فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
في أحد البيوت البلاستيكية المغطاة من جميع الجوانب في بلدة بيت لاهيا، القريبة من الحدود الشمالية لقطاع غزة، والتي يوجد في داخلها آلاف من أشتال ثمار الفراولة ذات اللون الأحمر، والمعلقة بواسطة أحبالٍ لا يتجاوز طولها عدة أمتار، استطاع المزارع الفلسطيني ’’أبو خوصة‘‘ تطوير محصول الفراولة الذي اعتاد على زراعته في كل عام بطريقة حديثة ومتطورة تجذب الزائرين إليه.
وقال المزارع ’’أكرم يونس أبو خوصة‘‘، والبالغ من العمر 43 عاماً، في حديثه لحرية برس، إن ’’المحصول السنوي الأساسي لدي هو الفراولة، حيث اعتدت زراعتها بشكل تقليدي، واستغلال المساحات الواسعة من الأراضي الزراعية، في ظل الزحف العمراني والسكاني الكثيف، قبل عشر سنوات من الآن‘‘.
وبيّن المزارع أبو خوصة، أن ’’بداية فكرة زراعة الفراولة المعلقة كانت في عام 2015 ، حيث ابتكرها مزارعون فلسطينيون في محافظات الضفة الغربية في إتحاد العمل الزراعي، ومن ثم نقلوا الفكرة إلى قطاع غزة، من أجل تحسين إنتاج الفراولة بطريقة جديدة، كما حظيت تلك الفكرة بدعم مالي من مؤسسة (الفاو) للأغذية العالمية‘‘.
وأوضح أبو خوصة أن الفكرة طرحت عليه من أجل تطبيقها في أرضه الزراعية في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة على مساحة دونم واحد كتجربة في البداية عام 2015، لكن الأمرحظي بالنجاح، فقام بتوسيع المشروع بعد ذلك، منوهاً إلى أن فكرة الفراولة المعلقة تعطي إنتاجاً أفضل وتستخدم مساحة أقل، مقارنةً بالطريقة التقليدية.
وذكر المزارع أن المحصول كان أفضل من محاصيل الضفة الغربية ومناطق سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة للعوامل المناخية والتربة الخصبة.
ويعتبر مناخ بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، من أفضل الأجواء المناخية المناسبة لزراعة ثمار ’’الذهب الأحمر‘‘ المعروف بالفراولة ذات الجودة العالية على مستوى العالم، حيث إن نسبة نجاح موسم محصول الفراولة في داخل البلدة تقدر بـ 90 % مقارنةً بمناطق الضفة الغربية والدول العربية.
وأضاف أبو خوصة أن محصول قطف ثمار الفراولة المعلقة قد وفر المساحات الواسعة من الأراضي والإنتاج الوفير لها، موضحاً أن ثلاثة دونمات من المحصول المزروع بالطريقة التقليدية، تحتاج دونماً واحداً فقط إذا ما زرعت باستخدام الطريقة الحديثة ’’ التي تم عزلها واستخدام التربة الصناعية لها تحتاج ماء أقل بنسبة 80% مقارنةً باالأسلوب التقليدي.
وأشار المزارع إلى أن الدونم الواحد يتسع لـ 7500 شتلة فراولة مزروعة تقليدياً، ما يقدر بـ3 طن، مقارنةً بالزراعة الحديثة المعلقة التي يتسع فيها الدونم لـ12 ألف شتلة، مؤكداً أن زيادة عدد الأشتال يؤدي إلى زيادة المحصول بكمية تقدر بـ9 أطنان للدونم الواحد، فضلاً عن بعدها عن الحشرات والقوارض وجودتها العالية.
ويصدر المزراع الفلسطيني أبو خوصة، ما أنتجه محصوله كل موسم، إلى الأسواق الخارجية، منافساً المنتجات ذات الجودة الممتازة هناك، معللاً ذلك بأن تحكم الاحتلال الإسرائيلي المستمر في تصدير المحاصيل الزراعية يقف عائقاً أمام وصول المنتج إلى الأسواق الخارجية بسرعة كبيرة.
بدوره، قال مدير التسويق في وزارة الزراعة في قطاع غزة، المهندس ’’تحسين السقا‘‘، إن ’’موسم ثمار الفراولة لهذا العام أفضل من الأعوام الماضية، حيث أن عدد الدونمات المزروعة وصلت إلى 1200 دونماً، ويقدر إنتاج محصولها بـ3500 طن مقارنة بالأعوام الماضية، بفارق 500 طن في محصول الذهب الأحمر‘‘.
وأوضح السقا أن موسم الفراولة بدأ في أول كانون الأول/ديسمبر الجاري، ويستمر إلى نهابة شهر يناير المقبل، فيما صُدِّرتْ ثمار الفراولة إلى أسواق الضفة الغربية، حيث وصلت الكمية المصدرة يومياً إلى 300 طن تقريباً.
وأشار المهندس إلى الصعوبات التي يواجها المحصول من كل عام، والمتمثلة في تسويق المنتج في الأسواق الخارجية، والقدرة على المنافسة، في ظل وجود الفراولة المصرية والمغربية ذات السعر الرخيص في الأسواق الأوروبية، ولذلك قامت وزارة الزراعة بتسويق المحصول وثماره في أسواق الضفة الغربية.
وأرجع مدير التسويق في وزارة الزراعة في غزة، سبب غلاء الفراولة في الأسواق الغزية المنتشرة في كافة محافظات قطاع غزة، إلى كون محصول الفراولة محصولاً تصديرياً في الأساس، مقارنة بالخضروات التي تكون في متناول أيدي المواطنين الغزاويين، وهي من السلع الكمالية، من أجل تحقيق عائد مادي للمزارع الفلسطيني، في ظل حصار الاحتلال الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عاماً.
وتشتهر بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة بزراعة ثمار محصول الفراولة في كل عام، ويرجع ذلك إلى الطبيعة المناخية المناسبة لها، إلى جانب التربة الخصبة هناك، إلا أن المزارعين الفلسطينيين قد نجحوا في تطوير زراعة الذهب الأحمر منذ عام 2015 بطريقة جديدة، لزيادة الإنتاج والتغلب على الزحف العمراني الذي يحتاجه المحصول في أثناء زراعته.
عذراً التعليقات مغلقة