في سابقة من نوعها حول الرئيس الإيراني قبل أيام اجتماعه بحكومته إلى جلسة بكاء ولطم وهو يروي للوزراء حادثة كربلاء (استشهاد الحسين بن علي)، وأظهر مقطع متداول، روحاني وهو يقوم بدور “الروز خون” وهو الشخص الذي يقص حادثة كربلاء بطريقة تجعل من حوله يبكون وعادة ما تصحبها بعض قصائد “اللطم”.
وكأن الرئيس الإيراني يحاول استجداء عواطف شعبه ذو الأغلبية الشيعية ليلفهم حوله من جديد، بعد أن خسرهم خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، والتي اتسعت شيئاً فشيئاً لتعم أغلب المدن الإيرانية بدأت بمطالب اجتماعية واقتصادية وتطورت للمطالبة برحيل نظام ولاية الفقيه بشكل كامل، التي اعتبرها النظام الإيراني غير قانونية وبدأ بقمعها بحملات اعتقال واسعة، وإطلاق يد مكافحة الشغب والحرس الثوري لإنهاء المظاهرات التي سقط فيها عشرات القتلى والجرحى.
قبل أسابيع؛ وفي محاولة من إيران لإظهار قوة عسكرية رادعة للتهديدات الأميركية التي تزداد يوماً بعد آخر، كشفت إيران أخيراً خلال معرض للصناعات الدفاعية الوطنية أقيم في طهران عن طائرة ادعت صناعتها المحلية، وأطلق عليها اسم المقاتلة “كوثر”.
وبدت تصريحات الرئيس الإيراني “حسن روحاني” الذي ملأت صوره وهو على متن الطائرة وسائل الإعلام إيرانية وعربية موالية لها، حول تطوير القدرات العسكرية في إيران نارية، حيث اعتبر أن تنامي قوة إيران العسكرية سبباً رادعاً بوجه واشنطن.
حتى أن روحاني ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث شكك بقدرة الولايات المتحدة على توجيه ضربة عسكرية إلى بلاده، قائلاً إنها “لا تجرؤ على مهاجمة إيران لأنها تدرك القوة العسكرية الإيرانية وما ستدفعه من ثمن غال بسبب مثل هذا الصراع”.
ما لبث أن تم كشف زيف القصة المنمقة التي أعدها نظام الملالي، وكشفت “كوثر” التي لم تكن سوى طائرة أميركية منسقة منذ حرب “عاصفة الخليج” وقد أعيد تلوينها، لتسقط فيما بعد أثناء جولة تدريبية ويقتل العقيد الطيار الذي كان على متنها.
و”كوثر” ليست أول كذبة إيرانية الصنع، فلدى نظام الملالي سجل حافل بالصناعات والإنجازات العسكرية الوهمية، والتي تروج لها بكثافة في محاولة لرأب الضعف الكبير لديها.
يختزل هذا المشهد واقع “الجمهورية الإسلامية” في عهد الملالي، حيث لا يسع هذا النظام فعل أي شيء سوى استحضار المظلوميات وتجييش المشاعر الطائفية، وشر الجهل وتغذية المجتمع به، بل وحتى المسؤولين في الحكومة، وإجبارهم على الإيمان بنظرية المؤامرة، وخداع الناس باسم الدين، وعداء الغرب والغرور القومي. كل ما يفعله نظام الملالي بهدف ضمان استمراره في السلطة وبقائه لأطول فترة ممكنة في سدة الحُكم، وليحاول أن ينهض من جديد عقب كل سقوط.
رغم كل ما سبق إلا أن النظام الإيراني نجح بالتغلغل في المجتمعات العربية، ويعود نجاحه إلى عوامل عديدة لعل أبرزها هشاشة هذه المجتمعات نفسها التي تفتقد إلى الهوية الوطنية الجامعة، وتتنامى فيها العصبيات الطائفية والبدائية على حساب الانتماء للوطن، بفعل الأنظمة الرجعية الحاكمة التي تتبع ذات الفكر لدى نظام الملالي وكأن المدرسة واحدة.
واستطاع هذا النظام إنشاء مليشيات مسلحة في العديد من الدول العربية لتضمن أمن واستقرار الأنظمة الموالية لطهران، في مواجهة رياح التغيير التي عصفت ببلدان الشرق الأوسط وبلدان الربيع العربي على وجه الخصوص.
فنظام الملالي الذي أيد التحرك الشعبي في تونس ومصر، أسماه مؤامرة كبرى وحرباً من دول كبرى على حلف المقاومة والمانعة ضد “إسرائيل” في سوريا لضمان حفظ نظام الأسد الموالي لطهران.
Sorry Comments are closed