انعكاسات توقف الدعم الغربي لمناطق المعارضة عسكرياً وإنسانياً

فريق التحرير26 أغسطس 2018آخر تحديث :

أحمد زكريا – حرية برس

أثار قرار الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها بريطانيا بتقليص الدعم المخصص إن كان لإعادة الإعمار أو لدعم بعض برامج المساعدات غير الإنسانية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال السوري، ردود فعل عدد من النشطاء الاغاثيين والمحللين السياسيين والعسكريين.

وكانت الحكومة البريطانية، أعلنت في بيان لها يوم، الاثنين 20 أب/أغسطس الحال، عن تقليص دعم بعض برامجها غير الإنسانية، مرجعة السبب إلى أن الوضع على الأرض أصبح صعبًا على نحو متزايد في بعض المناطق، بحسب وكالة “رويترز”.

وسبق تلك الخطوة البريطانية، قرار صادر من الخارجية الأمريكية بإعادة توجيه نحو 230 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدات استقرار سوريا، لأغراض أخرى، بحسب ما نقلته عدد من المصادر الإعلامية عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية “هيذر نويرت”.

غياب النوايا الحسنة وحضور المصالح

وفي تعليق منه على خطو توقف الدعم أو تقليصه عن مناطق الشمال السوري من قبل بعض الدول الغربية، قال “هشام اسكيف” نائب رئيس المكتب السياسي للواء السلام التابع للجيش السوري الحر في تصريح خاص لحرية برس: إن الدعم بشكل عام لأي حالة مشابهة للثورة السورية لا يكون مبنيا على النوايا الحسنة ولا كرم أخلاق من أي جهة، بل هناك تقاطعات في المصالح تجعل هذا الدعم ضرورة. مضيفاً أن الحالة في “الثورة السورية” لم تكن استثناء من هذه القاعدة، فيما عدا التحالفات التي ظهرت بين الجيش الحر كمظلة وبين الحلفاء الأتراك الذين التقوا معنا بحلف قوي، عززته مصالح مشتركة وحيوية.

وأشار، إلى أنه لا يمكن لثورة بهذا العمق وردة الفعل الوحشية من النظام، أن تستمر بدون دعم وإن كانت نتائجه لم تكن على قدر المعول عليه.

ويرى “اسكيف” أنه لا يمكن نكران أن الدعم الذي كان يقدم ساعد في سد بعض الحاجات للشعب السوري المكلوم، معتبراً أنه لا يوجد من يساعدك لأنه يحبك فهذه المشاعر لا وجود لها في الحقل السياسي، على حد تعبيره.

وعن تبعات توقف الدعم الغربي لمناطق المعارضة عسكرياً وإنسانياً قال “سكيف”: إن توقف الدعم سيكون سلاحاً ذو حدين، الحد الأول هو تحدي جديد تخوضه الثورة لكي تعتمد على ما لديها من طاقات، والثاني سيصيب قطاعات بالضعف.

الهدف: الفرقة والويلات وإفشال الثوار

فيما كان للمحلل العسكري العقيد “محمد الأحمد” رأي آخر، معتبراً أن “السوريون هم الضحية نتيجة توريطهم بالدعم الذي لا يعرفون متى يتوقف”.

وأضاف قائلاً: منذ البداية كان الدعم عشوائي إلى أن تنظم من خلال غرف الدعم المشترك الذي اشترط على المدعومين شروط لا يعلمون منها إلا السلاح والمال والتركيز على قيادات جهلة ليس لديهم أي مشروع، مبيناً كذلك أن برنامج التدريب الذي أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية فشل فشلاً ذريعاً وقام بتخريج عدد قليل من العناصر الذين سرعان ما تم القبض عليهم من قبل جبهة النصرة.

ويرى “الأحمد” أن الأمريكان دائماً يسعون إلى فكرة واحدة وهي إفشال الثوار، وكأنهم يريدون أن يقولوا لا يمكن الاعتماد عليكم، وبالمقابل يتم دعم قوات “قسد” بكل الإمكانيات والهدف هو “النفط”، لذا بالمحصلة فإن الدعم لم يجلب سوى الفرقة والويلات للسورين، وظهور طبقات بالمجتمع متحكمة بالمال الذي هو بالأساس للجميع.

دعم يَصبُ في صالح الدول الغربية

ولفت العقيد “الأحمد” الانتباه، إلى أن الدعم كان لغايات ولصالح الدول قولاً واحداً، لأن من دُعم من الفصائل أو الافراد ليس لديه مشروع، ومن كان له مشروع لم يرَ النور وتم ابتلاعه قبل أن يبدأ وأمام ناظر الداعمين الأقوياء كأمريكا، وبالتالي فإن غاية الدول الداعمة أن يكون لها نصيب بما يجري وبنتائج ما يجري، لأنهم ليسوا جمعيات خيرية.

ومن وجهة نظر “الأحمد” فإن الدعم المالي لا يكفي وخاصة إذا وضع بطريق خطأ وفي الأيدي الخطأ، وقال: إننا لو قارنا بين دعم الروس والإيرانيين للنظام وبين دعم من يدعي دعم الثورة نجد النتيجة صفر، فالروس دعمهم تقريباً عسكري وسياسي وإعلامي وعلى كل المستويات، بينما داعمي السوريين يتركوهم لمصيرهم وأغلبهم ليس له خبرة كافية لاستخدام على الأقل الامكانيات المالية في خدمة الثورة، لذلك استشرى الفساد في مؤسسات كثيرة وكان هذا هو المطلوب.

دعم مرهون بمقاتلة “داعش والنصرة” فقط

وفيما يخص انعكاسات توقف الدعم الغربي على صعيد عسكري أو انساني قال “الأحمد”: إن التبعات العسكرية هي توقف أي عمل عسكري ضد النظام، وهذا كان من شروط الدعم قتال داعش والنصرة والإرهاب، بينما النظام لم يذكر في هذا نهائياً، أما على صعيد انساني فالحالة الانسانية سيئة بكل المقاييس أولاً لتوقف الدعم الخجول وثانياً بسبب فساد من يستلم هذا الدعم الانساني من منظمات وحتى دول تاجرت بقضية الانسان السوري.

ويرى “الأحمد” أن كل ما حصل هو لإعادة تأهيل النظام الذي هو أسوأ نظام عرفه التاريخ، ومع ذلك نجد الإساءة للثورة من خلال استلام قادة يسهل اختراقهم وتورطهم، وبالتالي الوصول إلى درجة أن المراقب وحتى الشعب أصبح يقارن بين النظام والمعارضة فيجد أن النظام السيء جداً هو أفضل، وهذا ما نشاهده في بقعة محررة صغيرة فيها من المشاكل ما ينذر بانفجار ثوري أخر نتيجة الاعتماد على فاسدين ليقولو للناس إذاً النظام أفضل منكم،  وهذه سياسة متبعة لأنهم لو أرادوا الخلاص لاعتمدوا على أشخاص لديهم مشروع متوازن واضح المعالم، ولكن هذا ليس لم يحصل بل وكأنه ممنوع أن يحصل.

الأهم اعتراف الدول الداعمة بالثورة السورية

من جهته، يرى الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام “رشيد حوراني” أن الأمر المهم من الدعم الغربي للسوريين هو اعتراف تلك الدول بالثورة السورية، وتقديمها الدعم للمطالبين بدولة الحرية والقانون يعني رغبة تلك الدول في الوصول إلى ذلك خاصة أنهم لم يقدموا الدعم للنظام.

وبحسب “حوراني” فإنه مما لا شك فيه أن تلك الدول لا يقتصر دعمها في مساندة السوريين الثائرين لتحقيق هدفهم المتمثل بإسقاط النظام بطريقة مثالية فقط، بل هي تريد أيضاً مصالح لها تتحقق على أيدي المعارضة وقوى الثورة.

واستبعد “حوراني” في حديثه لحرية برس، مسألة إيقاف الدعم بشكل نهائي وقال: لا أظن أن الدعم يتم إيقافه بشكل نهائي فهو يغلق من طرف ويقدم من طرف آخر، ودليل ذلك ما أعلنه سابقاً ترامب عن وقف الدعم للمعارضة المسلحة في حين تم فتحه بتقديم الدعم التركي لفصائل الشمال المحرر، وهذا الأمر يقع ضمن تفاهمات دولية.

منفعة متبادلة بين كافة الأطراف

وعن رأيه فيما يخص مسألة توقف الدعم والفائدة التي عادت للسوريين من جراء هذا الدعم قال المحلل السياسي “ماجد الخطيب”: إن الدعم الغربي حقيقة يمكن القول وبدون مواربة أو تشويهاً للحقائق، سيما وأننا قطعنا النصف الثاني من السنة السابعة للثورة السورية، أن الدول الغربية والولايات المتحدة تحديداً ساهمتا في إطالة أمد النزاع، ومكنتا النظام من استعادة الكثير من المناطق التي كانت بيد المعارضة، ميممان شطر وجههما نحو الارهاب الداعشي معتبرانه أولوية قصوى على صعيد ميزان المفاضلة بين النظام والمعارضة، ومغضي الطرف نحو الارهابي الأكبر بشار وزبانيته رغم معرفة تلاميذ الصف الأول في السياسة أن اسقاط نظام الأسد يؤدي إلى القضاء على الإرهاب، سيما وأن ولادة داعش وأخواتها كانت بعد سنتين تقريباً من عمر الثورة.

وتابع: عند حديثنا عن المساعدات نعم كانت هناك منفعة متبادلة بين الغرب والثوار، سيما في النواحي المدنية والإعلامية، فلولا الدعم الأمريكي على سبيل المثال لما كان هناك وجود لمؤسسات إعلامية وصحف وإذاعات وتلفزة، بالإضافة إلى مساهمة بعض الدول الأوربية كفرنسا وبريطانيا في دعم الملف الاغاثي والطبي وتغطية احتياجات المخيمات غذائياً ودوائياً وطبياً.

لكن بالمقابل، بحسب “الخطيب” كانت استفادة الغرب أكبر من خلال تجنيد الكثير من الشباب السوري ضعاف النفوس في أعمال استخباراتية لصالح تلك البلدان، ومدهم بالمعلومات اللوجستية والحيوية والديموغرافية، الأمر الذي أضر كثيراً بسوريا لعقود طويلة قادمة، وما جناه الغرب من معلومات يقينية ليست مبنية على الظن كان يحتاج إلى جمعها لولا الفوضى الحاصلة إلى عشرات السنين هذا إن حصل عليها.

توقف الدعم الغربي هدفه إعادة تعويم النظام

وفيما يخص الآثار السلبية لتوقف الدعم الغربي على صعيد عسكري وانساني أوضح “الخطيب” أنه وعند الحديث عن توقف الدعم العسكري والإنساني، فهذا يقودنا إلى المربع الأول في حديثنا، وأعني هنا توافر الإرادة السياسية للدول وعلى رأسها إسرائيل، بإعادة تأهيل بشار دولياً وطي صفحة اجرامه بحق شعبه، ومكافئته بالتالي على جميل صنعه في تدمير سوريا وتشريد أهلها، وربما الحديث عن تقسيمها وإعادة هيكلتها (أي سوريا) يغدو وكأن الامر من باب الترف السياسي.

وأضاف “الخطيب” لحرية برس: هذا ما شهدناه مؤخراً في درعا جنوب سوريا، كيف تخلت أمريكا عن فصائل دربتها وأنفقت عليها لأربع سنوات وأوفقت الدعم المالي للاحتياجات الإنسانية، لكي تجبر المحتاجين إلى القبول مرة أخرى بنظام الاسد على أنه البديل الأفضل والأنسب “وكأنك يا أبو زيد ما غزيت”.

وحمّل “الخطيب” المعارضة بشقيها العسكري والسياسي مسؤولية ما تمر به الثورة السورية وقال: بالمقابل ومن باب العدالة والإنصاف يكون حرياً بنا ونحن نتحدث عن مراجعة لما حصل، عن خيانة الكثير من الفصائل العسكرية للثورة والشعب، وتسليمها للمناطق بدون قتال رغم الكشف عن ترسانتها العسكرية في المستودعات عن قدرتها على قلب الموازين، إلا أنها فضلت أن تكون حصان للغرب يمتطيه لتحقيق مصالحه، وليست المعارضة السياسية أفضل حالاً التي جعلت من تناحرها السياسي والانتماء إلى أجنداتها الخاصة أهمية قصوى مع الإسقاط الكامل لكل ما قررته الثورة من مبادئ وسعت إليه من أهداف.

دعم موجه للجانب الاغاثي فقط

مدير فريق “استجابة سوريا” المهندس “محمد الشامي” قال لحرية برس: بداية لو تكلمنا على موضوع المساعدات الغربية للشعب السوري عامة والمساعدات الأمريكية خاصة، فمنذ اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 لوحظ أن أغلب المساعدات القادمة تتركز على الوضع الإغاثي فقط، ولم يسمح لأغلب المساعدات أن تتحول إلى المجالات الأخرى كالمجالات التنموية.

وأضاف: لم يكن هناك أي اختلاف بالمطلق بين الدول الفاعلة في الملف السوري، إن كانت الدول الغربية أو الولايات المتحدة أو حتى روسيا وإيران، وكلها تدور في فلك اخضاع الشعب السوري لنظام الأسد فقط، بسبب عدم وجود بديل يتناسب مع تلك السياسيات.

وفيما يتعلق بموضوع نقل المساعدات الأمريكية أو الغربية من شمال غرب سوريا إلى الشمال الشرقي الواقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، أوضح “الشامي” أن هذا الأمر طبيعي جداً كون الولايات المتحدة تحاول قدر الامكان تحريك سياسيات الحكومات بشكل عام بما يتناسب مع سياساتها، ولا يمكن القول إن المساعدات البريطانية أو الأمريكية تم تحويلها، ولكن تم تحويل أموال سعودية فقط وغيرها من دول الخليج لمساعدة قوات “قسد”، ومن يقول إن المساعدات الغربية هي موجودة فهو مخطئ، وأغلب تلك المساعدات تأتي من دول الخليج والسعودية لتنفيذ الأجندات الأمريكية في المنطقة فقط.

ولفت “الشامي” إلى أن البعض يرى أن إيقاف المشاريع المدعومة غربياً كانت نتيجة امتداد الأزمة السورية، وعدم الوصول إلى حلول معينة ترضي جميع الأطراف، أو القدرة كما يقولون على اقناع دافعي الضرائب الغربيين والأمريكيين.

السوريون لم يجنوا أي نتيجة من الدعم الغربي

وأكد “الشامي” أن الشعب السوري في الحقيقة لم يجني من الدعم الغربي المقدم أي نتيجة سوى الالتزام بأجندات معينة تابعة للغرب فقط، والحصول على معلومات موسعة عن الوضع السكاني والاجتماعي السوري، بحيث كان المستفيد الأول الدول الغربية فقط بحيث تحقق غاياتها فقط.

ونوه “الشامي” إلى أن توقف هذا النوع من الدعم قد يكون له ايجابيات أكثر من كونه يحوي سلبيات، فبعد سبع سنوات من الثورة أصبح من الأفضل الاعتماد على الموارد الذاتية للشعب السوري، والتحكم بمقدراته داخلياً، والابتعاد عن الأجندات الغربية تحت مسمى الدعم الإنساني، إلا أننا لا نستطيع الإنكار من وجود فئة متضررة بشكل كبير من توقف هذا الدعم (الفئة الفقيرة جداً)، وهذا يتطلب تعاون باقي فئات المجتمع السوري، لاحتواء هذه الفئة ومساعدتها والتغلب على العوائق للمجتمع كافة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل