أحمد زكريا – خاص حرية برس
أفادت مصادر أهلية من داخل مدينة منبج شرقي حلب والخاضعة لسيطرة مليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية، أنه وفي سابقة هي الأولى من نوعها لتدخل دولة عربية بشكل مباشر في سوريا، وصلت “بعثة عسكرية سعودية” إلى مدينة منبج، الجمعة، والتقت بالمجلس العسكري التابع للقوات الكردية المسيطرة على المدينة.
وأثارت تلك الزيارة، العديد من التساؤلات، كونها أتت عقب التصريحات الأمريكية فيما يتعلق بخطة لنشر نقاط مراقبة في الشمال السوري.
وكشفت منظمة “صوت وصورة” لحرية برس، إنشاء أمريكا لنقطة مراقبة في منطقة “تل أبيض” الحدودية مع تركيا، وقال “محمد الخضر” مدير المنظمة في تصريح خاص: “تم إنشاء نقطة المراقبة من قبل الولايات المتحدة في منطقة تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة، وذلك بالاتفاق مع تركيا”.
وأضاف، أن الهدف من انشاء تلك النقطة هو سحب قوات مليشيا “قسد” من الحدود المحاذية لتركيا منعاً لحدوث أي احتكاك بين الطرفين كون المدفعية التركية استهدفت مدينة تل أبيض لأكثر من مرة بسبب وجود حزب “ب كا كا” الإرهابي، فارتأت أمريكا إنشاء تلك النقطة في سبيل فض النزاع بين الطرفين وتجنب القصف التركي على هذه المنطقة، مؤكداً أن نقطة المراقبة تلك لن تكون الأولى ولا يعتقد أنها ستكون النقطة الأخيرة”.
وقال وزير الدفاع الأمريكي “جيمس ماتيس” في تصريحات صحفية، الأربعاء الماضي”: إنهم سيشكلون نقاط مراقبة على الحدود الشمالية لسوريا بسبب قلق تركيا حيال التهديد الإرهابي الناجم عن سوريا، موضحاً أن القرار سيتخذ بالتعاون مع تركيا.
إلا أن تركيا نددت بتلك الخطة الأمريكية وأعربت عن انزعاجها منها، وقال وزير الدفع التركي “خلوصي آكار” للأناضول: إن هذه الإجراءات تزيد الأمور تعقيدا، وأخبرنا نظراءنا الأمريكيين بعدم رضانا عن ذلك مرارا”.
قوات سعودية وإماراتية في الرميلان
وكشف مصدر مطلع ومقرب من التحالف الدولي لحرية برس، عن زيارة أجرتها قوات “سعودية واماراتية” إلى مدينة “منبج”، الجمعة، مبيناً أن تلك الزيارة تهدف لبحث إقامة منطقة عازلة بين ميليشيا “قسد” والأتراك.
وأكد المصدر الذي “فضل عدم نشر اسمه”، وصول قوات “سعودية واماراتية” إلى الأراضي السورية، لافتاً إلى أنها لم تنتشر حتى الآن وأنها لا تزال متمركزة بقاعدة “رميلان”، شمالي الحسكة.
وأضاف المصدر ذاته، أن” الأتراك لديهم حزام أخضر حدودي بما يقارب 40 كم بالعمق السوري، وهذا الحزام ستسيطر عليه فصائل الجيش الحر، ومن ثم قوات خليجية ستكون متواجدة بين مناطق “قسد” والأتراك.
وذكر المصدر المقرب من التحالف الدولي: أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنشر كاميرات مراقبة من زور مغار (الشيوخ) شرقي جرابلس وحتى القامشلي، لمنع أي احتكاك بين قسد والأتراك، وسيتم نشر قوات “سعودية واماراتية” بالقرب من “تل تمر” غرب الحسكة للمشاركة بالمراقبة”، مبيناً في الوقت ذاته أن وصول القوات “السعودية الإماراتية” مرتبطٌ بتلك الخطوة الأمريكية.
تعاون سعودي إماراتي مع “مجلس منبج العسكري”
وتأكيداً لتلك المعلومات، أفاد الناشط السياسي “أبو العبد منبجاوي” بوصول عدد من الضباط من السعودية والإمارات إلى مدينة منبج بطلب من التحالف الدولي بقيادة أمريكا.
وقال “منبجاوي” لحرية برس: إن الوفد العسكري العربي برفقة قيادات عسكرية أمريكية، زار “مجلس منبج العسكري” التابع لتنظيم قسد و”المجلس التشريعي” في المركز الثقافي العربي في منبج، أن اجتماعهم في المركز استغرق ثلاث ساعات تقريباً دون معرفة أسباب الزيارة؛ ومن ثم انتقل الوفد إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في سد تشرين.
واعتبر المصدر ذاته، أن دخول القوات العربية “السعودية والإماراتية” كان ضمن خطة أمريكية لضرب “مشروع حماية الجنوب التركي” من المد الكردي الذي يعمل عليه تنظيم “وحدات حماية الشعب” المصنف إرهابياً لدى تركيا التي تعمل جاهدةً على إخراجه من الشمال السوري وتأمين منطقة عازلة لحماية حدودها وأمنها القومي .
وتابع قائلاً: إن القوات العربية التي جاءت لمدينة منبج هي للقاء المجلس العسكري التابع لقسد، والذي من خلاله سيكون التعاون العسكري المشترك بينهما، كون المجلس العسكري لمدينة منبج هو أول قوة عسكرية تحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية لضرب تنظيم داعش في المنطقة، ولهذا السبب كانت الزيارة في منبج منطلقة إلى بقية النقاط الممنوحة لهذه القوات، والتي بدورها ستعمل على استلامها على الحدود التركية السورية في الأيام المقبلة.
زيارة بعيدة عن الإعلام والسعودية تنفي
وعلى الرغم من تلك التسريبات، إلا أن إعلام قوات “قسد” لم يتطرق لتلك الزيارة ولم يأت على ذكر أي تفاصيل حولها، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول ماهية تلك الزيارة.
وقال الناشط الإعلامي “فواز شلال” ابن مدينة منبج لحرية برس: إن إعلام “قسد” لم يتطرق لتلك الزيارة رغم حاجته الماسة للاستفادة منها إعلامياً.
وأشار، إلى وجود عدة مصادر أكدت له خبر زيارة الوفد العسكري “السعودي الإماراتي” إلى منبج والاجتماع مع مجلس قسد العسكري داخل المدينة.
في حين أن السعودية وبحسب كتاب صادر عن سفارتها في تركيا “نفت” الأنباء التي تتحدث عن تواجد قوات عسكرية لها في سوريا، وجاء في البيان الذي صدر، الاثنين 26 نوفمبر الحالي، واطلع “حرية برس” على نسخة منه:” تناقلت بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية أنباءً حول تواجد قوات عسكرية تابعة للملكة العربية السعودية في شمال شرق سوريا، وتؤكد السفارة أنه لا صحة لهذه الأنباء على الإطلاق، حيث لا توجد أي قوات عسكرية سعودية في سوريا”.
رسائل سياسية لتركيا والوفد دوره استشاري
وفي يونيو الماضي، تم الاتفاق على خارطة طريق بين تركيا وأمريكا بخصوص منبج، تنص على على انسحاب ميليشيا “وحدات حماية الشعب” من المنطقة وتسليمها لأهل منبج، وحتى الآن لا يزال التقدم بطيئاً في تنفيذ بنود خارطة الطريق والمماطلة هي من الجانب الأمريكي، بحسب مراقبين.
وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي “قحطان عبد الجبار” لحرية برس: إنه وفي الأيام الماضية كان هناك زخم حول عمل عسكري يستهدف ميليشيات “وحدات حماية الشعب” شرق الفرات في مناطق “عين العرب وتل ابيض ورأس العين”، ونحن نتوقع بشكل قطعي أنه سيكون هناك عمل عسكري لا محالة من الممكن أن تكون نتيجته إقامة منطقة آمنة على الحدود.
وأضاف، أن تلك المنطقة الآمنة سيكون لها تبعات سياسية وعسكرية، منها انسحاب ميليشيا “بي د ي” بحكم عدم وجود قاعدة شعبية لها في منبج، إضافة إلى أنه وفي حال دخل الجيش التركي للمناطق الحدودية ستتقطع أوصال مناطق سيطرة تلك الميلشيات، وحكمًا سيكون الانسحاب من مدينة منبج نتيجة حتمية لهذا التدخل.
وتابع قائلاً: نعتقد أنه بسبب ضغط أمريكي على تركيا، تم تأجيل العملية لحين الانتهاء من معركة القضاء على داعش في منطقة “هجين” الجيب الأخير لداعش شرقي دير الزور، وبطبيعة الحال التحالف الدولي يدعم ميليشيا “وحدات حماية الشعب” بهذا الخصوص.
وفيما يخص زيارة الوفد العسكري العربي إلى مدينة منبج قال “عبد الجبار”: أكدت مصادرنا وصول وفد من ضباط عسكريين “سعوديين وإماراتيين” إلى منبج برفقة رتل أمريكي، معرباً عن اعتقاده بأن سبب الزيارة هو لإرسال رسائل سياسية لتركيا كون هناك خلافات قائمة بين تلك الأطراف، في حين تتلقى الأطراف السعودية والإمارتية دعمها من الإدارة الامريكية بهذا الخصوص.
كما أعرب عن اعتقاده، بأن الوفد العسكري “الإماراتي السعودي” سيقتصر دوره على الاستشارة العسكرية وإرسال رسائل سياسية وبالأخص لتركيا، بالإضافة لمحاولة شرعنة وجود ميلشيا “وحدات حماية الشعب” في هذه المناطق التي لا تحظى فيها بأي شرعية بسبب الانتهاكات التي قامت بها في المدينة وغيرها من مناطق سيطرتها، لافتاً إلى أن هناك محاولة سياسية واضحة لشرعنة وجود هذه الميليشيات.
وأشار إلى أن سوريا أصبحت مناطق صراع دولي بشكل عام وبشكل خاص مناطق “منبج وشرق الفرات”، حيث يتواجد مستشارون عسكريون من ضباط سعوديين وإماراتيين في الرقة ودير الزور ومناطق أخرى، باستثناء مدينة منبج حيث لم يلحظ أي تواجد لهؤلاء الضباط إلا يوم الجمعة الماضي عندما وصلوا لزيارة المدينة، في حين يتواجد في “منبج” مستشارون “أمريكان وألمان وكنديين وفرنسيين وهولنديين وبلجيكيين”، حيث أصبحت مدينة منبج منطقة صراع دولي لم تشهده سابقاً وهي ربما تعتبر إحدى أهم وأعقد الملفات على الساحة السورية بين تلك الأطراف الدولية، بحسب تأكيداته.
ولفت “عبد الجبار” إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة عدم استقرار بسبب وجود مثل هذه الوفود العسكرية، معرباً عن اعتقاده بأن “تركيا” سيكون لها رأي بهذا الخصوص وربما نشهد عسكرية في “منبج” أو “شرق الفرات” خلال مرحلة انتهاء فصل الشتاء، على حد تقديره.
عذراً التعليقات مغلقة