تشتد التجاذبات السياسية والتصريحات الدولية حول ملف محافظة إدلب شمالي سوريا، والتي أصبحت من أولويات السياسيين وصناع القرار في الدول الكبرى بالعالم، لا سيما مع مضي روسيا قدماً في طريق الحسم العسكري في المنطقة، التي تضم نحو أربعة ملايين شخصاً بين سكان أصليين ومهجرين من باقي المحافظات السورية.
حيث شهدت وتيرة القصف الروسي ارتفاعاً ملحوظاً جنوبي محافظة إدلب في رسالة واضحة من الروس إلى الحملة العسكرية على مدينة إدلب لا تزال ضمن الخيارات المتاحة.
وفي هذا الصدد قال المحلل العسكري والاستراتيجي العميد الطيار ’’أسعد الزعبي‘‘ في حديث لحرية برس، ’’إن التصعيد الروسي على جنوب إدلب وغربها يأتي من رغبة الروس بسيطرة قوات الأسد على المنطقة برمتها وهو ما يسعون له سياسياً وعسكرياً، إلا أن تركيا لديها مصلحة أيضاً بعدم حل قضية إدلب عسكرياً لما له من تبعات كارثية لطالما حذر الأتراك منها‘‘.
وأضاف الزعبي أن ’’هدف تركيا من إدخال الأرتال العسكرية التركية إلى الأراضي السورية ربما يكون مصدر ترهيب لـ’’هيئة تحرير الشام‘‘ (جبهة النصرة سابقاً) للقبول بحل نفسها، وأيضاً لحماية نقاط المراقبة التركية المنتشرة شمالي سوريا لأنها ضعيفة عسكرياً في حال تعرضت لهجوم، بالإضافة إلى أنه في حال تم اتفاق دولي على وضع الطرق الحيوية في الشمال السوري تحت رعاية تركية وفتح المعابر وعدم دخول قوات الأسد، تكون مهمة هذه القوات تأمين ذلك‘‘.
وحول إمكانية اللجوء إلى حلول سياسية من المجتمع الدولي تستطيع تجنيب الشمال السوري تصعيداً عسكرياً قال ’’إن المجتمع الدولي يستطيع أن يتخذ موقف حاسم حسب القرار الأمريكي الذي يعتبر الكلمة الفصل في الملف السوري، حيث يعاني الملف السوري من عدم جدية المجتمع الدولي بسبب عدم تحديد الأهداف الأمريكية، لذا فإن أي حل لا بد من توافق مطلق للمصالح الأمريكية والإسرائيلية وإلى حد ما الروسية‘‘.
وأشار المحلل السياسي في حديثه حول المظاهرات التي شهدتها مدن وبلدات الشمال السوري المحرر، إلى أن ’’أفضل عمل حالياً وللمستقبل هي المظاهرات التي أتمنى أن تستمر وتعمم على دول اللجوء، خاصةً أوروبا لتعطي إشارة وتحذير أنه لا يمكن القبول بهذا النظام مهما طال الزمن وكثرت التضحيات‘‘.
واعتبر العميد الزعبي أن الموقف العسكري يشير إلى أن الأوراق الرابحة بيد الفصائل خاصةً التي تتعلق بالموقف السياسي العالمي التركي والأمريكي والأوروبي وكافة التداعيات تصب في صالح هذه الأوراق، متمنياً أن يكون الهجوم باتجاه النظام كما تقول القاعدة إن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم أو أن يكون للثوار مجموعات صغيرة تعمل خلف خطوط العدو لإرباك النظام، وأيضاً طبيعة الأرض الجبلية تسمح لتنفيذ الهجمات عليه.
وعن رؤيته حول طريقة صد الهجوم المحتمل على إدلب قال الزعبي: ’’نحن أمام حالتين هناك أعمال تسمى رفع الحيوية لابد من تنفيذها قبل الهجوم، إذ إن الثوار خلال الفترة الماضية توّفر زمن لهم اسمه زمن الإنذار بشكل كافٍ، ومن المفترض أن يكونوا نفذوا هذا الشيء بعملية نقل المدنيين وحفر الخنادق، وإنشاء أنفاق عميقة واستغلال المغارات والكهوف، وتحديد طرق الإخلاء، ودعم مايتعلق بالطعام والشراب وتأمين المياه، فهذه الأمور تدعى برفع الحيوية اذا كانوا قد نفذوها كمثال‘‘.
وحثّ الزعبي على تجهيز مستوصف في مغارة كبيرة، في حال إن وقع الهجوم يستطيع الأهالي أن يذهبوا إليه، وقدم مقترحاً بتشكيل خلية أزمة لمناقشة الحالات الطارئة مثل هذه الحالة، مضيفاً ’’ربما يتوقع الثوار بأن النظام سيهجم من جنوب شرقي إدلب على سبيل المثال من منطقة الخوين، وربما النظام لم يهجم، وكان يمهد على هذه المنطقة لكنه يريد استغلال ذلك عبر منطقة أخرى قد تكون منطقة مورك كمثال، إذاً هذه حالة طارئة، ومن المفترض أن يكون لدينا غرفة طوارئ أو خلية أزمة عسكرية لحل مثل هذه القضية، لكن من يريد أن ينشئ خلية أزمة لابد أن يكون لديه معطيات أولية متوفرة كيف وأين ومتى، يقوم بزج القوات وماهو السلاح المستخدم والزمن المتوفر‘‘.
ويرى الزعبي أن النظام لو كان يملك القدرة على الهجوم البري ما انتظر حتى الآن ولو كانت روسيا تعلم أنها بدعمها الجوي قادرة تحقق لنظام الأسد شبه نجاح، ما انتظروا هذه المدة وهم لديهم القناعة باستحالة الهجوم بكافة الإمكانيات المتاحة لديهم وبعد ما توفر للثوار الزمن للتجهيز والترابط بين الفصائل واتخاذ إجرائات رفع الجاهزية، مختتماً بنهاية الحديث ’’إذا التزم الثوار بكل ماتحدثنا به فهم على الأكيد قادرين على صد أو إحباط أي هجوم من قبل النظام وبالنسبة للطيران أكثر طريقة لتجنب الطيران هي الإلتصاق بالعدو وصده أيضاً بالمضادات الأرضية على الأقل لإرباكه‘‘.
عذراً التعليقات مغلقة