د. حسام الدين الحزوري – حرية برس
يقع مسجد خالد بن الوليد في المنطقة العقارية الخامسة رقم /88/ في حي الخالدية بحمص، تبلغ مساحته 4399 متر مربع، ويشار إلى أن الخالدية كانت في الأصل منطقة خارج سور مدينة حمص القديمة، وتبعد نحو ميل عن المدينة، ويعتبر جامع خالد بن الوليد من أشهر مساجد حمص، كما أنه أصبح رمزاً للمدينة بسبب شكل قبابه ومآذنه.
البناء الأول للجامع تم في العام 664 هـ – 1262 م، على يد القائد الفاتح الظاهر بيبرس عندما كان ذاهباً باتجاه بلاد سيس وما حولها، ويظهر ذلك في كتابات على لوحتين خشبيتين مؤرختين بشهر ذي الحجة سنة 664 هـ/1266 م، الكتابة الثانية التي سجلت على حشوة خشبية مؤلفة من خمسة أسطر نصها: “بسم الله .. أمر بإنشائه على ضريح سيف الله و صاحب رسول الله خالد بن الوليد رضي الله عنه مولانا السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين سلطان الإسلام و المسلمين”.
أما البناء الثاني بشكله الحالي تم بأمر من السلطان عبد الحميد في نهاية القرن التاسع عشر، وقد أصدر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني فرماناً في الفترة الواقعة بين عامي 1312-1317 هـ/ 1895-1900 م بتكليف السيد عبد الحميد بن سليم باشا الدروبي رئيس بلدية حمص بالإشراف على مراحل البناء وإنجاز ما يلزم.
تشويه التاريخ
يزعم نظام الأسد البدء بترميم المسجد الأثري، وذلك بعد احتلال مدينة حمص وتهجير سكان أحيائها القديمة، إلا أن الصور الواردة من عمليات الترميم الرخيصة تلك تظهر تشويهاً متعمداً لروح المسجد وجمالية عمرانه.
أبرز المستجدات في الترميم الحديث للجامع والتي تم فيها تغيير الكثير من الشكل الجمالي والمعماري ومادة البناء سنوجزها بما يلي:
1- صحن المسجد: مسقطه مستطيل وتطل عليه أروقة حجرية أقواسها مدببة مطلية ومبنية بالحجر الأبيض والأسود. أما في الترميم الأخير فقد استبدل الحجر بمادة الرخام أو السيراميك حسب الصور الواردة من حمص حديثاً.
2- الضريح: ولزم علينا أن نشير أيضاً إلى تابوت أثري نفيس جداً من الخشب المحفور المزدان بالألوان وكان يحيط بقبر خالد بن الوليد، حيث أنه في حدود عام 1267 م قدم الظاهر بيبرس تابوتاً نفيساً من الخشب المحفور أحاط بمقام القائد العربي خالد بن الوليد. وقد أصلح هذا التابوت مؤخراً في المعمل الفني التابع للمديرية العامة للآثار والمتاحف، وأنقذ من التلف. وبني بدلاً من قبر جديد داخل غرفة وهي ذات قبة فيها ضريحين الواحد يضم الصحابي خالد بن الوليد والآخر يضم ولده عبد الرحمن.
أما الترميم الجديد للضريح فقد استعمل فيه الحجر و الرخام وتم إزالة كل معالم الضريح السابق وفق الصور الموضحة في المنشور.
والسؤال الذي نطرحه ما الهدف من كل هذه التغييرات؟ وأين المسؤولون والمهتمون من أبناء حمص المتواجدين في الداخل وكيف سمحوا بتمرير ترميم كهذا؟ وهل تخلف عصرنا مع تقدمه وتطوره عن العصر المملوكي والعثماني لإعادة الرونق والجمال والروحانية لجامع خالد بن الوليد.
نبذة عن الكاتب
الباحث الدكتور حسام الدين عباس الحزوري، سوري من مواليد مدينة حمص في العام 1979، وهو أستاذ مشارك في جامعة أم القرى، كلية الشريعة، قسم التاريخ، في المملكة العربية السعودية.
وسبق له أن درس في العديد من الجامعات السورية والسعودية، ويتولى منصب نائب رئيس الجمعية التاريخية السورية منذ العام 2009 وحتى تاريخه.
من مؤلفاته:
– الحركة الفكرية في نيابة دمشق في عصر المماليك البحرية (الهيئة العامة السورية للكتاب) 2009 م.
– دمشق والسبكيين خلال العصر المملوكي تاريخ و حضارة (دار الحافظ للدراسات و النشر عمان) 2013 م.
وله تحت الطبع:
– تحقيق كتاب “إخبار المستفيد بأخبار خالد بن الوليد”. دارة الملك عبد العزيز، الرياض 2016.
– مدينة حمص في عصر نيابة المماليك، تحت الطبع 2016 المؤسسة الحديثة، لبنان طرابلس.
– ثورة تلكلخ ضد الاحتلال الفرنسي (1919).
ـ الحياة الاجتماعية في مصر و الشام في العصر المملوكي (الأعياد و الاحتفالات و المناسبات) 2016.
عذراً التعليقات مغلقة