عززت الولايات المتحدة قواتها المقاتلة في سوريا عبر إقامة نقاط عملياتية وقواعد جديدة ضمن المناطق التي تسيطر عليها المليشيات الكردية في سوريا، في حين انطلقت اليوم الخميس مناورات عسكرية مشتركة بين مشاة البحرية الأمريكية وفصيل “مغاوير الثورة” التابع للجيش السوري الحر في جنوب سوريا.
ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر خاصة أن واشنطن بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بإقامة قاعدتين عسكريتين في محافظة الحسكة شرقي سوريا، وأسست لاحقا 8 نقاط عملياتية في محافظة الرقة (شمال) ومنطقة منبج بمحافظة حلب (شمال).
ومنذ 2017، أسست الولايات المتحدة 5 قواعد عسكرية ونقاطا عملياتية جديدة في سوريا، اثنتان منها في منبج، بالقرب من منطقة عملية “درع الفرات”.
وواصلت واشنطن أنشطتها العسكرية بإقامة نقطتين عسكريتين جنوب غربي مركز مدينة تل أبيض شمالي محافظة الرقة.
كما أكلمت الولايات المتحدة بناء قاعدة عسكرية في منطقة تسيطر عليها المليشيات الكردية بمحافظة دير الزور (شرق) الغنية بالثروات الباطنية والطاقة، على الحدود مع العراق.
وتسيطر القاعدة على تقاطع الطرق المؤدية إلى حوض منابع نفطية هامة مثل حقلي العمر والتنك، على بعد 10 كيلومترات فقط من نهر الفرات.
نظام رادار شمالي الرقة
تعمل الولايات المتحدة على توسيع قاعدة سرّين التي بدأت تستخدمها مطارا جنوبي مدينة عين العرب شمالي الرقة الخاضعة لسيطرة المليشيات الكردية.
وفي هذا السياق، أنشأت الولايات المتحدة لصوامع القمح في سرّين، نظام رادار وأنظمة إلكترونية من أجل الدفاع الجوي والتقاط إشارات استخباراتية.
وتؤكد المصادر أن إدارة واشنطن عززت وجودها العسكري شرقي نهر الفرات.
نقطتان في القامشلي
كما تواصل الولايات المتحدة بناء نقطتين عسكريتين شرقي وغربي مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
وترى المصادر المحلية أن النقاط العسكرية التي أطلقتها الولايات المتحدة في الشهر الماضي هي جزء من خطة لبقاء دائم في المنطقة.
قاعدة في أطراف حقول النفط والغاز الطبيعي
وبحسب الأناضول، تشير المصادر إلى أن القاعدة التي تبنيها الولايات المتحدة في دير الزور تقع بالقرب من أكبر حقل للنفط بالبلاد وهو حقل العمر، وأيضا بالقرب من مدينة هجين، آخر قلعة لتنظيم داعش الإرهابي في دير الزور.
وقبل أيام، قال “شون رايان” المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، على حسابه في تويتر، إنهم بدأوا عمليات للقضاء على وجود داعش على طول الحدود السورية العراقية، شمال شرقي البلاد.
ومن المنتظر أن تبنى مدرجات تتحمل هبوط طائرات شحن في القاعدة التي تواصل الولايات المتحدة بناءها في المنطقة، وذلك لتسهيل إرسال التعزيزات للمنطقة عبر الجو بدلا من البر.
إمكانية الوصول إلى 18 موقعا
عند الانتهاء من أعمال البناء، سيتم نشر الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة بأكثر من 18 موقعا.
وتشير المصادر المحلية إلى أن تسريع بناء النقاط والقواعد العسكرية، جاء عقب تصريح جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا طالما أن إيران تواصل تشكيل تهديد في المنطقة.
وفي الوقت الذي توفر الولايات المتحدة الدعم للمليشيات الكردية ضد تنظيم داعش عبر قواتها الخاصة ومعداتها العسكرية، فإنها توفر الحماية لمسلحي المليشيات الكردية ضد قوات الجيش السوري الحر.
وعادة ما تتشكل النقاط العملياتية من وحدات صغيرة ومتنقلة، مبنية على أرض مستوية، بحيث يصعب تحديد مواقعها.
كما أن القوات الأمريكية تحظر الدخول لبعض مناطق شمالي سوريا، للحفاظ على سرية إنشاء نقاطها العملياتية.
مناورات مشتركة للمارينز والجيش الحر
ونقلت وكالة رويترز عن قيادي في الجيش السوري الحر اليوم الخميس إن تدريبات عسكرية نادرة جرت مع مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” في جنوب سوريا ، مؤكداً أن ذلك يبعث برسالة قوية إلى روسيا وإيران مفادها أن الأمريكيين ومقاتلي المعارضة يعتزمون البقاء ومواجهة أي تهديدات لوجودهم.
وقال العقيد مهند الطلاع قائد فصيل “مغاوير الثورة” الذي تدعمه وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لرويترز إن التدريبات التي استمرت ثمانية أيام وانتهت هذا الأسبوع في الموقع العسكري الأمريكي بالتنف كانت الأولى من نوعها بذخيرة حية وشملت أيضا هجوما جويا وبريا وتمت بمشاركة المئات من الجنود الأمريكيين ومقاتلي المعارضة.
وقال الطلاع لرويترز عبر الهاتف من التنف قرب حدود سوريا مع الأردن والعراق: ”المناورات بيننا وبين قوات التحالف لها أهمية كبيرة.. عززت الدفاع عن المنطقة ورفعت القدرة القتالية والروح المعنوية لمقاتلينا ورفعت الروح المعنوية حتى للمدنيين الموجودين في المنطقة“.
وقال متحدث باسم الجيش الأمريكي إن التدريبات كانت استعراضا للقوة وإن البنتاغون أبلغ موسكو بذلك عبر قنوات التواصل المخصصة ”لتجنب المواجهات“ لمنع ”سوء الفهم أو تصعيد التوتر“.
وقال الكولونيل شون ريان لرويترز في رد عبر البريد الإلكتروني على سؤال عن التدريبات ”أجري التدريب لتعزيز قدراتنا ولضمان أننا مستعدون للرد على أي تهديد لقواتنا في نطاق منطقة عملياتنا“.
ودعت روسيا ونظام الأسد مرارا واشنطن لسحب قواتها من قاعدة التنف حيث أعلنت عن منطقة نصف قطرها 55 كيلومترا محظورة على الأطراف الأخرى باعتبارها ”منطقة عدم اشتباك“.
وقال مقاتلون في المعارضة السورية إن المئات من أفراد مشاة البحرية الأمريكية وصلوا هذا الشهر إلى التنف للانضمام لقوات خاصة متمركزة هناك بالفعل وللمشاركة في التدريبات. وجاء ذلك وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا وحشد للقطع البحرية في البحر المتوسط.
وأصبحت ”منطقة عدم الاشتباك“ ملاذا آمنا لأكثر من 50 ألف مدني يعيشون في مخيم الركبان الذي يقع داخلها. وكررت وزارة الدفاع الروسية في أغسطس آب اتهاما لواشنطن بأنها تؤوي متشددين من تنظيم الدولة الإسلامية داخل تلك المنطقة.
وقال الطلاع ”باقون رغم أنوف الروس والإيرانيين“.
وأُنشأت قاعدة التنف العسكرية المحاطة بالمناطق الصحراوية خلال المعارك ضد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين كانوا يسيطرون في وقت من الأوقات على مناطق في شرق سوريا بمحاذاة الحدود مع العراق.
وبعد طرد الدولة الإسلامية وجهت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضربات لمسلحين تدعمهم إيران في عدة مناسبات لمنعهم من التقدم صوب المنطقة فيما وصفته واشنطن بأنه دفاع عن النفس.
وتقع التنف على طريق سريع استراتيجي يربط دمشق ببغداد وكان في وقت من الأوقات طريق إمداد رئيسيا للأسلحة الإيرانية إلى سوريا.
ويجعل ذلك من القاعدة العسكرية حصنا ضد إيران وجزءا من حملة أوسع لمواجهة التوسع العسكري الإيراني في الشرق الأوسط.
والسيطرة على تلك المنطقة هدف منذ فترة طويلة لنظام الأسد وحليفتيه روسيا وإيران.
ويقول مقاتلو المعارضة إن السياسة الأمريكية العسكرية الجديدة المتعلقة بتعزيز القدرات في التنف تشكل نقلة نوعية.
وقال الطلاع ”الموقف الأمريكي تغير تماما تجاه الإيرانيين. صار الآن فيه جدية أكبر في العمل أكثر تجاه الإيرانيين… كان سابقا بس أنه حط حد للإيرانيين أنهم ما يقتربوا من المنطقة“.
وأضاف أن رفض طهران إنهاء وجودها العسكري في سوريا قد يؤدي لرد عسكري أمريكي.
وقال الطلاع ”إذا ما استجابت طهران لمطالب الأمريكيين والتحالف الدولي للانسحاب من سوريا احتمال كبير يوجه لهم ضربة… أمر حتمي أن يطلعون الإيرانيين من سوريا بس لازم يكون هذا بسرعة وبطريقة حاسمة.. حاسمة جدا“.
عذراً التعليقات مغلقة