’’الهجرة‘‘ حلم شباب غزة نحو واقع مجهول لتأمين المستقبل

فريق التحرير112 يوليو 2018آخر تحديث :
شاب من غزة يحمل الجواز الفسطينيي ليسافر به عبر بوابة معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة – أرشيف

فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:

التفكير بالهجرة من قطاع غزة أصبح هاجساً يسيطر على أذهان وعقول الكثير من الشبان الغزاويين، ويتجلى ذلك في بعض مظاهر التهيئ والاستعداد والتحضير وإصدار الوثائق اللازمة للسفر، إضافة إلى إقبال المئات من الشباب في قطاع غزة على الالتحاق بمراكز تعليم اللغات الأجنبية حتى تكون عوناً لهم وتقربهم من تحقيق تطلعاتهم في غربتهم عن الوطن، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من المقبلين منهم لتجديد جوازات سفرهم أملاً في إيجاد مستقبل وحياة كريمة لهم.

التفكير بالهجرة

ويقول الشاب ’’خصي وشاحي‘‘ البالغ من العمر 24عاماً لحرية برس، إن “الوضع الإقتصادي الصعب والكارثي الذي يمر به قطاع غزة جعل الكثير من الشباب يفكرون بالهجرة خارج الوطن من أجل البحث عن حياة كريمة ومستقبل جيد لهم، وأنا أحد هؤلاء الشبان الذين يفكرون بالهجرة إلى دولة تركيا للبحث عن فرصة عمل، فوجودي في غزة، جعلني أصابني بإحباط نفسي ويأس من هذا الواقع البائس‘‘.

وأضاف ’’وشاحي‘‘، وهو شاب متخرج من كلية إدارة الأعمال من جامعة الأزهر بمدينة غزة، قائلاً: ’’تخرجت من الجامعة قبل عامين، وسعيت في الحصول على فرصة عمل في أحد المؤسسات والجمعيات أو حتى الحكومة بغزة، إلا أنني لم أحصل على شيئ، وبقيت أعيش بحالة الإحباط واليأس، وجلوسي داخل المنزل لساعات طويلة زاد من حالتي النفسية في ظل الوضع الإقتصادي والسياسي الأسوأ الذي يمر به قطاع غزة منذ ما يزيد عن عشر سنوات‘‘.

وأشار ’’وشاحي‘‘ إلى أن الحصار قد دمر أجيال من الشباب الموهوبين القادرين على الإبداع والتميز كلٌ في تخصصهِ ومجالهِ، إلا أن الظروف كانت أقوى من جميعهم، لافتاً إلى أنه فأنا سيهاجر هرباً من اليأس والإحباط من قطاع غزة آملاً الحصول على عمل في أي مجال في تركيا تجعله ينسى ما حل به في الأيام الماضية.

وبيّن ’’وشاحي‘‘، أن بلده غير قادرة على حماية وحضن فئة الشباب المتعلم والقادر على العمل، حيث أنه حصل على العديد من الدورات المتقدمة في الإسعافات الأولية وتطوع في العديد من المؤسسات الدولية والمحلية في ظل اليأس من تخصصه، متأملاً الحصول على فرصة عمل، وهذا الأمر جعل الكثير من الشباب يفكر بالهجرة في ظل أن معبر رفح البري مفتوحاً، فالبلاد الأخرى الأوروبية قادرة إلى حماية الشباب وتوفير أدنى فرص العمل لهم، حسب قوله.

ويأمل ’’وشاحي‘‘ في الذهاب إلى تركيا بعد حصوله على تأشيرة سفر لدخول الأراضي التركية والحصول على فرصة عمل هناك، في ظل الوضع الإقتصادي والكارثي والسيئ داخل قطاع غزة ناهيك عن المحسوبية والواسطة التي تطال المؤسسات الخاصة والأهلية قبل الحكومية، والتي حتمت على الكثير من الشباب بالهروب من الواقع المرير والصعب الذي يعيشونه، بحثاً عن واقع جديد ربما يكون جيداً بالنسبة لهم.

الندم بعد السفر

من جهته، يقول الشاب ’’هيثم الإفرنجي‘‘، أحد المهاجرين قبل شهر من قطاع غزة في حديثه لحرية برس، في البداية “كنت أفكر في السفر منذ سبعة سنوات تقريباً للخروج من غزة التي أصبحت صعبة علية، إلا أنني لم أكن أمتلك المال الكافي لكي أهاجر، رغم ممارستي الضغط على عائلتي بشكل يومي من أجل السفر، إلا أنهم كانوا يمنعوني بشتى الوسائل‘‘.

وأوضح ’’الإفرنجي‘‘ أن جميع محاولات الضغط على عائلته بائت بالفشل في البداية، وذلك لعدم مقدرة العائلة على تكاليف هجرته، إلا أن تهديداته لهم بإيذاء نفسه أجبرهم على مساعدته حتى يخوض تلك التجربة.

ولفت ’’الإفرنجي‘‘ إلى تعرضه للعديد من الصعوبات التي طرأت عليه خلال رحلة السفر التي بدأها من مصر إلى تركيا، إلى أن اضطر مع أصدقائه الذين هاجروا معه إلى النوم في الطرقات بعد مغادرتهم المنزل لعدم قدرتهم على دفع أجرته.

وأشار الشاب المهاجر إلى أنه لم يستطع البقاء في تركيا، مما اضطره إلى مغادرتها محال المهاجرين الذين يغادرونها إلى اليونان عبر طرق التهريب للوصول إلى أحد الدول الأوربية، مشيراً إلى أنه يعمل الأن في اليونان من أجل جمع مبلغاً من المال يكفيه ليكمل الطريق إلى بلجيكا.

وتوجه ’’الإفرنجي‘‘ بنهاية حديثه إلى شباب غزة الذين يفكرون بالهجرة منها نتيجة الوضع الاقتصادي الذي يعانون منه، في ظل انعدام الفرص للحصول على فرصة عمل هنا أو هناك، قائلاً: “الرحلة والهجرة من غزة ليست بالنزهة كما يعتقد الشباب فجميعها مخاطر تواجه بها الموت أكثر من مرة‘‘، لافتاً إلى أن الوطن أولى بهم من التفكير بالهجرة وإنفاق الكثير من المال على ذلك.

وبحسب ما ذكره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أظهرت نتائج مسح واقع الشباب الفلسطيني أن حوالي 24% من الشباب من سن 15 إلى 29 عاماً في الأراضي الفلسطينية لديهم الرغبة في الهجرة إلى الخارج، بالإضافة إلى أن 40 ألف خريج وخريجة يتخرجون من الجامعات في الضفة الغربية وقطاع غزة سنوياً، بينما يستوعب سوق العمل المحلي 8 ألاف منهم فقط حسب ما أورده مركز جهاز الإحصاء.

وتعد الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة السبب الرئيسي ومؤشراً خطيراً لزيادة نسبة الرغبة في الهجرة إلى الخارج، حيث بلغت نسبة الشباب الذين يرغبون في الهجرة إلى الخارج في القطاع 37 % مقابل 15% في الضفة الغربية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل