أسقطوا دستور “الحريري” قبل فوات الأوان

ياسر الأطرش26 يوليو 2018آخر تحديث :
أسقطوا دستور “الحريري” قبل فوات الأوان

يسابق ستافان دي مستورا الزمن، ليعلن دستوراً سورياً يكرّس نظام الإبادة الكيماوي، بعد عمليات تجميل تمرُّ عبر حقن بعض الشخصيات “المعارضة” في جسد النظام، ليبدو ديموقراطياً تعددياً مستقلاً، لا سلطة عليه إلا من قبل روسيا وإيران وإسرائيل، لكن تحت مسمى السيادة الوطنية التي سوف يتم الاحتفاء بها كشعار لا تنازل عنه ولا محيد!.

السيد دي مستورا، الذي صار وسيط روسيا علناً ومنفذ أجنداتها في سوريا، يعتزم استغلال مرحلة الوهن التي تمر بها المعارضة، ورجحان كفة النظام ومن خلفه الاحتلالان الروسي والإيراني، لتمرير خطة “الدستور” الجديد قبل نهاية شهر أيلول القادم، فقد أعلن الرجل، أمس الأربعاء، في جلسة استماع أمام مجلس الأمن الدولي، أن لجنة الدستور ستكون ناجزة وتباشر أعمالها قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في العشر الأخير من أيلول، وجاء إعلانه وحماسه بعد تسليم رئيس هيئة التفاوض “نصر الحريري” أسماء الأعضاء الخمسين المقترحين لتمثيل “المعارضة” في لجنة صياغة الدستور، بانتظار تسليم النظام أسماء خمسين يمثلونه، بينما يختار دي مستورا خمسين آخرين يمثلون “المستقلين”.

وهذه الطبخة، ما كانت لتنضج لولا أن السيد “الحريري” أصر على أن يكون أحد مكوناتها، متحدياً مجتمع الثورة الذي صرخ بأعلى صوته وفي كل منابره: لا للدستور، ولا للعبة الروسية المفضوحة التي طُبخت في “سوتشي” وتم تسويقها أممياً للقضاء على آخر طموحات وآمال الثورة السورية.

ويدرك دي مستورا، وأطراف اللعبة، بما فيهم لجنة الحريري، أن هذا هو الوقت الأنسب لتمرير خدعة الدستور.. خيبة تسري في أوساط الثوار بعد خسارة معظم معاقلهم، ويأس يدب في قلوب الحاضنة الشعبية التي باتت محاصرة بلا خيارات، ومصير إدلب يطغى على الأفكار سطحاً وعمقاً، ما يجعل المسار السياسي بعيداً عن بؤرة الأحداث نوعاً ما، أو مقبولاً من الذين يشعرون بهزيمة مؤقتة يعتقدون أنها دائمة، أو هكذا يُوحى إليهم.

ولأنه لا وقت نضيعه، فإن البيان الذي أصدره سياسيون وحقوقيون وناشطون معارضون، تحت عنوان (بيان إلى الرأي العام حول ما يُسمى اللجنة الدستورية)، جاء في وقته تماماً، مع الحاجة إلى تصعيده لتشكيل تيار عريض يوقف الجريمة أو يسمح بالتنصل من مخرجاتها على أقل تقدير.

درعا تُذبح، وإدلب تنتظر مصيراً ربما يكون أسوأ، وكل يوم تُنشر صور شهداء تحت التعذيب قضوا في مسالخ النظام، وروسيا تطارد اللاجئين السوريين في شتاتهم لتعيدهم غصباً إلى حظيرة الأسد أذلة صاغرين، ورئيس هيئة التفاوض يبحث “تعديلات دستورية” في بلد يقبع تحت احتلالين ونظام فاقد لكل شرعية ومتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية!!.

أما كان أولى بمن نصبته الدول ناطقاً باسم الشهداء وقائماً على حقوقهم بأن يطارد نظام الإبادة الكيماوي في المحاكم والمحافل الدولية؟..

أما كان أولى أيها المتحدث باسمنا ومن ستوقع عنّا لو عاندتَ وقاتلتَ من أجل التفاوض على بند واحد لا غير، وهو رحيل نظام الأسد وتشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة، كما تعهدتَ أمام أهلك وشهدائهم؟.. وكما نص بيان جنيف1 الذي كان وما زال منطلق كل تفاوض.

أما الحديث الاستعراضي لهيئة التفاوض – التي لم يتدخل السوريون مطلقاً في اختيارها – عن رحيل النظام، فلم يعد يمر على أحد، فالذي يريد إسقاط النظام لا يجلس معه للتوافق على “دستور جديد”، إلا إذا كان قد تلقى وعداً منه بإسقاط نفسه!!..

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل