غموض يلف مباحثات التهدئة بشأن قطاع غزة

فريق التحرير13 سبتمبر 2018آخر تحديث :
مسيرات العودة التي انطلقت منذ الثلاثين من شهر أذار/مارس الماضي والتي لم تتوقف حتى اليوم، مطالبةً برفع الحصار عن قطاع غزة – عدسة: فارس أبو شيحة – حرية برس©

فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:

ينتظر نحو مليوني مواطن داخل قطاع غزة بين الأمل واليأس، النتائج المثمرة من نتائج المباحثات بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي عبر وسيط مصري بالعاصمة المصرية القاهرة، بعقد اتفاق التهدئة بين الطرفين مقابل عودة الهدوء إلى المدينة ووقف إطلاق النار بينهما، مقابل رفع الحصار الإسرائيلي بالكامل حسب تفاهمات عام 2014م، التي لم تلتزم بها حكومة الاحتلال بعد الحرب الأخيرة على غزة قبل أربعة سنوات من الآن.

المصلحة المشتركة

ويقول المحلل السياسي ’’حسام الدجني‘‘ في حديثه لحرية برس، إن “هناك ظروفاً كبيرة من الممكن أن يؤدي ذلك إلى نجاح المباحثات بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وعقد اتفاق تهدئة بين الطرفين، والمتعلقة بالأطراف المباشرة كإسرائيل وحماس والأمم المتحدة وأطراف دولية وإقليمية أخرى معنية بعودة الهدوء داخل قطاع غزة‘‘.

وبيّن الدجني، أن الظروف التي يمر بها قطاع غزة مواتية لعقد اتفاق التهدئة بما يحقق المصلحة المشتركة للجميع من بينها حركة حماس، حيث أنها ستستفيد من خلال إتفاق التهدئة بانفتاح اقتصادي وإقرار الدور الدولي والإقليمي بمكانتها.

كما أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سيستفيد من هذا الاتفاق نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ الذي يمس كافة المواطنين، في ظل التعثر المستمر لملف المصالحة الفلسطينية وملفات أخرى وإبعاد شبح الحرب عن غزة، إلى جانب استفادة الاحتلال من وراء نجاح إتفاق التهدئة من خلال استكمالها لبناء الجدار الأمني لها على طول الحدود مع القطاع والتفرغ لتهديدات مليشيا ’’حزب الله‘‘ اللبناني والمليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى عودة الهدوء على طول حدودها، من خلال وقف مسيرات العودة ووقف إطلاق البالونات الحارقة التي شوهت صورة حكومة الاحتلال أمام العالم، حسب الدجني.

وأوضح المحلل السياسي، أن القاهرة والولايات المتحدة الأمريكية ستستفيد من نجاح الإتفاق من خلال عودة الإستقرار في المنطقة، من أجل تمرير صفقة القرن أو على أقل تقدير تحيد قطاع غزة عن المعادلة السياسية للصفقة.

وأكد الدجني، أن السلطة الوطنية الفلسطينية بدرجة الأساسية هي الطرف الوحيد الذي يعرقل نجاح وإبرام الإتفاق، وذلك لأن خسائرها كثيرة من وراء ذلك، إلى جانب تأكل ورقة بالغة الأهمية وهي المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الوحيد للشعب الفلسطيني من خلال تقليص دورها واحتكارها لخدمة حزب سياسي فلسطيني وحيد وأطراف أخرى، دون أن تكون كيان جامع للكل بما يشمل الفصائل الفلسطينية.

ويضيف الدجني، أن السلطة الفلسطينية ستخسر اقتصادياً، بحيث أن المقاصة الضريبية ستنتقل إلى الميناء أو معبر رفح البري، بمعنى أن الاحتلال الإسرائيلي لن يجد ما يحوله من ضرائب المقاصة إلى خزينة السلطة الفلسطينية وهذا يعتبر مخسر كبير إقتصادي لها.

وأشار الدجني إلى أن دخول حركة حماس وجولتها المستمرة داخل العاصمة المصرية القاهرة للتوصل إلى اتفاق تهدئة وتحقيق انفتاح اقتصادي للمواطنين الغزاوين، سيضعف ذلك دور السلطة الفلسطينة مع فقدان شعبيتها داخل الشارع الفلسطيني والدولي والإقليمي.

الخسارة المالية

وعلى صعيد المال، أوضح الدجني، أن السلطة الفلسطينية ستفقد الكثير من المال الذي يأتي لها من قطاع غزة من المقاصة الضريبة، لأنه في حال كان هناك ميناءً أو مطاراً ومعبر رفح البري مفتح في كلا الاتجاهين، وسيكون هناك تبادل للبضائع عبر هذه المنافذ التجارية، وسيقل الحاجة إلى معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قطاع غزة، وهذا يضعف قيمة المقاصد الضريبة.

ونوّه الدجني إلى أن السلطة الفلسطينية لا تريد لحماس أن تحكم غزة برخاء إقتصادي مع إبقاء الحركة مرتبطة بالجمع الفلسطيني المتمثل بقضايا مشكلة الكهرباء والحصار والرواتب والفقر وغيرها من القضايا.

فصل غزة عن الضفة 

وذكر المحلل السياسي أن قطاع غزة من الناحية الجغرافية منفصل عن الضفة الغربية منذ أن وجد الاحتلال الإسرائيلي وبعد انتفاضة الأقصى عام 2000، وإغلاق الطريق الأمن بين القطاع والضفة الغربية، وموجود قبل سيطرة حماس على غزة وبعدها، أما بالنسبة لمسألة الانفصال السياسي لا يمكن لأحد أن يفصل غزة عن باقي المدن الفلسطينية ولا الضفة الغربية عن غزة، والبعض يتهم السلطة في فصل القطاع عن الضفة من خلال فرض العقوبات الاقتصادية على المدينة، أما أن تتحمل غزة فاتورة المشروع الوطني كله فهذا ليس من المنطق ولا العدل.

وشدد الدجني في حديثه ’’إننا لا نستطيع أن نحكم أو نقيم لإتفاق التهدئة أنه سيحمل ذلك بدفع تنازلات سياسية، لكن حركة حماس حتى اللحظة تقول أنها لن تدفع أي تنازلات أو أثمان سياسية مقابل الإتفاق وإن كان الثمن هو عودة الهدوء فهذا الثمن مقبول داخل الشارع الفلسطيني، كوّن أن التهدئة موجودة منذ عام 2014 وكانت سارية، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بها، وهو رفع الحصار الكامل عن قطاع غزة، وبنجاح هذا الإتفاق سيخدم الشارع الغزاوي والمقاومة الفلسطينية والعمل في الميدان على المستويان السلمي أو العسكري‘‘.

الانشغال المصري

من جانبه قال مصدر سياسي مطّلع على مباحثات القاهرة لحرية برس -رفض الكشف عن اسمه-، إنه “كان من المفترض توجيه دعوة أخرى مصرية لحضور الممثلين عن الفصائل الفلسطينية للحضور في القاهرة بعد عيد الأضحى المبارك، لكنها تأجلت بسبب الإنشغالات والاعتذار من قبل المسؤولين المصريين عن الملف الفلسطيني خارج مصر وحتى الأن لم يتم توجيه أي دعوات للحضور، لكن من المتوقع الحضور والذهاب للفصائل الفلسطينية للقاهرة في الأيام القادمة لاستئناف مباحثات التهدئة من جديد وأن وفد الفصائل الفلسطينية لم يغادر قطاع غزة لحضور الجولة الثانية له لبحث ملف التهدئة”.

وبيّن المصدر أن ملف التهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي عبر الوسيط المصري لم يتعثر إلى الآن، في ظل رفض السلطة الفلسطينية وحركة فتح لمباحثات التهدئة بالقاهرة، لكن من المتوقع أن يكون في الأيام القريبة القادمة لقاء جديد بين الفصائل الفلسطينية والأخوة المصريين لاستكمال المباحثات حول التهدئة والمصالحة الفلسطينية، في ظل الوضع الإنساني والاقتصادي السيئ الذي يعاني منه المواطنين داخل قطاع غزة.

وأوضح المصدر، “ليس لدينا معلومات عن بنود اتفاق التهدئة ربما سنستمع لها خلال الجولة القادمة لمفاوضات ومباحثات التهدئة بالقاهرة، لكن التهدئة ستكون جلّها ما جرى الاتفاق عليه حسب تفاهمات بعد الحرب الأخيرة عام 2014م، بعودة الهدوء ووقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية الخمسة والاحتلال الإسرائيلي، مقابل أن يقوم الاحتلال برفع وكسر حصاره الكامل والذي لم يلتزم به إلى الآن، إلا أن المستجدات في ذلك أيضاً رفع العقوبات الإقتصادية من قبل السلطة الفلسطينية عن قطاع غزة”.

وأضاف المصدر أن ’’الإتفاق يقوم على التسهيلات المتعلقة جلها بتحسين الوضع الإقتصادي داخل قطاع غزة، ومن أبرزها فتح المعابر الحدودية وحل مشكلة الكهرباء من خلال طرح العديد من المشاريع لحلها، وحل مشكلة المياه، والمطلوب حالياً إجبار الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ ما جرى عام 2014م دون تقديم أي تنازل سياسي مقابل ذلك‘‘، نافياً أن الاتفاق قد طرح بنود جديدة كإقامة ممر مائي أو إقامة مطار جوي خارج فلسطين، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية.

وأردف المصدر المطّلع أن المباحثات التي تدور في القاهرة هو الحديث عن تهدئة وليس هدنة طويلة الأمد وفق تفاهمات عام 2014، بوقف إطلاق النار وعودة الهدوء إلى قطاع غزة، إلى جانب كسر الحصار عن قطاع غزة بالكامل عبر الوسيط المصري.

يذكر أن وفد من المخابرات المصرية قد زار يوم السبت الماضي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمدينة رام الله بالضفة الغربية، من أجل التوصل إلى تفاهمات حول ملفي التهدئة والمصالحة خلال المباحثات التي تأجلت مؤخراً بين الفصائل الفلسطينة والاحتلال الإسرائيلي عبر وسيط مصري.

ووفقاً لاستطلاع الرأي بقطاع غزة للمواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن توقعهم بنجاح أو فشل المباحثات للتهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بجهود مصرية، تبيّن أن نسبة 22% يتوقعون نجاحه، و78% يتوقعون فشل الاتفاق، لتشكل هذه النسبة الكبيرة انعدام الثقة بين المواطنين بأصحاب القرار من شعبهم حول ملف التهدئة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل