ما حقيقة عودة سكان داريا وتخديم مدينتهم؟

فريق التحرير12 سبتمبر 2018آخر تحديث :

محمد العبد الله – حرية برس

بعد مضي أكثر من عامين على تهجير النظام السوري سكان داريا بريف دمشق بالكامل، لا تزال المدينة خاليةً من المدنيين، وتعيش حالة من الدمار، في وقتٍ سعى فيه النظام الى الترويج لبدء عودة السكان الى بيوتهم، ما يثير التساؤل حول مدى صحة تلك المعلومات.

وأعلن النظام السوري نهاية الشهر الماضي، أن آلاف المهجّرين عادوا إلى منازلهم في داريا، حيث نشرت شبكات موالية، تسجيلاً مصوراً أظهر العشرات من المدنيين أثناء دخولهم إلى المدينة من جهة المتحلق الجنوبي، وتجمعهم للاحتفال وسط داريا.

وزعمت وكالة “سانا” الناطقة باسم النظام، أن 5 آلاف مدني عادوا الى داريا، وأن عودة المدنيين مستمرة بشكل تدريجي، بموجب توجيهات من محافظ ريف دمشق علاء منير إبراهيم، بعد تأمين الظروف المناسبة والخدمات الأساسية اللازمة لمعاودة ممارسة حياتهم الطبيعية.

وأدّعى “رئيس مجلس مدينة داريا” التابع للنظام مروان عبيد بحديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية: إن “البلدية رفعت أسماء أكثر من 6 آلاف شخصاً في قوائم، وسيتم إدخالها بالتدريج وفقاً لنظام القوائم”، مؤكداً أن عملية الإعلان عن الأسماء والقوائم ستتم عبر صفحة المكتب التنفيذي للمدينة في موقع فيس بوك.

وأوضح عبيد أن الأوراق المطلوبة من أجل استصدار بطاقة الدخول عند مدخل المدينة، ستكون وثيقة الملكية والبطاقة العائلية، لافتاً إلى أن من لا يملك بطاقة عائلية فعليه استصدار بيان عائلي.

لكن القيادي في احدى كتائب المعارضة بداريا سابقاً نهاد الحو نفى لحرية برس صحة تلك المعلومات جملةً وتفصيلاً، وأكد أن داريا لاتزال خاليةً تماماً من السكان، وأن “النظام لم يضع سوى قائمة بـ 48 اسماً فقط لإعطائهم موافقات أمنية للدخول لتفقد منازلهم، وتلك الأسماء من المرتبطين بالنظام”.

وأضاف الحو أن “الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها النظام قبل أيام عن تجمع حشد من الأهالي وسط داريا احتفالاً بعودتهم الى المدينة، هي مجرد تمثيلية من النظام، حيث سُمح لهم بالدخول في العاشرة صباحاً الى ساحة الزيتونة في داريا ليتمكن اعلام النظام من التصوير على أن الأهالي قد عادوا”.

وأوضح الحو أن “الأهالي بقوا في الساحة ولم يُسمح لهم بالتحرك ضمن المدينة أبداً أو حتى تفقد منازلهم، وتم اجبارهم كذلك على الهتاف لبشار الأسد ورفع صوره، وعند الساعة الخامسة مساءً أمرهم محافظ ريف دمشق بمغادرة المدينة فوراً”.

وأشار الى أن “النظام اضطر للترويج الى بدء عودة المدنيين بعد الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها من الرأي العام، ففي كل اجتماع رسمي لمسؤول من النظام، كان يتم السؤال عن مصير الواقع الخدمي في داريا، ومتى ستبدأ عودة المدنيين اليها، لهذا لجأ الأسد للإدعاء بعودة المدنيين لتحفيف الضغط عنه”.

داريا بيد إيران

بدوره قال أحد عناصر المعارضة في داريا المهجّر الى الشمال مهند تقالة لحرية برس: إن “ايران وميليشيا حزب الله هم من يستولون على داريا، حيث تعمدوا تهجير كامل سكان المدينة ومنع عودتهم اليها، بغية بسط السيطرة على المدينة، التي تعتبر مهمة بالنسبة لإيران، كونها تضم مقام السيدة سكينة”.

وأضاف تقالة أن “عناصر النظام وحزب الله ينتشرون على أطراف داريا، ويمنعون أي شخص من سكان المدينة من الدخول اليها، فضلاً عن قيامهم بتعفيش كامل المنازل”، مشيراً “الى أن “قرار عودة سكان داريا الى مدينتهم بيد ايران فقط”.

وسبق أن اعترف مسؤول النظام مروان عبيد في آذار الماضي، لإذاعة “المدينة” الموالية، أن موعد عودة سكان داريا هو شأن أمني وسياسي، ولا يوجد موعد محدد لعودة السكان، وأن هناك اعتبارات سياسية وأمور أمنية تمنع تحديد موعد الدخول.

في حين قال الصحفي مناف السيد لحرية برس: إن “النظام سعى الى تسهيل استملاك ايران للعقارات في داريا، وذلك بعد أن أصدر القانون رقم 10 في نيسان الماضي، حيث عمد الإيرانيون الى تقديم دعاوى غيابية مدعومةً بوكالات مزورة من كاتب العدل، مستغلين تهجير أهل داريا، وعدم قدرتهم على رفع دعوى ضد أي أحد استملك عقارهم، فضلاً عن أن السجل المدني والعقاري في داريا قد تم حرقه واتلافه بشكل شبه كامل”.

ترميم جزئي وخدمات غائبة

وفيما يخص الواقع الخدمي قال المحامي محمد الدباس من أبناء داريا المهجرين لحرية برس: إن “80% من داريا مدمرة، والنظام قام فقط بعمليات ترميم جزئية، شملت ترميم مدرستين فقط، اضافةً الى البلدية، مركز اغاثي، مستوصف، والمخفر، ويقعون في نفس المنطقة، بينما لاتزال باقي أجزاء المدينة مدمرة بالكامل خاصةً الطرف الغربي”.

وأضاف الدباس أن “المدينة تعاني كذلك من غياب الخدمات، خاصةً الكهرباء والمياه، حيث عمد النظام الى انارة بعض الشوارع التي تقع فيها المؤسسات والمراكز التابعة له فقط”.

وسبق أن أعلن المكتب التنفيذي في بلدية داريا التابعة للنظام في بيان له، عن اطلاق مشروع رفع الأنقاض وترميم المدينة، بقيمة بلغت 250 مليون ليرة، وأن العائلات بعد دخولها إلى المدينة ستقوم بترميم منازلها والإقامة فيها.

لكن الصحفي مناف السيد أوضح أن “عملية رفع الانقاض التي قام بها النظام لها عدة أهداف، أبرزها إخفاء جرائم الحرب والدمار الكبير الذي ألحقه بهذه المدينة، وتسهيل عملية تنقل العناصر والميليشيات في المدينة، اضافةً الى تحقيق مكاسب اقتصادية، عبر إعادة تدوير الأنقاض التي رفعها”.

وتعرضت داريا لحصارٍ خانقٍ وقصفٍ عنيفٍ من النظام على مدار أربع سنوات، قبل أن تتوصل لجنة ممثلة عن فصائل وفعاليات المدينة، إلى اتفاق مع الأسد يقضي بإفراغ كامل المدينة في 26 من آب 2016.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل