أمن إسرائيل ومستقبل سورية

رضوان زيادة24 يوليو 2018آخر تحديث :
أمن إسرائيل ومستقبل سورية

كان ملفتاً بشكل كبير ما قاله الرئيس الروسي بوتين خلال مؤتمره الصحفي مع الرئيس الأمريكي ترامب في هلسنكي، ذكر في نهاية المؤتمر وهو يقرأ نصاً مكتوباً ” لقد ناقشنا “سحق الإرهابيين” في جنوب سوريا واتفقنا أن المنطقة “يجب أن تتماشى مع الالتزام الكامل” باتفاق “فصل القوات” بين إسرائيل وسوريا لعام 1974. وقد ذكر بوتين الاتفاق بوصفه السبيل الأمثل لحماية الأمن الإسرائيلي وإصلاح العلاقات بين إسرائيل ونظام بشار الأسد.

وأضاف بوتين “هذا سيحقق السلام في مرتفعات الجولان ويجلب علاقة أكثر سلامًا بين سوريا وإسرائيل، وأيضاً تحقيق الأمن لدولة إسرائيل”. وأضاف على لسان ترامب مؤكداً الاتفاق على هذه الصيغة “لقد أولى [ترامب] اهتماما خاصا لهذه القضية خلال مفاوضات اليوم، وأود أن أؤكد أن روسيا مهتمة بهذا التطور، وهذا سيعمل وفقا لذلك.”

هذا التعبير “أمن إسرائيل” اعتدنا سماعه كثيرا من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، الذين تعاقبوا على شغل البيت الأبيض أو حكم إسرائيل خاصة بعد بدء مفاوضات السلام عام 1991، هذه اللغة شبه ماتت بعد ثورات الربيع العربي وأخذ الموضوع العربي – الإسرائيلي حيزاً ثانوياً في النقاش في المنطقة، ومع دخول سورية أزمة إنسانية وكارثة على المستوى البشري تحولت الأنظار إليها، سيما أن أزمات عدة ارتبطت بالحل بسورية مثل اللاجئين وأمن حدود الدول الإقليمية والهجرة وغيرها، لكن الطريف في الأمر اليوم أن يعود تعبير “أمن إسرائيل” إلى الواجهة وعلى لسان بوتين الذي هو متعهد سورية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، فمن يريد أن يعقد صفقة مع سورية لا يتحدث إلى “الرئيس المنبوذ” أو “الحيوان” كما وصفه ترامب وإنما يذهب إلى متعهده وهو بوتين كذلك فعل الإسرائيليون والفرنسيون عند إدخال المساعدات إلى الغوطة الشرقية، والأمريكيون والأتراك وغيرهم، وحتى الإيرانيون لا بد لهم من الذهاب إلى موسكو لأن لا قيمة لشخص يدعي أنه رئيس لكن لا سلطة له على بلده عملياً وفعلياً على الكثير من أجزائها.

تنقل صحيفة الواشنطن بوست أن “هناك إرباكاً كبيراً داخل وخارج إدارة ترامب حول “الاتفاقات” التي أبرمها الرئيس ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما الخاص في هلسنكي. شيء واحد نعرفه هو أنه – بعد القمة – يؤيد ترامب الآن صفقة حول سوريا وقعها بوتين في الأسبوع السابق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فقبل قمة ترامب ـ بوتين الخاصة، اتصل نتنياهو ترامب لاطلاعه على تفاصيل الاتفاق. وكان نتنياهو قد استكمل الشروط مع بوتين خلال زيارته لموسكو. تحدث بوتين وترامب علنا ​​عن الاتفاقية في هلسنكي” وقد وصفت صحيفة الواشنطن بوست هذه الاتفاقية بأنها ستعيد “تشكيل كيفية تأثير قوى الشرق الأوسط في جنوب سوريا في الأشهر والسنوات القادمة.

الطريف في الأمر أن “أمن إسرائيل” لم يكن يوماً تحت التهديد وهو أكثر استبعاداً اليوم أكثر من أي يوم مضى، فإسرائيل بقوتها العسكرية تستهدف أهدافاً داخل سورية تدعي أنها لمواقع إيرانية بشكل يومي ولا أحد يستطيع الرد عليها، بل وتصمت موسكو حول ذلك وربما تدعمه في الخفاء.

لكن ما لم يتم الحديث عنه هو “أمن السوريين” ما مستقبل هؤلاء 23 مليون الذي هاجر ونزح أكثر من نصفهم، وكلهم يخشى البقاء تحت حكم نظام قاتل لا مهنة له سوى التعذيب والقتل، يحكم بالقوة العارية ولا يهمه أمن السوريين ولا مصالحهم، وهو ما يدركه السوريون، لكن أن يتجاهل المجتمع الدولي محنتهم ومعاناتهم ويكترث فقط “بأمن إسرائيل”، أعتقد أن هذه هي قمة التجاهل والاستخفاف بعقول السوريين وقلوبهم، والقول لهم إن أمنكم ليس مهماً لنا وإن عرقا أكثر نبلاً أكثر أهمية لنا، موتكم لا يعنينا وحياتكم لا تهمنا، لأن شعباً آخر له الأمن والحماية على حسابكم.

لقد تخلت الولايات المتحدة ومعها إدارة ترامب كلياً عن المعارضة السورية عندما خرقت روسيا اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع الولايات المتحدة وساعدت الأسد على استعادة السيطرة على الجنوب، قتلت روسيا مع الأسد مئات المدنيين من الأرض والجو. ونزح ما يقارب من 140 ألف مدني سوري بسبب القتال وظلوا محاصرين وبحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. حيث أغلقت الأردن الحدود بوجههم.

لقد أوضح ترامب أن أولويته هي سحب كل القوات الأمريكية من سوريا وعدم الاكتراث بما يجري في سورية. فقد قام ترامب بتجميد جميع المساعدات للمعارضة والسكان المدنيين في شمال شرق سورية، وهي منطقة قامت الولايات المتحدة بتحريرها من داعش وتتحمل المسؤولية الأخلاقية في إعادة بنائها.

لكن مادام أمن السوريين لا يستحق النقاش أو البحث، فكيف لنا أن نعتب إذا كانت أرض سورية مستباحة وليس لها من يبحث عن أمنها.

المصدر تلفزيون سوريا
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل