شكوك في فرنسا حول التلاعب بالاحتجاجات عبر وسائل التواصل

مصطفى عباس10 ديسمبر 2018آخر تحديث :
مصطفى عباس
احتجاجات الستر الصفراء في أسبوعها الثالث بمدينة رانس شمال شرق باريس، السبت 8 ديسمبر 2018، عدسة مصطفى عباس، حرية برس

مصطفى عباس – فرنسا – حرية برس

لم تحقق القرارات التي اتخذها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الأهداف المطلوبة منها، ورغم إلغائه لرفع أسعار الوقود بشكل نهائي إلا أن وتيرة المظاهرات المناهضة لم تنخفض، بل على العكس رفع المتظاهرون سقف مطالبهم، وانتقلوا للخطوة الثانية، وهي رفع القوة الشرائية للمواطن الفرنسي.

الرئيس ماكرون من المتوقع أن يتوجه الاثنين بخطاب إلى الفرنسيين يكشف فيه عن الخطة التي سيعتمدها لمحاولة الاستجابة لمطالب المحتجين أو على الأقل تلك التي تتعلق بتحسين الأوضاع المادية بالنسبة إلى الفئات المهمشة أو ذات المداخيل المحدودة.

إلى ذلك قال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير أن احتجاجات السبت شارك فيها 125 ألف شخص وأن 1385 تم إيقافهم، وهو رقم قياسي يسجل لأول مرة. وأفاد الوزير في حصيلة غير نهائية أن المشادات التي جرت بين قوات الأمن والمتظاهرين أو الذين يستخدمونها غطاء لارتكاب أعمال عنف قد أسفرت عن إصابة 118 شخصا بجروح بينهم 17 من قوات الأمن. من ناحيته حذر وزير المالية برونو لو مير من “كارثة اقتصادية” بسبب مظاهرات “السترات الصفراء” التي دخلت أسبوعها الرابع. وقال لومير ” إنها كارثة على اقتصادنا”، مضيفا “لابد أن نتوقع تباطؤاً جديداً في النمو الاقتصادي في نهاية العام ” مضيفا أنه سيقدم المزيد من التفاصيل في الأيام القادمة. فكيف رأت الصحافة الفرنسية ما جرى على أراضيها؟

ترامب يتدخل في الشأن الفرنسي

نبدأ من صحيفة اللوموند العريقة التي عنونت “فرنسا تطالب ترامب بعدم التدخل في السياسة الفرنسية الداخلية”. وتضيف الصحيفة أنه للمرة الثالثة يقحم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه في موضوع احتجاجات الستر الصفراء، وهو ما استدعى رداً من وزير الحارجية جان ايف لودريان، داعياً ترامب لعدم التدخل في الشأن الفرنسي” أقول للسيد ترامب وقالها له رئيس الجمهورية الفرنسية أيضاً، نحن لا نتدخل في شؤون ونقاشات الأمريكيين، دعونا نعش حياتنا حياة أمة”.
الرئيس الأمريكي كان قد غرد مجدداً على تويتر “إنه يوم وليلة محزنان في باريس، ربما حان الوقت لإنهاء صفقة باريس السخيفة، والمكلفة جداً، عبر إعطاء المال للناس من خلال تخفيض الضرائب”.

وتضيف الصحيفة اليمينية أن ساكن البيت الأبيض كان قد سخر الثلاثاء من التنازلات التي قدمها إيمانويل ماكرون إلى “السترات الصفراء”، قائلا إن اتفاق باريس محكوم عليه بالفشل. وتنوه الصحيفة إلى تدهور العلاقات “الودية” بين الزعيمين بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، حتى أن الرئيس الأمريكي استهزأ الشهر الماضي، عند عودته من الاحتفال بالذكرى المئوية لهدنة الحرب العالمية الأولى في باريس من انخفاض شعبية نظيره الفرنسي.

حسابات مشبوهة

وفي عنوان آخر قالت الصحيفة ذاتها “السترات الصفراء: شكوك حول التلاعب على الشبكات الاجتماعية”.

وتوضح الصحيفة أنه في السنوات الأخيرة، كان تدخل قوة أجنبية في السياسة الوطنية من خلال الشبكات الاجتماعية سيناريو تخشاه الدولة الفرنسية . وقد تجسد هذا في الأيام الأخيرة، عبر احتجاجات السترات صفراء.

وتتابع الصحيفة أن أجهزة المخابرات لديها شكوك بما فيه الكفاية للتحقق من بعض الأنشطة على الشبكات الاجتماعية. ويقول مصدر مطلع إن السلطات مهتمة بشكل خاص “بالحسابات المفتوحة منذ أسبوعين والتي ترسل مائة رسالة في اليوم”.

إن حركة “السترات الصفراء” تدين بالكثير للشبكات الاجتماعية وبالأخص إلى فيسبوك: هذا هو المكان الذي تم تنظيم الاحتجاجات منه، ويعود الفضل جزئياً له إلى أن هذه الحركة تواصل وجودها وبدون قادة معينين.

وتضيف الصحيفة أنه في الأيام الأخيرة، لاحظ بعض الباحثين والخبراء والشركات سلوكًا مشبوهًا، خاصةً على تويتر. حيث ظهر مستخدمون في وقت قريب جدًا وكان لديهم شغف كبير لتصوير الصراع مع السترات الصفراء. حيث تنشر هذه الحسابات صورًا ونصوصًا تظهر أن فرنسا قد اشتعلت فيها النيران، وليس لهذه الحسابات حضور رقمي آخر في هذا الفضاء التفاعلي، سوى هذا الحساب الوحيد. ولاحظ آخرون إنشاء حسابات في الخارج، تنقل العديد من المعلومات المزيفة أو المبتورة عن حركة “السترات الصفراء”. والهدف المشترك هو تصوير بلد خربته حرب شبه أهلية.

كأننا في كوريا الشمالية أو روسيا

صحيفة لو باريسيان عنونت نقلاً عن أحد محتجي الستر الصفراء ” لقد منعنا من التظاهر”.

وتنقل الصحيفة عن ايريك 45 عاماً الذي قام برحلة من مدينته في الألزاس شمال فرنسا إلى باريس رفقة زوجته وابنه، إلا أنه اعتقل فور وصوله لباريس، من ضمن ما يقارب 2000 شخص تم اعتقالهم في جميع انحاء فرنسا، حيث اعتقل مع زوجته وابنه لمدة 14 ساعة ثم أطلق سراحه، وهو في حالة غضب شديد “الوضع مقزز: لقد تم منعنا من التظاهر. هذا يؤكد ما كنت أفكر به لفترة من الوقت: لا توجد حرية تعبير حقيقية في فرنسا. ما حدث يوم السبت جدير بكوريا الشمالية أو روسيا.

استهداف الصحفيين

في مقال آخر عنونت ذات الصحيفة ” ماكرون يطلق حملة استشارات في قصر الاليزيه السبت”.

وتضيف الصحيفة أنه بفعل احتجاجات الستر الصفراء في الأسابيع الأخيرة فإن الشركاء الاشتراكيين سيعودون إلى اللعبة، وسيتم استقبال ممثلي خمس نقابات، فضلاُ عن ثلاث منظمات لأصحاب العمل، كما تمت دعوة ممثلي الاتحادات المنتخبين، حيث سيجتمعون مع ماكرون يوم الاثنين.

صحيفة ليبراسيون اليسارية كتبت ” في الثامن من كانون الأول استهداف عدد من الصحفيين وجرحهم على يد الشرطة”
وتضيف الصحيفة أن الشهادات تتدفق في هذا السياق من المراسلين والمصورين الذين ضربتهم طلقات “الفلاش” أو القنابل اليدوية بينما كانوا يغطون الاحتجاجات، حيث استهدفت الشرطة العديد من الصحفيين الذين يغطون المظاهرات.

قالت الصحيفة إن مصورين اثنين من لو باريسيان وفرنسا اليوم قد أصيبا بطلقات مطاطة في الشانزليزيه، إحداهما في مؤخرة العنق والاخرى في الركبة”. الأول، اسمه يان فوريكس، وهو الأكثر تضرراً، حيث يقول في حسابه على تويتر إنه تلقى الطلقة من الخلف على بعد مترين، وهي مسافة قريبة”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل