ياسر محمد – حرية برس
تنعقد، غداً الخميس، القمة الثلاثية لزعماء ضامني مسار أستانة حول سوريا، (أردوغان وبوتين وروحاني)، في منتجع سوتشي الروسي، وهي القمة الرابعة التي تجمع الزعماء الثلاثة في مسار أستانة الذي سيطر على الملف السوري وسحب البساط من مسار جنيف الأممي.
وتختلف هذه الجولة عن سابقاتها بمناقشة ملفين ساخنين يُتوقع أن يشهدا توترات بين الحلفاء الذين تتضارب مصالحهم وأولوياتهم في سوريا، وهما: ملف إدلب، والمنطقة “الآمنة” شرقي الفرات، كما سيناقش قادة الدول الثلاث ملف اللجنة الدستورية التي تم تسريب أسماء مكوناتها مؤخراً من دون تأكيد من قبل الأمم المتحدة المعنية وحدها بإصدار أسماء أعضاء اللجنة رسمياً.
إدلب.. الفجوة الأوسع
قبل يوم واحد فقط من انطلاق أعمال القمة الثلاثية، عاود وزير الخارجية الروسي الضغط على تركيا من خلال تأكيده على أن اتفاق إدلب الذي تم التوصل إليه بين روسيا وتركيا في أيلول من العام الماضي، هو “اتفاق مؤقت”.
وأعلن لافروف، اليوم الأربعاء، أن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب لا يعني اتفاقيات الحفاظ على “جيوب إرهابية ويجب تدمير المسلحين”.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن الوزير الروسي خلال مؤتمر صحفي: “الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رؤساء روسيا وتركيا، في أيلول/ سبتمبر، بشأن حل الأزمة في إدلب، كان اتفاقاً مؤقتاً تم تأكيده عدة مرات في الاجتماعات التي جرت بين قادتنا بعد اتصال سبتمبر… ولا يوجد اتفاق يشير إلى الحفاظ المستمر على هذه (الجيوب الإرهابية) على الأراضي السورية”.
وحول السيناريوهات المتوقع نقاشها في قمة سوتشي غداً، نقلت صحيفة “الحياة” عن قيادي في الجيش السوري الحر، توصل روسيا وتركيا إلى صفقة بشأن عمليات عسكرية محدودة في جنوب وغرب إدلب وشمال شرقي اللاذقية ضد مواقع “هيئة تحرير الشام وحراس الدين والحزب التركستاني” في المنطقة المنزوعة السلاح.
وأوضح المصدر لصحيفة “الحياة” أن “الصفقة تتضمن أيضاً فتح الطريقين الدوليين الرابطين بين حلب وكل من حماة واللاذقية، في مقابل تفاهمات مع النظام برعاية روسية، تلتزم فيه أنقرة وحدة أراضي سورية وسيادة النظام على جميع الأراضي، مع تنفيذ اتفاق أضنة بتعديلات توسع عمق المنطقة التي يمكن أن تقوم فيها تركيا بعمليات ضد مقاتلي (وحدات حماية الشعب) الكردية”.
فيما قالت وكالة الأناضول إن القمة ستناقش عدة ملفات في مقدمتها “أحداث العنف المتصاعد في إدلب من قِبل المجموعات الإرهابية الأجنبية المدعومة إيرانياً”. في إشارة إلى هجمات نظام الأسد والميليشيات المدعومة إيرانياً على أرياف إدلب، والتي أدت اليوم الأربعاء إلى استشهاد مدنيين اثنين وجرح خمسة آخرين في خان شيخون، وفق رائد الصالح مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).
شرق الفرات.. مساومة الفرصة الأخيرة
المصدر العسكري من الجيش الحر الذي تحدث لصحيفة “الحياة”، ربط أي عمليات عسكرية جزئية في إدلب، بانفتاح روسيا على توسيع اتفاق أضنة لتمكني تركيا من التوغل شرقي الفرات وإنشاء المنطقة “الآمنة”.
وقال المصدر إن الصفقة الثالثة (إدلب مقابل منبج) بين روسيا وتركيا “بعد صفقة حلب – درع الفرات، والغوطة الشرقية – عفرين، لن تواجه باعتراض أوروبا الأضعف بعد قرار واشنطن سحب قواتها من سورية، بخاصة أن تركيا نشرت تعزيزات هائلة على الحدود لمنع أي موجة لجوء، وتروّج بأن المنطقة الآمنة في الشمال معدة لاستقبال اللاجئين السوريين”.
وفي هذا الصدد، تبدي روسيا رغبتها بخلق نوع من التعاون بين تركيا ونظام الأسد، سيما أن بوتين ركّز خلال لقائه الأخير مع أردوغان في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي بموسكو، على ضرورة تفعيل “اتفاق أضنة” المبرم بين أنقرة ودمشق عام 1998 وفق وكالة الأناضول.
ويمكن أن تفرض روسيا على “الأسد” تعديل الاتفاق بحيث يسمح للأتراك بالتوغل حتى عمق 30كم داخل الحدود وهو ما يكفي لإنشاء المنطقة الآمنة وفق الرؤية التركية وكذلك الأميركية التي أعلن عنها ترامب.
ولا تبدي إيران ردة فعل معلنة تجاه ملفي إدلب وشرق الفرات، إلا أنها تعزز وجودها العسكري في المنطقتين، فميليشياتها تحيط بحدود المنطقة المنزوعة السلاح من اتجاهات ريف حماة الشمالي وحلب الغربي والشمالي، كما لوحظ وجود إيراني مؤخراً في الميادين بدير الزور مع دعوة لتشكيل ميليشيا محلية جديدة هناك تكون ذراعاً إيرانياً في المنطقة.
ويبدو ملف شرقي الفرات أكثر تعقيداً من ملف إدلب، إذ إنه يتجاوز لاعبي أستانة ولا بد لإحراز تقدم فيه من مشاركة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية في القرار كونها تركت شريكاً يمثلها على الأرض (قوات سوريا الديمقراطية، قسد)، ونسبت إليه مفخرة “الانتصار” على تنظيم الدولة “داعش” الذي يندحر من آخر معاقله السورية في هذه الأثناء.
عذراً التعليقات مغلقة