مات حافظ و لم تمت حماة

محمود أبو المجد2 فبراير 2019آخر تحديث :
محمود أبو المجد

 ثلاثة عقود وسبعة أعوام انقضت على أكبر مجزرة في عهد حافظ الأسد، مجزرة ولدت المآسي وتركت الأطفال بلا آباء، وإلى تلك المدينة في وسط سوريا وصلت أولى الرسائل التي وجهها حافظ الأسد إلى الشعب السوري بعدم المطالبة بالحرية. كان يظن أن الشعب سيموت والحاكم سوف يستمر، فعظمة السلطة أغشت عينيه معتقداً أن الحاكم لا يموت وأنه باق إلى الأبد، فأين هو حافظ الأسد وأين هي حماة؟

مرت الأعوام والعدالة لم تنصف الضحية، العدالة التي غابت عن مجزرة راح ضحيتها آلاف، ومنذ ذلك اليوم أصبح الشعب السوري على يقين ودراية بحجم الإجرام الذي قد ترتكبه أسرة الأسد من أجل السلطة، ففي الثاني من شباط من عام 1982 توجهت فوهات المدافع لتهدم أحياءً كاملة على رؤوس ساكنيها. حوصرت المدينة عدة أيام وبدأ القصف والعالم كله وضع غشاوة على عينيه، راضياً بما يحصل، كما هو راض الآن عن مجازر الابن بشار التي وصلت إلى تدمير أحياء المدن السورية كاملة، وما سكوت العالم عن هذه المجازر إلا قبول ورضىً وقد يكون دعماً من بعض الدول، هذا إن لم يكن كلها، الحاكم مات وحماة لم تمت وما زالت شامخة تروي لأبنائها ما حصل في أحياءها.

وهذي رسالة يجب أن يفهمها الجميع، مفادها أن الشعوب لا تموت والحكام زائلون، والثورة السورية حينما انتشرت على بقعة واسعة من الأرض السورية لم تكن تنتظر عطف العالم، فالشعب السوري على علم بسكوت الجميع عن جرائم النظام، كما سكتوا في مجزرة حماة عن جرائمه، فطفل إسرائيل المدلل لا يستطيع أحد الاقتراب منه، لكنهم تناسوا أن الشعب الثائر لا يتراجع حتى تحقيق أهدافه بالحرية والكرامة وتحقيق العدالة المرجوة.

وكما مات حافظ وبقيت حماة، سيموت بشار وتبقى سوريا وشعبها، وتسجل صفحات التاريخ البطولات التي سطرها الشعب لتحقيق العدالة التي حاول العالم أجمع تغييبها، وما استمرار الشعب السوري في ثورته إلا دليل على عظمة قضيته واقتصاصه من الظالم ومحاسبة كل المسؤولين عن قتل الشعب السوري، بدءاً من مجزرة حماة وحتى اليوم، والمجازر كثيرة لأن القاتل نفسه والضحية نفسها وهي الشعب.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل