تفعيل “اتفاقية أضنة”.. الأرض مقابل “الشرعية”!

فريق التحرير25 يناير 2019آخر تحديث :
Getty

ياسر محمد – حرية برس

فيما يبدو للعلن، ترفض تركيا بإصرار أدنى اعتراف بشرعية نظام الأسد، وتبقى على خلاف دائم مع حليفيها في مسار آستانة، إيران وروسيا، حول هذه النقطة، ومع تراجع موقف الولايات المتحدة من نظام الأسد، وما تبعه من مواقف أوروبية وعربية متراخية، يمكن القول إن أي اعتراف من تركيا، ولو كان على أدنى المستويات، سيمهد الطريق لعودة نظام الأسد بقوة في حاضر البلاد ومستقبلها.

فهل لوّح بوتين باتفاقية “أضنة” لإجبار تركيا على الدخول في مفاوضات -ولو غير مباشرة- مع نظام الأسد، بحيث تحقق تركيا المنطقة الآمنة التي تطمح إليها وتصر عليها في مناطق شرق الفرات، مقابل أن يحصد نظام الأسد “شرعية” واعترافاً هو الأصعب بالمطلق من قبل تركيا؟.

بوتين وأردوغان أعادا في لقائهما أول من أمس إحياء اتفاقية “أضنة” الموقعة بين نظام حافظ الأسد وتركيا عام 1998، مطالبين بتطويرها بغية الاستجابة للمنطقة الآمنة المزمعة على طول الحدود السورية التركية، وفيما يقول أمنيون وسياسيون إن الاتفاقية سرية بالكامل، فقد تحدثت وسائل إعلام عربية وعالمية عن بعض البنود المعلنة منها، وهي: “تعاون سورية التام مع تركيا في مكافحة الإرهاب عبر الحدود، وإنهاء جميع أشكال الدعم من دمشق لـ (حزب العمال الكردستاني)، وإغلاق معسكراته في سورية ولبنان، وطرد زعيم التنظيم عبدالله أوجلان، والعمل على منع تسلل مقاتلي الحزب إلى تركيا، وحفاظ تركيا على حقها في الدفاع عن النفس، والمطالبة بتعويضات عادلة عن خسائرها في الأرواح والممتلكات إذا لم يوقف النظام السوري دعمه لحزب العمال. ويمنح الاتفاق تركيا حق ملاحقة الإرهابيين في الداخل السوري حتى عمق 5 كيلومترات، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر. وأنهى الاتفاق أيضاً أي مطالب حدودية للطرفين في أراضي الطرف الآخر (التنازل عن المطالبة بلواء اسكندرون)”.

محللون أتراك رأوا أن استخدام روسيا اتفاق أضنة في هذا الوقت يبدو ذريعة لإجهاض فكرة المنطقة الآمنة، مع تلميح مصادر تركية إلى أن موسكو تحاول استخدام اتفاق أضنة كمبرر للالتفاف على فكرة “المنطقة الآمنة”، خدمة لمصالح النظام السوري.

العميد والمحلل العسكري أحمد رحال، رأى أن هدف بوتين من التذكير والتأكيد على اتفاق أضنة، هو “إعادة تدوير” للنظام وتذكيرٌ لأنقرة بأنه لا يزال موجوداً.

ولفت رحال إلى أن موسكو سعت دائماً لإعادة الشرعية لنظام بشار الأسد، التي فقدها بعد قتله للمدنيين واستخدم ضدهم كافة أنواع الأسلحة، حتى الكيميائية منها.

أما الكاتب الصحفي عهد فاضل، فقال معلقاً على الجدل الروسي التركي: “تريد روسيا أن تجعل من التدخل التركي في سوريا، ممراً لترتيب أوراق الأسد مع أنقرة. والأسد لا يمانع لطالما التواصل التركي معه سيعني اعترافاً ولو جزئياً بوجوده. كأن روسيا تقول: إذا لم تستجب الجامعة العربية وتعيد الأسد، فسأعيده إلى تركيا. ساعتها، ستتغير معادلات المنطقة جذرياً”.

وأردف موضحاً في منشور على صفحته في تويتر: “هل ستكتفي تركيا بالدخول 5 كم في سوريا حسب ما تنص (أضنة)؟ إذا كانت الـ 5 كم كافية، فإذن لا تفاوض مع بشار الأسد، إذا لم تكن كافية، إذن، هناك تفاوض، حكماً”.  

محللون عرب وأتراك ذهبوا مذهب فاضل، مؤكدين أن هدف بوتين من استرجاع اتفاقية أضنة، هو الضغط على تركيا إما لتحجيم المنطقة الآمنة بشريط حدودي ضيق بعمق (5 كم)، أو التفاوض مع نظام الأسد وبالتالي الاعتراف به إن أرادت تركيا منطقة آمنة بعمق 30 كم.

لكن الرئيس التركي كان واضحاً عندما طلب إعادة النقاش حول اتفاقية أضنة، ما يعني الاستناد إليها لتوسيع رقعة المنطقة الآمنة وفق مقتضيات المرحلة، ويبقى السؤال: مع من سيكون هذا النقاش؟.. مع روسيا وإيران المسيطرتين فعلياً على قرار نظام الأسد وحليفتي أنقرة في مسار آستانة، أم مع نظام الأسد عبر وسيط؟.  

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل