ياسر محمد – حرية برس
عادت إدلب لتتصدر المشهد السوري بعد تصريحات وتجاذبات بين طرفي اتفاق سوتشي (تركيا وروسيا) اللتين توصلتا إلى هدنة فيها، منذ أيلول الماضي، إلا أن سيطرة “هيئة تحرير الشام” على معظم المحافظة والأرياف القريبة منها مؤخراً، أدى إلى تغير المواقف وتعدد السيناريوهات التي يمكن أن يؤول إليها الوضع هناك.
وشهد اليوم الجمعة تصريحات متضادة من الطرف الروسي، والتركي، فيما دخلت الأمم المتحدة على الخط من بوابة ضرورة الحفاظ على الخدمات الإنسانية الضرورية.
ففي مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الجمعة، إن “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام) تنتهك نظام المنطقة المنزوعة من السلاح في إدلب.
وأشار لافروف إلى أن الهيئة تسيطر على 70% من أراضي إدلب على الرغم من الاتفاقات الروسية- التركية، مضيفاً “النصرة تنتهك نظام المنطقة منزوعة السلاح في إدلب”.
وأضاف: “الأسلوب الوحيد لمنع ظهور الإرهاب مرة أخرى في سوريا يتمثل في تسليم الأراضي لتسيطر عليها الحكومة (نظام الأسد)”.
من جانبها، قالت تركيا على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية، إن أنقرة لن تسمح للاستفزازات بزعزعة التفاهم القائم مع روسيا بشأن منطقة إدلب.
وأكد المتحدث باسم الخارجية، حامي أقصوي، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الجمعة في أنقرة، أن تركيا تعمل من أجل إدامة وقف إطلاق النار عبر تفاهم إدلب، لافتاً إلى أن نظام الأسد قام ببعض الاستفزازات خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف أن اتفاق إدلب جنّب المنطقة كارثة إنسانية كبيرة، ونال تقدير المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن نظام الأسد يسعى وراء نصر عسكري، إلا أن الحل السياسي هو الممكن في سوريا.
ويأتي تناقض الموقفين التركي والروسي من قضية إدلب ليعيد طرح سيناريوهات جديدة، ربما تبقى معلقة حتى عقد جولة جديدة من محادثات “أستانة” في شباط القادم.
الأمم المتحدة دخلت على الخط للمرة الأولى بعد سيطرة “تحرير الشام” على المنطقة، وقالت إن تداعيات سيطرة “هيئة تحرير الشام” على إدلب شمال غربي سوريا “لم تتضح بعد”.
وفي مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، أمس الخميس، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، قال إن الاقتتال المحتدم بين الفصائل في إدلب مطلع العام الحالي أدى إلى توسع سيطرة “تحرير الشام” على مفاصل حيوية في إدلب. وأضاف: “لم تتضح بعد الآثار الكاملة المترتبة على سيطرة تحرير الشام على إدلب”، مشيراً إلى أن “الأمم المتحدة وشركاءها يتابعون التطورات عن كثب لضمان استمرار العمل الإنساني المستقل والمحايد”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الاقتتال الأخير أودى بحياة الكثير من المدنيين في المنطقة، بالإضافة إلى إصابة العشرات، كما أدى إلى إيقاف النشاطات الإنسانية والأعمال الإغاثية في المنطقة خلال أيام المعارك، التي تزامنت مع ظروف جوية سيئة زادت من معاناة المدنيين، خاصة في المخيمات.
وكانت “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) قد شنت هجوماً على فصائل المعارضة، بداية الشهر الجاري، سيطرت بعده على معظم محافظة إدلب وريفي حماة الشمالي وحلب الغربي، ما أدى إلى تعقيد الأمور في إدلب التي تضم نحو 4 ملايين مدني من سكانها والمهجّرين إليها من مناطق “المصالحات”، خاصة وأن “تحرير الشام” مصنفة على لوائح الإرهاب في معظم الدول الفاعلة في الشأن السوري، ومنها روسيا وتركيا المعنيتين مباشرة بملف إدلب.
Sorry Comments are closed