قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن الاحتجاجات المتواصلة في مدن جنوبي العراق تضع مستقبل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على “كف عفريت”، وهو الطامح إلى ولاية ثانية بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في الثاني عشر من مايو الجاري.
وكانت التظاهرات، المستمرة للأسبوع الثاني على التوالي، قد بدأت في مدينة البصرة الغنية بالنفط، كبرى مدن الجنوب، وامتدت بعد ذلك إلى مدن الناصرية والسماوة والنجف وكربلاء، حيث اقتحم المتظاهرون المكاتب الحكومية، لكن التطور غير العادي هو مهاجمة المحتجين المباني التابعة لـ”الحشد الشعبي”، وهي المليشيات الشيعية التي أُقحمت في صفوف الجيش، كما عطّلوا حركة الملاحة في مطار النجف الدولي.
التظاهرات أدت إلى وقوع عدة قتلى بين المتظاهرين، بالإضافة إلى إصابة العشرات بجروح، وزيادة الضغوط على العبادي، الذي بات في موقف “حساس جداً”، فهو مسؤولٌ اليوم عن حكومة لتصريف الأعمال ستبقى قائمة حتى تتفق الأحزاب المختلفة على تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات مايو الماضي.
وتقول “الغارديان”: “إن التظاهرات ستحدد ما إذا كان العبادي قادراً على البقاء في منصبه لولاية ثانية أم لا؟ بعد الانتصار الهش الذي تحقق على تنظيم داعش”.
وهيمن حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه حيدر العبادي، على منصب رئاسة الوزراء في الدورات الانتخابية الماضية، في حين فازت كتلة “سائرون”، التابعة لمقتدى الصدر، بالمركز الأول في الانتخابات الأخيرة، ولكن ليس شرطاً أن يتمكن الصدر من تقديم رئيس الوزراء من كتلته.
يقول سكان البصرة؛ التي تصدّر قرابة 80% من نفط العراق، إنهم يعانون الإهمال، سواء في زمن النظام السابق أو النظام الذي جاء بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
وتمثل صادرات البصرة نحو 95% من عائدات الدولة في العراق، وقد تؤدي الاحتجاجات المتواصلة في هذه المدينة النفطية إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، بحسب “الغارديان”.
تظاهرات البصرة طالت المنشآت النفطية بالمدينة، ففي يوم الثلاثاء الماضي، تجمَّع عند المدخل الرئيس لحقل الزبير نحو 250 شخصاً قبل أن تفرِّقهم قوة مكافحة الشغب، مستخدمةً الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه؛ ما أدى إلى مقتل ثلاثة متظاهرين، كما توفي متظاهر آخر في تجمُّع مماثل قرب حقل القرنة، أحد أكبر حقول النفط في البلاد.
رجل الدين الشيعي، علي السيستاني، وخلال خطبة الجمعة الماضية، التي يلقيها نيابة عنه أحد ممثليه، ألقى بثقله وراء الاحتجاجات.
أهالي البصرة قالوا إنهم يسمعون عن النفط، لكنهم لا يرون أثره وفوائده عليهم؛ “الغرباء لديهم وظائف جيدة في حقولنا النفطية، ونحن لا نملك ثمن سيجارة!”، كما يقول عصام جبار (24 عاماً).
أما مرتضى رحمن، فيقول للصحيفة البريطانية: “أعيش بمكان غني بالنفط ويجلب المليارات، في حين أعمل أنا بجمع القمامة لإطعام طفلين، لقد تعرضت للضرب من قِبل الشرطة، أنا لا أريد شيئاً سوى وظيفة، هذا مطلبي الوحيد”.
عذراً التعليقات مغلقة