ياسر محمد – حرية برس
بعد استتباب الأوضاع الميدانية جزئياً، وهدوء معظم جبهات القتال في سوريا، وإنجاز اتفاق “سوتشي” حول إدلب، تدأب روسيا على بث الحياة في شرايين النظام الاقتصادية، وإعادة تدويره سياسياً تمهيداً لفرضه كأمر واقع في السياسة العالمية، وهو ما يبدو أمراً بعيد المنال، إذ إن التسويق الروسي لرأس النظام لم يؤتِ أكله، بل على العكس ربما يُظهر النظام ورأسه كموظفين في إقليم مارق يتبع للسيادة الروسية المباشرة.
فمنذ انطلاق الثورة السورية في آذار عام 2011، لم يقم أي رئيس دولة بزيارة رأس النظام بشار الأسد، وكذلك لم يستقبله أي رئيس دولة، باستثناء بوتين وموظفيه، ما جعل روسيا تفكر بعدما وضعت الحرب أوزارها -وفق تقديراتها- بإعادة تسويق “الأسد” وفك عزلته الدولية، تمهيداً لإعادته إلى المحيط العربي والدولي.
بدأت روسيا حملتها التسويقية في الشهر السابع من العام الجاري؛ عندما أمرت رئيس إقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي غير المعترف به دولياً بزيارة دمشق، وأتبعته برئيس الإقليم الآخر الذي انفصل عن جورجيا، فزار رئيس أبخازيا دمشق في أوائل أيلول الفائت، لتكمل روسيا عقد “كبار الزوار” يوم الاثنين الماضي بزيارة رئيس شبه جزيرة القرم الذي أمرته روسيا بزيارة دمشق، علماً أنه لا أحد غير روسيا يعترف بسيادة القرم التي احتلتها روسيا عام 2014 من أوكرانيا.
ولإعطاء الزيارة زخماً، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن القيادة الروسية دعت بشار الأسد لزيارة روسيا، وكذلك شبه جزيرة القرم.
وقال وزير الخارجية الروسي، في مقابلة مع قناة “يورو نيوز” أمس الثلاثاء: “زار رئيس جمهورية القرم سيرغي أكسيونوف، منذ وقت قريب، دمشق بدعوة من الرئيس الأسد، وبطبيعة الحال وكما هو معتاد في الممارسات الدبلوماسية العادية، سلم دعوة إلى الرئيس الأسد من القيادة الروسية، لزيارة روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم”.
وفيما احتفت وسائل إعلام النظام بالزيارة والدعوة، تقاربت آراء المعارضين حولها، فعلق العميد المنشق أحمد رحال بالقول: “لافروف: دعوة الأسد لزيارة روسيا وشبه جزيرة القرم.. تعليق: أول زيارة معلنه لمجرم دمشق… هل تكون الزيارة الأخيرة؟” في إشارة إلى إمكانية إيجاد سيناريو للتخلص منه كما ورد في سياقات تفاهمات سياسية عديدة.
ورأى آخرون استحالة إمكانية تسويق “الأسد” مجدداً، وهو الذي بات عبئاً على داعميه، إذ لا يمكن الدفاع عنه مستقبلاً، كما أن أي تقارب معه ربما يكون خطيئة كبرى، وهو ما يفسر عزوف رؤساء دول حليفة له عن زيارته أو دعوته، كالعراق ولبنان والجزائر والصين والهند وغيرها..
وأعطت الزيارات التي استطاعت روسيا تأمينها إلى دمشق لرؤساء ثلاثة كيانات انفصالية مارقة، انطباعاً بأن “سوريا الأسد” قد أصبحت مثل تلك الكيانات، كياناً تابعاً لروسيا تعين مجرماً لإدارته تحت سلطتها المباشرة، وهو ما يجعل من إعادة تدوير “الأسد” ونظامه أمراً في غاية الاستحالة.
عذراً التعليقات مغلقة