روسيا تساعد بإجلاء “الخوذ البيضاء”.. والنظام يشيطنهم

فريق التحرير23 يوليو 2018آخر تحديث :
Anadolu Agency

ياسر محمد – حرية برس

أثار خبر إجلاء مئات من عناصر الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” إلى الأردن، فجر أمس الأحد، جدلاً دولياً ومحلياً واسعاً، خصوصاً مع مشاركة دولة الاحتلال الإسرائيلي في عملية إجلائهم، ليصلوا الأردن قبل نقلهم وتوطينهم في كندا وألمانيا وبريطانيا لاحقاً.

وتأتي العملية بطلب رسمي من وزارة الخارجية الأميركية وبتنسيق تام مع القوات الروسية في سوريا، وبموافقة من نظام الأسد، ما جعل أوساطاً سياسية في تل أبيب تقول إن هذه العملية هي أولى ثمار التفاهمات الأميركية الروسية التي تعطي إسرائيل لأول مرة دوراً سياسياً معترفاً به في سوريا. كما أنها أول ثمرات قمة هلسنكي التي جمعت ترامب وبوتين، وطلب الأول خلالها من نظيره الروسي المساعدة في إجلاء عناصر تلك المنظمة الإنسانية التي يُنسب إليها إنقاذ أرواح أكثر من مئتي ألف سوري، كما أنها قدمت عشرات الشهداء ومئات المصابين من عناصرها أثناء تأدية مهامهم الإنسانية.

ونقل بيان لوزارة الخارجية الأردنية عن الوزير أيمن الصفدي قوله إنه بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف تفاصيل مهمة جلب عمال الإنقاذ إلى الأردن. ما يؤكد موافقة ومساعدة موسكو في العملية.

إلا أن نظام الأسد استغل العملية لشيطنة “الخوذ البيضاء”، على الرغم من ضلوعه في إجلائهم، وكتبت وكالة “سانا” الناطقة باسم النظام، تحت عنوان: “العدو الإسرائيلي يهرّب أدواته من عناصر الخوذ البيضاء من جنوب سورية إلى الأردن”: “بعد أن افتضح أمرهم وانتهى الدور الموكل إليهم كشف كيان العدو الإسرائيلي اليوم عن قيامه بـ (عملية سرية ليلية) هرب خلالها نحو 800 عنصر ممن يسمون أصحاب (الخوذ البيضاء) وعائلاتهم من منطقة في جنوب سورية ونقلهم برا إلى الأردن”.

وتابع موقع “سانا”: “وكانت الدلائل والوقائع والصور وحقائق الميدان عرت الصورة التي حاول صانعو الإرهاب وداعموه في سورية إصباغها على ما يسمى جماعة (الخوذ البيضاء) وأثبتت أنها إحدى أذرع التنظيمات الإرهابية وتعمل لتنفيذ أجندات الدول التي تدعم الإرهاب في سورية بمزاعم العمل الإنساني”.

وليست “سانا” ووسائل إعلام النظام وحدها من حاولت “شيطنة” العمال الإنسانيين الذين اتخذوا من قوله تعالى “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً” شعاراً ومنهجاً لهم.. بل احتدم النقاش وانقسم جمهور المعارضة إلى فريقين: مهاجم لهم استناداً إلى مشاركة “إسرائيل” في العملية واهتمام الدول الغربية بهم تحديداً دون غيرهم، وبين مدافع عمن ساهم بإنقاذ مئات آلاف الأرواح وقدم التضحيات الجسام خدمة للإنسانية والثورة وحاضنتها.

الكاتب والسياسي السوري محي الدين لاذقاني، كتب في صفحته على تويتر معلقاً: “الخوذ البيض أنبل ظواهر الثورة السورية والمجتمع السوري ومن ينتقدهم في هذه المرحلة عليه أن يتذكر أن كل الأطراف كانت تذبح وتقتل وتقصف، وهم الوحيدون ظلوا في الميدان ينقذون الأطفال والنساء والشيوخ من تحت أنقاض الطيران الروسي والأسدي ووحشية الميليشيات”.

فيما وجهت المذيعة في قناة الجزيرة، روعة أوجيه، كلامها للمزاودين من “الممانعين” العرب، فكتبت: “بخصوص الجالسين في راحة دولهم (اللطيفة) يستنكرون عبور الخوذ البيضاء الأراضي المحتلّة للفرار من الأسد، أذكّركم بأن الأسد يعتبرهم إرهابيين وروسيا تعتبرهم ملفّقي تهم، بالتالي بأي اعتبار تتوقّعون أنّهم كانوا سيتركونهم أحياء؟ أم موت مئات لا يزيد شيئا على صمتكم عن موت نصف مليون سوري؟”.

جدير بالذكر أن روسيا سخرت آلتها الدعائية الإعلامية لشيطنة وتجريم “الخوذ البيضاء” حتى قبل تدخلها العسكري لقمع الثورة السورية عام 2015، ودائما ما كانت تروج أن الخوذ البيضاء يتبعون مباشرة لـ”جبهة النصرة” في إصرار على تصنيفهم جماعة “إرهابية”.

أما نظام الأسد فقد قدم عشرات الروايات المفضوحة عن قيام “الخوذ البيضاء” بفبركة جرائم القصف الكيماوي على مواقع عديدة في سوريا.

وتعتبر “الخوذ البيضاء” آخر منظمة مدنية كبرى ينتهي عملها بانسحاب أفرادها أو بعضهم من سوريا، بانتظار ما سيؤول إليه مصير المنظمة في إدلب وجوارها، آخر مناطق المعارضة التي يعمل بها الدفاع المدني، والمهددة بمصير درعا في حال عدم التوصل لاتفاق إقليمي يغير المعادلة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل