’’شهداء بلا دماء‘‘.. خمس سنوات على مجزرة الكيماوي بالغوطة

فريق التحرير121 أغسطس 2018آخر تحديث :
شهداء مجهولين بمجزر الكيماوي من بلدة زملكا في الغوطة الشرقية – أرشيف

حرية برس:

في ذكراها الخامسة، لم ينسى العالم “التاريخ الأسود” الذي وقف أمامه حينها وفي عيونه العجز والخوف، وقلة الحيلة، والترقب، ليجد السوريين من وسائل التواصل الاجتماعي منصة يعبرون فيها عن خيبتهم وخذلانهم، ويغردون من جديد عبر وسم ’’كيماوي الأسد‘‘.

قتل بلا دماء

’’شهداء بلا دماء‘‘، ’’ذبح بلا دم‘‘، بهذه الكلمات تذكّر السوريون الموجودون في شتى بقاع العالم ’’مجزرة الكيماوي‘‘ التي ارتكبها نظام الأسد، إثر قصف غوطتي دمشق الشرقية والغربية، في آب/أغسطس عام 2013.

مجزرة الكيماوي، التي استخدمت فيها قوات نظام الأسد، صواريخ أرض أرض، تحمل رؤوساً كيميائية معبأة بغاز “السارين”، لقصف الغوطتين الخارجتين عن سيطرة النظام، أسفرت عن استشهاد أكثر من 1400 مدني، غالبيتهم من النساء والأطفال.

حيث أقدم الأسد على جريمته المروعة والتي أودت بحياة المئات وخلفت آلاف المصابين، في المنطقة التي كانت تشهد يومياً قصفاً عشوائياً بمختلف أنواع السلاح الذي يملكه نظام الأسد، وسط حصار شديد منذ أكثر من عام، جعل من الصعب تأمين أبسط مستلزمات الحياة لمئات الآلاف من السكان، إلى أن قامت قواته بتلك المجزرة، بعشرات الصواريخ المحملة بالمواد الكيماوية، وكان هذا الهجوم هو الأضخم، منذ أن بدأ النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المناطق الثائرة والخارجة عن سيطرته.

وتعذّر على الكثير من الأهالي إيجاد أبنائهم وذويهم بالسرعة المطلوبة بسبب نقل الشهداء والمصابين إلى مختلف النقاط الطبية في بلدات ومدن الغوطة، خاصةً أن معظمهم قتلوا وهم نيام وجرى إخراجهم بثياب نومهم من غير وثائق أو أي شيء يدل على شخصيتهم. ومع الحر الشديد لشهر آب وعدم وجود كهرباء وثلاجات لحفظ أعداد الجثامين الهائلة، كان هناك اضطرار في العديد من الحالات لدفن الشهداء المجهولين قبل تعرف ذويهم عليهم ووداعهم.

لم تكن المجزرة الكيماوية الوحيدة أو الأخيرة التي يقترفها نظام الأسد ضد الأبرياء من الشعب السوري لكنها كانت الأبشع والأفظع والأكثر حصداً لأرواح الأطفال والنساء والرجال في ساعة واحدة وهم نيام.

تحرك دولي زائف

وعلى الرغم من جميع التحركات الدولية، إلا أن الجناة لم تتم محاسبتهم. ويكرر نظام الأسد قصفه للمدنيين بالغازات السامة والمواد الكيميائية، مرات عدة، دون اكتراث بالمجتمع الدولي، وبغض الطرف عن كل ما أدين به.

وفي الوقت الذي كان العالم فيه ينتظر الرد الأمريكي الموعود على تجاوز نظام الأسد لخطوطه الحمراء بعد خطابه المشهور للرئيس السابق ’’باراك أوباما‘‘، بعيد المجزرة الكيماوية بـ10 أيام حيث قال : “قبل عشرة أيام، شهد العالم برعب كيف قُتل الرجال والنساء والأطفال في سوريا في أسوأ هجوم بالأسلحة الكيميائية سجله القرن الحادي والعشرون”.

إلا أن الولايات المتحدة كانت مشغولة بإنجاز ما يسمى الاتفاق النووي مع إيران مستخدمة أرواح السوريين في مجزرة الغوطة كورقة للمساومة والتفاوض لا أكثر، لتنتهي بعد ذلك مسرحية التهديد والوعيد الأمريكي لنظام الأسد على جريمته الكيماوية بمنحة ضوءاً أخضر لارتكاب جميع أنواع الجرائم والمجازر بمختلف الأسلحة.

والآن وبعد 5 أعوام من مجزرة الكيماوي في الغوطة التي تلتها الكثير من المجازر المماثلة كان آخرها هجمات بالغازات السامة على مدينة دوما في نيسان/أبريل من هذا العام 2018، حيث تم توثيق استشهاد أكثر من 75 شخصا بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى مئات من حالات الاختناق، لم يعد وصف ردود الأفعال الدولية وفي مقدمتها الأمريكية، على مجازر نظام الأسد الكيميائية بالصمت أو التخاذل، فقد وصل الأمر إلى حدود أبعد من ذلك بكثير.

مطالبات بمحاسبة الأسد

وتتكرر حملات التذكير والمطالبة بمحاسبة نظام الأسد على جرائمه طوال سبعة أعوام من الثورة السورية، حيث أطلق ناشطون سوريون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتذكير بمجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام قبل خمس سنوات في الغوطة الشرقية.

وتتزامن الحملة مع الذكرى الخامسة للمجزرة التي وقعت بتاريخ 21 آب عام 2013، حين شن النظام، هجومًا بغازات سامة على الغوطة الشرقية التي كانت واقعة تحت سيطرة المعارضة، واعتبر هذا الهجوم الأعنف منذ بدء النزاع عام 2011.

وانتقد القائمون على الحملة، التي حملت اسم “كيماوي الأسد”، المجتمع الدولي بسبب تغافله عن محاسبة المتورطين في المجزرة، معتبرين أنه اتبع سياسية “التساهل ومنح الوقت” تجاه نظام الأسد.

وطالبت الحملة بسحب جائزة “نوبل” للسلام التي مُنحت لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بعد أقل من شهرين على مجزرة الغوطة، وذلك بسبب “جهودها واسعة النطاق في سبيل القضاء على الأسلحة الكيمياوية والحد من انتشارها”.

واعتبر الناشط السوري ’’وائل عبد العزيز‘‘، أن سكوت المجتمع الدولي عن هذه الجريمة وغيرها كان موافقة عليها ورعاية للجرائم التي تلتها والمستمرة إلى اليوم.

وعبرت المعارضة ’’سهير الأتاسي‘‘ قائلةً: ’’لأجل إحياء ذكرى مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق.. حيث لا سلام بلا عدالة لأجل أرواح الضحايا.. ولا عدالة بدون محاسبة وقصاص من السفاح الأسد‘‘.

بينما قالت الناشطة من الغوطة الشرقية، ’’لازلنا وسوف نبقى دائما نطالب بمعاقبة نظام الأسد وكل من له يد بكل ما سبق من مجازر واجرام بحق المدنيين.. ولازلنا ندين الصمت الدولي المخجل بحق الانسانية‘‘.

وشددت ’’إيمان حسين‘‘ على التذكير بأن الأسد هو المسؤول الأول والأخير عن مجازر الكيماوي في سوريا في حين تم ذلك بمساعدة و بتغطية دولية.

واستمر نظام الأسد باستخدام أسلحة محرمة دولياً رغم إعلانه تفكيك كل ما يملك من مخزون كيماوي، إذ وثقت الشبكة السورية 207 هجمات كيماوية في سوريا بعد مجزرة الغوطة.

فيما ينفي نظام الأسد مراراً استخدامه أسلحة محرمة دولياً، متهماً فصائل المعارضة بذلك، بينما تواصل روسيا استخدامها حق النقض (الفيتو) في أي محاولة لإدانة الأسد، معرقلةً الجهود الدولية للتعرف على هوية الفاعل.

وانتهى مطاف الغوطة الشرقية، بعد حصار سنوات من قبل نظام الأسد وحلفائه روسيا وإيران، مستخدمين كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً لإبادة المعارضين للنظام من مدنيين وعسكريين، ليقوم بتهجيرهم إلى الشمال السوري برعاية روسية بعد ارتكاب العديد من المجازر بحقهم، كان أخرها ’’مجزرة الكيماوي في دوما‘‘.

وستبقى مأساة الشعب السوريّ صفحةً سوداءً في تاريخ السياسة العالمية الحديث، وستبقى مجزرة ’’كيماوي الأسد‘‘ الأكثر دلالة على الدعم العالميّ اللامحدود للإبادة الّتي يرتكبها نظام الأسد بحقّ الشعب السوريّ منذ آذار 2011 حتى هذا اليوم.

ويسعى الناشطون السوريون دائماً لإحياء ذكرى ضحايا مجزرة الكيماوي وغيرها من كلّ عام، للتذكير بوحشية نظام الأسد الدكتاتوريّ وبمواقف المجتمع الدوليّ الّذي يدّعي الدفاع عن الحريّات وحقوق الإنسان في العالم، فقد سمحت تلك المواقف له ولحلفائه الإيرانيّين والرّوس باستخدام شتّى أنواع الأسلحة وارتكاب المزيد من المجازر طيلة السنوات الّتي تلت الهجوم الكيماويّ.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل