ياسر محمد – حرية برس
مع اقتراب اتفاق “أستانا” من نهايته يوم 19 آب الجاري، وقبل زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنقرة بعد غد الاثنين، بادرت روسيا وقوات نظام الأسد إلى شن هجوم جوي واسع على منطقة “خفض التصعيد” في إدلب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، ما أدى إلى سقوط أكثر من 40 شهيداً وعشرات الجرحى، جميعهم من المدنيين، فيما اختلفت آراء المحللين والناشطين بين من يقول إنها بداية معركة إدلب، ومن يرى أنها تمهيد لفرض شروط روسيا وإيران على تركيا (الطرف الثالث في اتفاق أستانا).
فبذريعة قيام فصائل المعارضة بـ”استفزازات” تتمثل بملاحقة مروجي “المصالحات” في إدلب وجوارها، أقدمت روسيا وطائرات الأسد بشكل مفاجئ على شن هجوم وحشي على قرى وبلدات ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وحلب الغربي، مسببة سقوط عشرات الشهداء والجرحى، وكانت أكبر مجازر أمس الجمعة في أورم الكبرى غربي حلب، حيث قتلت الغارات الجوية نحو 25 مدنياً، معظمهم من الأطفال، فيما أكدت مصادر معارضة أن النظام لم يتقدم برياً، وأن حملة الأمس كانت جوية فقط.
إلا أن سياسيين ومحللين سوريين رأوا أن معركة إدلب قد بدأت بالفعل، وقال الكاتب المعارض عبد الرحمن الحاج في تغريدة على “تويتر”: “إدلب على شفير حرب طاحنة”، ليقول في تغريدة لاحقة: “معركة إدلب ستكون فاصلة: لنا أو علينا”، ثم ليوضح سير المعركة وفق رؤيته بالقول: “سيتم قضم إدلب على مراحل، في إطار المرحلة الأولى: الريف الجنوبي وجسر الشغور وغربي الأوتوستراد”.
وهو ما نبّه إليه المحلل العسكري العميد المنشق أحمد رحال، بالقول: “واجهوا في سهل الغاب، قاوموا في ريف حماه، دافعوا في جبل شحشبو وجبل الزاوية، لكن إياكم أن تغفل عيونكم عن جبهة الساحل”، في إشارة واضحة إلى تعدد الجبهات وأولوية جبهة الساحل التي تتاخم ريف إدلب الغربي، والتي تستهدفها روسيا قبل غيرها في المنطقة.
على الصعيد السياسي، وبما يتصل بمعركة إدلب، حضت إيران نظام الأسد على إطلاق معركة إدلب بلا تردد، وحرض رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، خلال اتصال هاتفي مع وزير دفاع النظام السوري العماد علي أيوب، على “مضي الجيش السوري قدماً بكل عزم في مسار مكافحة الإرهابيين أكثر من أي وقت مضى”، في إشارة إلى معركة إدلب التي يتأهب النظام لفتحها. ووفقاً لوكالة “تسنيم” الإيرانية، فإن باقري أعرب عن أمله في أن “يشهد الشعب السوري في القريب العاجل خروج الإرهابيين وسائر القوات المحتلة والأجنبية من التنف وشرق الفرات”، في إشارة إلى القوات الأميركية.
من جهته؛ بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تطورات الوضع في سوريا، لا سيما ما يتعلق بالتطورات في إدلب، في اتصال هاتفي أمس مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كما بحث وزير الخارجية التركي، ملف إدلب، مع مدير مكتب الرئاسة الإيرانية، الذي زار تركيا أمس، فيما يتوقع الخبراء أن يتم حسم ملف آخر قلاع المعارضة خلال زيارة سيرغي لافروف إلى أنقرة بعد غد الاثنين، وتخشى تركيا من موجة نزوح مليونية حال شن هجوم بري واسع على إدلب التي تؤوي نحو 3 ملايين ونصف المليون من سكانها والنازحين إليها، وفي هذا الشأن أبدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف” خشيتها على مصير نحو مليون طفل يعيشون في إدلب وجوارها، وقالت إن 350 ألف طفل منهم ربما لا يجدون ملاذاً يهربون إليه في حال شن عملية عسكرية واسعة.
عذراً التعليقات مغلقة