تشدد السلطات اللبنانية على أهمية عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وصرح مدير جهاز الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم أنه تم تنظيم عودة 25 ألف لاجئ بالتنسيق مع نظام الأسد، فيما عاد عدد مماثل “طواعية” دون التنسيق مع جهاز الأمن العام.
وبعد أن كان لبنان يقوم بالتنسيق مع نظام الأسد لتأمين عودة اللاجئين، فاليوم تتجه السلطات إلى تفعيل الخطة على المستوى الدولي، خاصة بعد أن أجرى وزير الخارجية اللبناني الشهر الماضي زيارة إلى روسيا لبحث ملف العودة وأكد خلال لقائه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على أهمية التنسيق الروسي اللبناني من أجل إيجاد آلية واضحة حيال عودة اللاجئين إضافة إلى مشاريع إعادة الإعمار.
وفي الوقت التي تقدر فيه الحكومة اللبنانية وجود نحو 1.5 مليون سوري داخل أراضيها، أعلن الأمن العام اللبناني أن عدد العائدين إلى بلدهم سيرتفع إلى 200 ألف سوري حتى نهاية عام 2018، مشيرا إلى أن دفعة جديدة تشمل نحو 1500 شخص تتجهز للعودة.
ومن أجل العودة، يتولى رؤساء البلديات اللبنانية تسجيل أسماء الراغبين بالعودة، ليتم نقلها بعد ذلك إلى الأمن العام اللبناني، الذي يرفعها إلى حكومة الأسد لتتحقق بدورها من الخلفيات الأمنية للأشخاص وإعطاءهم الموافقة، ومن ثم يتم نقلهم بحافلات من لبنان إلى سوريا.
وتبدي مفوضية اللاجئين تحفظها على هذه الأرقام، وتؤكد أنها لا تشارك في تنظيم عمليات العودة. وشددت على أن أولويتها لعام 2018 تتمثل بالحفاظ على “حيز اللجوء للاجئين السوريين ما داموا بحاجة للحماية، والعمل على عدم الإعادة القسرية”.
وشب خلاف مؤخرا بين وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل ومفوضية اللاجئين على خلفية ملف عودة اللاجئين، خاصة بعد أن أعلنت المفوضية عدم مشاركتها في تنظيم عمليات العودة نظرا لعدم توافر الظروف الملائمة لها. إثر ذلك، جمدت الخارجية اللبنانية استقبال طلبات الإقامة الخاصة بموظفي المفوضية.
ظروف العودة “ليست مهيئة”
والحديث حول عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم لم يقتصر على لبنان أو الدول المجاورة لسوريا فحسب، إذ تناولت الدول الأوروبية من جهتها ملف عودة اللاجئين، إلا أن موقفها كان أكثر تحفظا لا سيما الموقف الفرنسي الذي شدد على أن تكون العودة “طوعية” في ظل نظام سياسي يحفظ حقوق العائدين.
وكانت الخارجية الفرنسية، اعتبرت أن “بحث عودة اللاجئين السوريين في ظل الظروف الراهنة ضرب من الأوهام”.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية لموقع “هاجرنيوز”: إنه “على عكس ما تدعيه روسيا، فإن الظروف ليست مهيئة حتى الآن لتحقيق عودة كريمة وطوعية. والمسؤول الأول عن ذلك هو نظام بشار الأسد، الذي من خلال مواصلته لجرائمه، يثني اللاجئين عن العودة. ولن يتم الوصول إلى عودة حقيقة ومستدامة للاجئين والنازحين إلا عبر عملية انتقال سياسي تضمن حماية حقوق الجميع”.
وتشدد روسيا، حليف نظام الأسد الذي استطاع بمساعدة عسكرية منها ومن إيران إستعادة السيطرة على معظم الأراضي السورية، على أهمية عودة اللاجئين، وتمارس عبر هذا التوجه ضغوطا دولية من أجل إعادة إعمار سوريا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه يجب “إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة لتسهيل عودة ملايين اللاجئين إلى ديارهم”.
ورأى وليد المعلم وزير خارجية نظام الأسد في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك السبت، أن “عودة كل سوري تشكل أولوية بالنسبة للدولة السورية وأن الأبواب مفتوحة أمام جميع السوريين في الخارج للعودة الطوعية والآمنة”، مضيفا “بالفعل فقد بدأنا نشهد عودة آلاف السوريين المهجرين في الخارج إلى سوريا”.
وبالرغم من أن روسيا تدعو بشكل واضح إلى رفع العقوبات عن نظام الأسد من أجل التمكن من إعادة الإعمار وبالتالي عودة اللاجئين إلى سوريا، إلا أن المعلم ينتقد الحديث الغربي حول عدم توفر الظروف الآمنة لعودة هؤلاء، معتبرا أن بعض الدول الغربية تعمل على “تسييس هذا الملف الإنساني البحت واستخدامه ورقة في تنفيذ أجنداتهم السياسية والربط بين عودة المهجرين والعملية السياسية”.
عذراً التعليقات مغلقة