تفاؤل تركي وتخبط روسي بخصوص “إدلب” بعد قمة “سوتشي”

فريق التحرير18 فبراير 2019Last Update :
زعماء تركيا وروسيا وإيران في قمة سوتشي في روسيا الخميس 14 شباط 2019 – سبوتنيك

أحمد زكريا- حرية برس:

تطرح تصريحات الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، التي أدلى بها خلال القمة الثلاثية التي جمعته بتركيا وإيران في مدينة “سوتشي” الروسية، في 14 شباط/فبراير الحالي، وعقبها، عديداً من التساؤلات، وفق ما يرى مراقبون.

وأفاد “بوتين” أن تواجد الدول الضامنة، روسيا وإيران وتركيا، في إدلب ” مؤقت”، وأضاف: “حققنا نجاحات في سوريا ولكن من المبكر إغلاق تلك الصفحة”.

من جهة ثانية، أعرب الرئيس التركي، “رجب طيب أردوغان”، بعد انتهاء تلك القمة، عن تفاؤله واصفاً إياها بـ”الفعالة جداً والمفيدة للغاية”، في حديثه لإحدى وسائل الإعلام التركية، إلا أن مراقبين يرون أن التطورات على الأرض لا تشي بذلك، في ظل استمرار خروقات روسيا وقوات النظام لاتفاق سوتشي فيما يخص منطقة إدلب.

تصريحات “بوتين” لا تختلف عن تصريحات “ترامب”

وتحاول روسيا، بحسب محللين سياسيين، إيصال رسائل استفزازية إلى تركيا فيما يتعلق بملف إدلب، من أجل الحصول على تنازلات محددة، مقابل عدم التلويح بورقة الحسم العسكري في تلك المنطقة.

وقال المحلل العسكري، العقيد “محمد الأحمد”، لحرية برس: “إن تصريحات ’بوتين’ لا تختلف عن تصريحات الرئيس الأمريكي، حيث تتأرجح أقوالهم بين السلب والإيجاب، فتصريح ترامب عن ’الانسحاب’ غير مؤكد بشكل قطعي، وكذلك بالنسبة إلى تصريح “بوتين” عن أن الوضع بالنسبة إلى إدلب مؤقت”.

العقيد محمد الأحمد

وتساءل “الأحمد” عن ما يعنيه هذا الرجل بكلمة مؤقت، فهل يعني أن وجود الاحتلال مؤقت، أم أن الوضع شبه مستقر مؤقتاً، ريثما ينفجر الوضع ويتعقد الموقف، وهل يعد قصف مدينة “خان شيخون” مؤخراً دليلاً على أن الوضع مؤقت؟

وتابع قائلاً إن “بوتين يريد إرسال رسائل إلى واشنطن، والالتفاف لكسب مزيد من الوقت، وهو يعرف أنه من دون موافقة واشنطن لا يستطيع أن يفعل شيئاً”.

ويرى “الأحمد” أن إيران لا تريد هذا “المؤقت” مطلقاً، بل تريد أن تبقى إلى الأبد، ولكن التحالف الذي يجري لإخراجها ووقف تمددها في المنطقة، ومؤتمر “وارسو” المتزامن مع قمة “سوتشي”، يجعلانها في موقف الحيران الذي لا يريد الانسحاب، بل يفضل الحرب بالهروب إلى الأمام.

وعن تفسيره لما أشار إليه “بوتين” في تصريحه:”حققنا نجاحات في سوريا ولكن من المبكر إغلاق تلك الصفحة”، قال “الأحمد” إن “النجاحات التي يتحدث عنها ’بوتين’ هي القتل والتدمير ومحاولة إعادة تأهيل النظام بالقوة الروسية التي جربها وجرب معها أنواع الأسلحة جميعها على الشعب السوري، ولكن لم تغلق الصفحة لأن الأسد يعجز عن دفع الفاتورة لروسيا التي أنقذته من السقوط، مبيناً أن روسيا لن تخرج من سوريا إلا بضمان مصالحها كاملة، وهذا لم يحصل حتى الأن”.

كلام روسيا غير منطقي وبعيد عن الواقع

وخلال البيان الختامي لقمة “سوتشي”، أكد الزعماء الثلاثة لروسيا وتركيا وإيران على أهمية الاستمرار في محاربة الإرهاب في أنحاء سوريا جميعها، مع تكثيف الجهود لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب.

وقال “مصطفى سيجري”، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم التابع للجيش السوري الحر، لحرية برس: إن “روسيا تدرك أن تركيا لن تسمح بأي عمل عسكري في إدلب ومحيطها، وتأتي تصريحات ’بوتين’ في سياق تشكيل ضغط على الجانب التركي، لتحصيل مكاسب إضافية وإشراكهم في اتفاق مناطق شمال شرق سوريا”.

مصطفى سيجري

واعتبر “سيجري” أن الحديث عن الانسحاب والتواجد “المؤقت”، هو كلام غير منطقي وبعيد عن الواقع، و”بوتين” أكثر من يدرك ذلك، مبيناً في الوقت ذاته أن روسيا تدرك أيضاً أن عدم تمكنها من إعادة إنتاج نظام الأسد وتمكينه من العودة إلى الجامعة العربية لن يكلل جرائمها وسيطرتها على المناطق والمدن والبلدات عسكرياً بأي نجاح، وسوف تعود إلى نقطة الصفر.

وأضاف “سيجري”، أن تركيا دخلت إلى الأراضي السورية بطلب من الشعب السوري، لمساعدته وحمايته من إرهاب الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، ولن تغادر الأراضي السورية إلا بمغادرة آخر جندي روسي وإيراني.

وأشار، إلى أن تركيا باتت أمراً واقعاً وجزءاً من الحل في سوريا، وعليه فإنها تقوم بالدفع قدماً نحو تحقيق حل للمشكلة السورية، وتستغل الخلافات الدولية الإقليمية في دفع الأطراف المتنفذة كافة في سورية لإنهاء الحرب العسكرية، والتفاهم على حل نهائي تنهي فيه معاناة الشعب السوري، على حد تعبيره.

روسيا تريد “إحراج” تركيا من بوابة “إدلب”

ويرى مراقبون أن ملف منطقة إدلب يخضع اليوم لسياسة خلط الأوراق في المنطقة بين الأطراف الرئيسة اللاعبة على الأرض السورية، في ظل الحديث عن عدة سيناريوهات تنتظر المنطقة، رغم الضبابية التي تلف كل التطورات بخصوصها، ورغم الرسائل التي يحاول “بوتين” إرسالها إلى مختلف الأطراف، واصفاً وجود الأطراف الضامنة في منطقة إدلب بالمؤقت.

مضر الأسعد

وقال المحلل السياسي، “مضر الأسعد”، لحرية برس، إن “بوتين يضرب على وتر النظام السوري، وهو يقصد بذلك أن روسيا تحبذ أن يكون النظام السوري في إدلب”.

وأضاف، أن بوتين أطلق ذلك التصريح من أجل إحراج تركيا، لأن تركيا لديها أكثر من 12 نقطة مراقبة عسكرية في إدلب، كما أن روسيا تعرف أهمية إدلب بالنسبة إلى تركيا لثلاثة أسباب، وجود نقاط مراقبة عسكرية وأمنية لها في إدلب وما حولها، ووجود أكثر من 3 ملايين ونصف مليون نسمة، أغلبهم من النازحين من مختلف المحافظات السورية، حيث سينتقل هؤلاء على الفور إثر أي عملية عسكرية واسعة أو في حال دخل النظام إليها، إلى الحدود التركية هرباً من النظام لأن أغلبهم مطلوبون للأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، وأخيراً جغرافية إدلب التي تشكل خطراً حقيقياً على الأمن القومي التركي لقربها من “أنطاكيا” و”الريحانية”، وبالتالي فإن وصول الجيش التابع للنظام والمدعوم من الميليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله وbyd يعني انتقال المشاكل الأمنية إلى عقر دار تركيا.

أما فيما يتعلق بقول “بوتين” عن الإنجازات مهمة التي حققتها روسيا، فيرى “الأسعد” أنه يقصد دخول النظام إلى الغوطة وحمص وجنوب دمشق وبعض مناطق محافظة دير الزور.

وفيما يخص حديث “بوتين” عن أنه “من المبكر إغلاق الصفحة”، أوضح “الأسعد” أن “بوتين” يريد شيئاً أكبر، ويحلم مع النظام السوري باستعادة المنطقة الشرقية مع الرقة ومنطقة “الشامية”.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل