شرق دير الزور.. معارك استنزاف لا منتهية

فراس علاوي24 نوفمبر 2018آخر تحديث :
شرق دير الزور.. معارك استنزاف لا منتهية

للمرة الرابعة على التوالي تطلق مليشيا قوات سوريا الديموقراطية “قسد” معركة توصف بالأخيرة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في جيبه الأخير شمال شرق ديرالزور، ضمن المساحة الممتدة على ما يقارب 500 كم مربع فقط بطول 40 كم يمتد من مدينة هجين غرباً حتى الباغوز على الحدود العراقية شرقاً مروراً بمدن الشعفة والسوسة وبعرض بين ضفة النهر الشمالية وأطراف البادية يتراوح بين 5 إلى 10 كم.

ثلاث جبهات مفتوحة وحرب بمختلف أنواع الأسلحة يقودها التحالف الدولي جواً وعناصر مليشيا “قسد” بمكونيها العربي والكردي على الأرض حيث الخسائر الكبرى في صفوف مقاتلي الطرفين والخسائر الكبرى في صفوف المدنيين إذ لا يكاد يمر يوم بدون وقوع مجزرة في صفوف المدنيين.

شمال الفرات (جزيرة) كما يسميه أبناء ديرالزور أو شرقه كما يحلو لوسائل الإعلام أن تسميه أصبح عصياً على التحالف الدولي، فالوقت الذي احتاجه يكاد يماثل ما احتاجه التحالف للسيطرة على الرقة وريفها والحسكة، مما يدعو للتساؤل حول هذا البطئ في التقدم والخسائر الكبرى في صفوف القوات المهاجمة ومعارك الكر والفر وكسر العظم بين الطرفين.

حقيقة الأمر أن هناك عدة أسباب ترتبط بأطراف الصراع هي ما تؤخر السيطرة على تلك المساحة الجغرافية المتبقية؛ فلكل طرف من أطراف الصراع أسبابه وربما رغبته في عدم انتهاء العمليات العسكرية بشكلها الحالي.

تنظيم الدولة “داعش” يخوض آخر معاركه الكبرى في سوريا لذلك فهو يرى في خسارتها نهاية لحلم التنظيم وتشتيتاًَ لقواه مادياً ومعنوياً، لذلك يخوض مقاتلوه معارك حياة أو موت مستفيدين من خبرتهم القتالية التي بنوها عبر سنوات من القتال في تلك المناطق والمعرفة الكبيرة بجغرافية الأرض التي يقاتلون عليها بالإضافة إلى الشحن النفسي والديني لعناصره في أنهم يقاتلون (التحالف الصليبي)، يراهن قادة التنظيم على إطالة أمد المعارك وبالتالي إرهاق مقاتلي “قسد” وانعدام ثقة التحالف بهم وبالتالي تحقيق نصر معنوي قد يدفع بالتحالف لمفاوضتهم كما حصل في الرقة والطبقة في وقت سابق مستغلين التقارب الجغرافي والديموغرافي مع العراق، كل هذه الأسباب تدفع عناصر التنظيم للقتال بشراسة خاصة بعد سلسلة المعارك التي استرجعوا فيها كثير من المواقع التي خسروها في وقت سابق، كما يراهن عناصر التنظيم على فصل الشتاء وطبيعته التي تحد من خطورة طائرات التحالف وبالتالي تحقق لهم الغلبة في القتال على الأرض والذي يتقنونه جيداً.

مليشيا قوات سوريا الديموقراطية “قسد” من جهتها تعاني من مشاكل عدة سواء على مستوى تكوينها وتحالفاتها أو قوتها ومصداقيتها أو قدرتها على تشكيل حاضنة شعبية حقيقية على الأرض في مناطق سيطرتها في ريف ديرالزور الشرقي.

بعيد كل معركة يظهر جلياً التفكك والتنافر بين مكونات مليشيا “قسد” خاصة المكونين العربي والكردي وتبادل التهم مؤخراً حول خسائرها دليل على ذلك، كذلك حالة عدم الثقة المتبادلة والخسائر في قيادات “قسد” نتيجة عمليات تنظيم الدولة خلف خطوط القتال سواء بالاغتيال المباشر بالرصاص أو بالمفخخات وعدم نجاحها حتى اللحظة في ضمان ولاء الحاضنة الشعبية في مناطق سيطرتها، كل هذا يجعل من قيادة “قسد” تتمهل في إنهاء العمليات العسكرية حتى تستجلي حقيقة الأمر بالتزامن مع السياسة المتناقضة وغير الواضحة التي يتبعها التحالف حيال التدخل التركي واستهداف مناطق سيطرة “قسد” مما دفع قادة المليشيا وبغية ممارسة الضغط على التحالف للإعلان عن إيقاف العمليات العسكرية شرق دير الزور احتجاجاً على التدخل التركي والذي فيما يبدو أيضاً هو فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب الصفوف مجدداً من أجل جولة جديدة للصراع، ويبدو أن سياسة كسب الوقت التي تمارسها قيادات “قسد” تهدف لتشكيل أجسام إدارية وسياسية داعمة لوجودها في مناطقهم وهو ما تعمل عليه من خلال تشكيل مجالس محلية وأحزاب سياسية في المنطقة.

التحالف من جهته حتى اللحظة لا يبدو جاداً في إنهاء الصراع وإخراج التنظيم من المنطقة خاصة الولايات المتحدة والتي تبحث عن توافق ما مع الروس يقصي الوجود الايراني في المنطقة ويفرض حلولاً سياسية وعسكرية على الأرض وتقاسما للنفوذ فيها بعد استبعاد إيران ومشروعها التوسعي وقطع الطريق الذي تعمل على فتحه من بغداد إلى دمشق عبر المنطقة، كذلك تبحث الولايات المتحدة عن بديل حقيقي على الأرض في ظل التخبط الحاصل وسياسة العصا والجزرة مع مليشيا قوات سوريا الديموقراطية، وبالتالي يبقى الصراع مفتوحاً على جميع الاحتمالات حتى تصل كل تلك القوى إلى حلول تحقق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل