الصورة: “التستر على الإرهابيين مشاركة في جرائم الإرهاب”.

وكان حكم بالإعدام قد نُفّذَ في داخل سجن استئناف القاهرة بحق كل من “أبو بكر السيد عبد المجيد” و”أحمد طه وهدان” و”أحمد هيثم الدجوي” و”عبد الرحمن سليمان كحوش” و”إسلام مكاوي” و”أحمد محمود حجازي” و”أحمد محروس سيد عبد الرحيم” و”محمود الأحمدي” و”أبو القاسم أحمد علي”.

واتهمت السلطات الشبان الذين نفذت فيهم حكم الإعدام بالضلوع في اغتيال النائب العام  السابق، “هشام بركات”، الذي وقع في عام 2016 في وسط القاهرة، عبر تفجير استهدف سيارته، وأثار الحكم لغطاً حول الأسباب التي دفعت السلطات إلى تسريع وتيرة الإعدامات، إذ نُفّذَ الإعدام أيضاً في مجموعتين سابقتين، ليرتفع عدد من أُعدِموا إلى 15 شخصاً خلال أقل من أسبوعين، ما جعل بعض الآراء تذهب إلى ربط الإعدامات بالتعديلات الدستورية المرتقبة التي تضمن للرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” البقاء في الحكم حتى 2034.

ومع الاقتراب من التصويت على التعديلات الدستورية التي تقابل بمعارضة شديدة من المصريين، تتصاعد وتيرة الإعدامات في محاولة للإلهاء أو إسكات الأصوات الرافضة قبل أن تجاهر بالرفض.

وفي تصريح لحرية برس، أكد د. “حاتم عبد العظيم”، أستاذ الشريعة السابق في جامعة الأزهر وعضو مجلس الشعب سابقاً، أن هذة التغريدات “تظهر مدى سقوط المؤسسة الدينية في عهد السيسي، ومدى تحولها إلي أداة سياسية ودخولها في المعترك السياسي وانحيازها إلى طرف دون آخر، وتماهيها مع خطابه، رغم أن هذا الخطاب خطاب متطرف يحرض على إراقة الدماء ويستبيح القتل، وليس من تراث ’دار الإفتاء المصرية’ أن تحرض على القتل على هذا النحو ولا أن تشجع علي إراقة الدماء والتماهي مع الخطاب السياسي لطرف اغتصب السلطة من دون مشروعية، وقتل خصومه السياسيين من دون مرجعية قانونية أو أخلاقيه أو أنسانية، وهذا دليل على سقوط هذه المؤسسه، وتبعيتها للأجهزة الأمنيه والاستخباراتية، وهكذا لا يجوز أن نصنفها مؤسسة دينية ولا ينبغي التعامل معها”.

وأضاف الدكتور “عبد العظيم”، أن فتاواهم تطابق موقف السلطة دائماً، “فلا فرق عندهم بين السطوة والفتوى أو بين إرادة الرئيس وحكم الشرع. وقد أفتى ’شوقي علام’، مفتي الجمهورية، في بيان صادر عن دار الإفتاء، بتهجير أهالي سيناء لأن الضرر يهدد الوطن، ولم يستنكر في بيان واحد ما يفعله الجيش المصري من قتل عشوائي وتهجير مدانين عُزّل في سيناء”.

ويواصل الدكتور “عبد العظيم” تعليقه على حالة الفتوى في مصر، مؤكداً أن هذا التلاعب من المؤسسة الدينية ليس فقهاً دينياً، بل فقه سلطاني، حيث يضيف أنه “لا يمكن تفسير هذا التلون الشديد في ’الفتوى، التي هي ’بيان حكم الله في الواقعة’ بالعودة إلى الفقه، لأنها لا تنتمي إلى الفقه أصلاً”، فقد وُلدت من رحم السياسة والسلطة، أما أصحاب الفتوى أولئك فهم “جزء من جهاز الدولة يأتمرون بأمرها، وكان يمكن فهم هذه الفتاوى على أنها ’فتاوى فقهية’ لو لم تتناغم مع إيقاع السلطة وحاجتها أولاً، ولو اتخذت مسافة تفصلها عن الموقف السياسي للسلطة ثانياً، ولو لم تدخل في سجال ’سياسي’ مع الفتاوى المناقضة لها ثالثاً”.

ووفقاً للدكتور “عبد العظيم”، فإن كل ذلك يجعلنا ننظر إلى هذه الفتاوى لا باعتبارها فقهاً، بل باعتبارها تبريراً فقهياً للجرائم السياسية والأخلاقية للسلطة السياسية، حيث أن “فتاواهم” الدينية تتطابق باستمرار مع موقف السلطة من دون أي مسافة بين السلطة والفتوى، أو بين إرادة الرئيس وحكم الشرع، وبذلك فإن خطابهم لا يتوجه إلى عموم الناس المكلفين، ففتاواهم تنطلق لتخاطب سلوك وسياسات السلطة أو الدولة.

وختم “عبد العظيم” بقوله، إن الفقه “كان يلعب سابقاً دوراً في تيسير أحوال الناس وحياتهم بما يتناسب مع القيم الأخلاقية وفق شرع الله، وحاز على سلطة الحكم الفقهي بوصفه حكماً فاصلاً إذا تغول السلطان وطغى، لكنه الآن بات في كثير من مظاهره في خدمة السلطة وتبرير سلوكها”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل