محمود أبو المجد – حرية برس:
ستة أعوام مرت لا يمكن أن تمحى من ذاكرة أهل حمص، ففي ساعات الصباح الأولى من ذلك اليوم، أغلقت الطرقات المؤدية إلى تلك القرية التي شهدت إحدى أكبر المجازر في الثورة السورية؛ قرية “الحصوية” التي تقع على ضفاف نهر العاصي، وتحاذي حمص من الجهة الشمالية.
راح ضحية مجزرة “الحصوية” ما بين 400 إلى 500 شهيد، ويروي لنا ’’خالد المزرع‘‘ تفاصيل تلك المجزرة قائلاً: ’’مع ساعات الصباح الأولى، بدأ انتشار جيش النظام في كافة جهات القرية التي كانت تحت سيطرة قواته، وخيّم الخوف على أهالي القرية الذين لا يزيدون عن ألفي شخص، حيث طلب منهم التزام المنازل، وكان الوقت يمضي والقلوب تنبض رعباً وكأنهم يعلمون ما سيحدث‘‘.
وأضاف المزرع: ’’كنت أنظر من نافذة المنزل والشوارع خالية، وفجأة دخل العناصر وانتشرو في شوارع القرية وفي محيطها، واقتحموا منازل المدنيين، لم نكن نعرف ما حدث، ولا أنهم سيقتلون الأطفال والنساء بدم بارد، وسيحرقون الأطفال الصغار في المدافئ أحياء، لكنا شعرنا بالخطر من حولنا وبضرورة الهرب من أجل النجاة‘‘.
“وصلت قوات الأسد وشبيحته إلى المنزل المجاور، وسمعتُ الصراخ وأصوات الرصاص في داخل المنزل، شعرت حينها بالخطر يقترب أكثر فأكثر، وطلبت من زوجتي أن نخرج عبر بساتين القرية باتجاه الغرب لنتمكن من الوصول إلى أطراف حي الوعر، وبالفعل هذا ما فعلناه، كان الحذر سيد الموقف، لأننا نعلم مصير من يقع بين أيديهم”.
وأضاف الشاب الناجي: ’’بعد وصولي إلى منطقة آمنة، بعيداً عن القرية أحسست بشعور غريب يمتزج فيه الخوف مع الأمل بالحياة، لكن ما أذهلني كان ما حصل في القرية من قتل وحرق للجثث على يد شبيحة نظام الأسد، هذا النظام الذي لم يتوان لحظة عن قتل الأطفال والنساء والشيوخ الكبار. أودت تلك المجزرة بعوائل كاملة، وعرف منهم الشهداء سمير المزرع، ومحمد الدعبول الشهاب، ومؤذن مسجد الحصوية خضر البوشي، والشاب مفيد شهاب‘‘.
كما استشهد جميع أفراد عائلة “غالول”، وكان لعائلة “المهباني” النصيب الأكبر من الشهداء، واستشهدت في القرية عوائل بأكملها؛ آل مزرع وآل شهاب وآل الدرويش وآل السهو وغالول والبرهوم وخزام ودياب والبوشي والخالد والطيار ورومية والمهباني وعكاش والحوزاني، حيث قتلوا بأبشع الطرق، ذبحاً بالسكاكين وحرقاً بالنار، بالإضافة إلى إعدامات ميدانية.
وشارك في هذه المجزرة شبيحة موالون لنظام الأسد من قرية المختارية وقرية الحازمية وشبيحة آل الحلبي، بحماية فرع المخابرات الجوية التابع للنظام. وفي صباح اليوم التالي، في السادس عشر من كانون الثاني/ يناير، اكتشف الناس حجم المجزرة، كان يوماً دامياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، يوماً من أيام القهر الذي عاشه الشعب السوري.
مضت ست سنوات ولم يحاسب أحد المجرم ، وما زالت صور الجريمة تسكن في عقول من بقوا ومن نجوا. كان يوم ثلاثاء ولهذا سمي بـ’’الثلاثاء الأسود‘‘؛ لأن الشعب أراد الحرية قتلوه.
====
Sorry Comments are closed