منطقة “آمنة” مبهمة تعمّق الانقسامات السورية

فريق التحرير15 يناير 2019آخر تحديث :
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان ـ AP

ياسر محمد – حرية برس

ينزلق المشهد السوري نحو مزيد من الغموض والإبهام، في مرحلة كان يأمل السوريون والعالم أن يتم فيها التوصل لـ”حل سياسي”، إلا أن الخلافات الدولية والإقليمية أطاحت بكل الآمال إذ إن الدول الفاعلة في الملف السوري أخذت مصالحها بالاعتبار دون مصالح السوريين، فحوّرت ما تُعرف بالدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وإيران وتركيا) مسار محادثات السلام الأممية التي توالت حلقاتها في جنيف، قبل أن يحتكرها الضامنون الثلاثة في أستانة ويقضوا على معظم المناطق المحررة سلماً (مصالحات وتهجير) وحرباً، فيما يتم الآن بحث مصير آخر قلاع المعارضة في إدلب وما حولها بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” عليها، وكذلك منطقة شرق الفرات التي تشهد حالياً غلياناً غير مسبوق بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من سوريا في غضون 120 يوماً.

وبعد تجاذبات دولية وإقليمية وداخلية لتقرير مصير شرق الفرات، أقر الانفصاليون الأكراد بفشل محادثاتهم مع نظام الأسد، والتي أدارتها روسيا، وطلب الانفصاليون الأكراد بموجبها حكماً شبه ذاتي وإدارة مشتركة للمناطق التي يسيطرون عليها.

ومع فشل “قسد” في إبرام صفقة مع النظام وروسيا، تبدو اليد العليا في المنطقة أو جزء منها على الأقل لأميركا (رغم إعلان انسحابها) وتركيا التي لن تتنازل عن حماية حدودها وأمنها القومي من التهديدات الحالية والمستقبلية لـ”بي كي كي” الإرهابي وأذرعه السورية.

وفي مستجدات التجاذبات بين الحليفين – العدوين، قالت تركيا إنها توافق “مبدئياً” على خطة ترامب لإنشاء منطقة آمنة على طول حدودها الجنوبية مع سوريا بعمق 20 ميلاً (30-40 كم).

وبحث الرئيس التركي مع ترامب في اتصال هاتفي، أمس الاثنين، المنطقة الآمنة، من دون ذكر أي تفاصيل، ما يجعلها لغزاً لم يستطع أحد حتى الآن فك رموزه، فلا تركيا تحدثت عن تفاصيل، ولا ترامب ذكر أي تفاصيل حول الجهة التي ستقيم تلك المنطقة وتديرها وتمولها، علماً أن تلك المنطقة ستشمل مدناً وبلدات عدة تسيطر عليها “قسد” الآن، منها: عين العرب (كوباني) ورأس العين وصولاً إلى مدينة القامشلي في أقصى شمال شرق سوريا، فضلاً عن الدرباسية وسروج والقحطانية وعامودا والمالكية..

وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، قال معقباً على مقترح ترامب: “اقتراح واشنطن إنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا جاء بعد رؤيتها عزم وإصرار تركيا، ونحن لا نعارض مبدئياً هذا الاقتراح”.

التفاصيل العملية والعملياتية للمنطقة الآمنة يمكن أن تتوضح اليوم الثلاثاء، بعد لقاء رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال دافورد نظيره التركي، وفق ما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، التي قالت أمس الاثنين للصحفيين: “لمواصلة المشاورات مع تركيا بشأن سوريا سيلتقي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال دانفورد بنظيره التركي يوم الثلاثاء”.

وما يزيد المشهد تعقيداً تأكيد قيادي في المعارضة المسلحة أن المعارك ستستمر في المنطقة حتى بعد الاتفاق على إنشاء منطقة آمنة، وهو ما يتعارض مع إصرار واشنطن على حماية “حلفائها” الأكراد بعد الانسحاب الأميركي من شرق سوريا.

وفي هذا السياق، قال مسؤول في “الجيش الوطني” التابع لـ”الجيش السوري الحر” المعارض، اليوم الثلاثاء، إنّ اتفاق تركيا والولايات المتحدة، على إقامة منطقة آمنة على الحدود السورية التركية، لا يعني انتهاء المعارك ضد مليشيا “قسد”، شمال شرقي سوريا.

وقال المتحدث باسم “الجيش الوطني” يوسف حمود، في تصريحات لصحيفة “العربي الجديد” إنّ “منطقة شمال سوريا ستشهد معارك في المستقبل، بهدف تخليص السكان من تلك المليشيات الانفصالية”.

وتبقى خيارات الأطراف الداخليين والإقليميين مفتوحة على تحالفات غير متوقعة في ظل تعدد السيناريوهات في المنطقة وإصرار كل طرف على التفرد بالسيطرة عليها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل