لجين المليحان – حرية برس:
لم يكن الانكفاء العسكري الإيراني جلياً كما روجت له وسائل إعلام موالية، بل لم يكن أكثر من إعادة تموضع في مناطق تعتبر ذات أهمية كبرى واستراتيجية للوجود الإيراني عموماً في الجنوب السوري، لا سيما لربط منطقة الحرمون – بيت جن – وطريق التهريب القديم وصولاً لمزارع شبعا المطلة على الجنوب اللبناني.
وبعدما فرضت قوات الأسد والمليشيات الشيعية المساندة لها سيطرتها على الجنوب السوري، في شهر يوليو/تموز الفائت، بدأت هذه القوات المدعومة من مليشيا ’’حزب الله‘‘ اللبناني وإيران بتطبيق خطة جديدة لتوسيع نفوذها في المنطقة، وذلك عبر أساليب عدة، أهمها نشر التشيع بين أهالي الجنوب السوري.
ويحظى موقع الجنوب السوري بأهمية خاصة لدى المليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً، فهو عمق استراتيجي مهم، بسبب قربه من الحدود الأردنية، بالإضافة لقربه من الجولان المحتل من قبل ’’إسرائيل‘‘، وهذا ما أعطى الجنوب لدى إيران أهمية جيوسياسية، شكلت مطمعاً لها لتنفيذ أحلام لطالما كانت تسعى لتنفيذها لتعزيز نفوذها في المنطقة.
كما تسعى في الوقت الحالي عبر أجنداتها ووكلائها في المنطقة الجنوبية إلى تطبيق خططها لتثبيت نفوذها، عبر تجنيد شبان قرى وبلدات درعا والقنيطرة في صفوف مليشيا ’’حزب الله‘‘ اللبناني وفي اللواء 313 والأمن العسكري الذي تتمتع فيه بنفوذ كبير، ويدين كثير من ضباطه وعناصر بولائهم للمليشيات الطائفية المدعومة من إيران، إضافة إلى لواء فاطميون وغيرها من المليشيات.
وعمدت المليشيات الإيرانية بعد هذه السيطرة إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع الموقف، في ظل تنامي المطالبات الدولية بالخروج الإيراني مسافة أكثر من 80 كم، مبتعدةً عن خط وقف إطلاق النّار مع الجولان السوري.
وأكد ’’محمد‘‘ الناشط الإعلامي في الجنوب، في حديثه لـ “حرية برس”، أن هناك تمدداً إيرانياً يهدف للتغيير الديمغرافي في بنية المجتمع في الجنوب السوري، وذلك من خلال استمالة بعض الشخصيات المؤثرة، والتي تشيعت أواخر العام 1995م.
وأضاف أن ’’من بين هذه الشخصيات من استطاع استقطاب عائلات بأكملها إما باستمالتهم عقائدياً ودينياً، أو من خلال دفع رواتب مغرية تصل إلى 1500 دولار أمريكي شهرياً، بالإضافة إلى تقديم الحماية من ملاحقة الأفرع الأمنية لنظام الأسد، وإعفائهم من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، بحيث تكون الخدمة حصرياً مع مليشيا (حزب الله) في الجنوب ضمن مناطق سكن الأشخاص، كعناصر في حواجز ومقرات تابعة للحزب، للقيام بمهمة تسهيل مرور الأفراد على كافة الحواجز في سوريا، والذهاب الى لبنان لتلقي التدريب مع حصانة عائلية‘‘.
وأشار الناشط محمد إلى أن عدد الذين تم تشييعهم من الجنوب السوري يصل إلى حوالي الـ1000 شخص، فيما ظهرت في الآونة الأخيرة مساعٍ حثيثة للتشييع واستقطاب الشبان للتجنيد من قبل مجموعات تعمل لصالح إيران في محافظة درعا، في بصرى الشام التي تقع تحت سيطرة ’’أحمد العودة‘‘ قائد مليشيا أعلنت ولائها لنظام الأسد بعد اتفاقية المصالحات، بالإضافة إلى خربة غزالة في الريف الغربي وقرفا.
يذكر أن هذه المجموعات استلمت أموالاً طائلة لبناء الحسينيات في الجنوب السوري، في درعا والقنيطرة، وقد رشّح عن اجتماع قيادات مسؤولة في مليشيا لواء فاطميون الذي يتمركز في الريف الشمالي الغربي لدرعا، – منطقة مثلث الموت- أن توجيهاً من أعلى المستويات الإيرانية في سوريا يقضي بنشر التشيّع، وبناء الحسينيات واستقطاب الموالين وإغرائهم بالمال.
ومن أبرز الأماكن التي تم فيها إقامة حوزات وحسينيات في الجنوب السوري: ’’طفس – درعا المحطة – المزيريب – اليادودة – داعل – بصر الحرير – موثبين – جباب – صيدا – كحيل‘‘، ومن أبرز المروجين للمذهب الشيعي في الجنوب: ’’شيخ عشير الزعبي ابو قتيبة – شيخ عشيرة المفعلاني ابو انس – شيخ عشيرة الفواعرة امجد الشلهوب (…)‘‘.
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺃﻃﻤﺎﻉ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺄﺧﺬ شكلاً جديداً ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ لـ’’إﺳﺮﺍﺋﻴﻞ‘‘ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ، ﺣﻴﺚ عملت ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ على ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻮﺟﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ.
كما أنها ﺗﺴﻌﻰ ﻣﻦ خلال ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺩﺓ أعداد ﺍﻟﻤﺘﺸﻴﻌﻴﻦ ﻹﺣﺪﺍﺙ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺩﻳﻤﻮﻏﺮﺍﻓﻲ في ﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ، حيث ﺑﺪﺃﺕ ﺑﻨﺸﺮ ﺍﻟﺘﺸﻴﻊ ﺣﻔﺎﻇﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻃﺊ ﻗﺪﻡ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺭﻏﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﺎ.
Sorry Comments are closed